الإمارات وسوريا.. منافسة رياضية وسط أجواء سياسية دافئة
من أروقة السياسة إلى ملاعب كرة القدم تمضي العلاقات الإماراتية السورية في أبعاد تتقاطع عند رؤية تكرس مسار الروابط بين الأشقاء.
فبين زخم سياسي كانت الإمارات رائدة فيه عبر اقتحام الطوق المضروب على سوريا، وروح المنافسة الكروية، يشاء القدر أن يكون البلدان على موعد مع مباراة في كرة القدم بعد أيام من مائدة حوار تفتح الطريق أمام دمشق للعودة إلى الحضن العربي مجددا.
ففي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، شكلت زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، إلى دمشق موضع اهتمام العالم، ليس لكونها فقط الأولى لمسؤول إماراتي بهذا المستوى منذ أكثر من 10 أعوام، وإنما لأبعادها التي تستبطن نهجا إماراتيا متوازنا يفتح أمام دمشق بوابة العودة إلى الجامعة العربية.
زيارة شكلت الحدث في عالم السياسة قبل أن يعقبها حدث لكن رياضي هذه المرة، بعودة الإمارات وسوريا إلى الواجهة مجددا من خلال البساط الأخضر في مباراة كرة القدم بين الفريقين الشقيقين في كأس العرب بقطر.
حوار رياضي من الطراز الأول بين المنتخبين الإماراتي والسوري، يأتي بعد مقابلتهما الأخيرة في سبتمبر/أيلول الماضي، والتي شكل فيها التعادل الإيجابي عنوان المواجهة بهدف لكل منهما، في حدث استضافه ستاد الملك عبدالله الثاني في الأردن، ضمن منافسات الجولة الثانية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم "قطر 2022".
ولم يمر شهر على مباراة سبتمبر حتى كانت دمشق حاضنة لأول لقاء بين الأشقاء، ولكن هذه المرة داخل أروقة القصر الرئاسي السوري، حيث تبادل الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان الأحضان والسلام مع الرئيس السوري بشار الأسد، لتتصدر صور اللقاء مختلف وسائل الإعلام العالمية، وتؤكد مجددا على دور الإمارات في بناء جسور السلام والمحبة بين الأشقاء في العالم العربي.
ورحّب المراقبون بتلك الخطوة، مؤكدين أن "دولة الإمارات كانت سباقة في محاولة لم الشمل العربي خصوصا أن سوريا وشعبها لا يجب أن يكونا في معزل عن باقي أشقائهم في أي دول عربية".
كما عكست الزيارة الهدف الاستراتيجي لدولة الإمارات وهو حلحلة الموقف العربي تجاه دمشق، ومنح هذا الموقف قوة دفع إيجابية، وأخذ زمام المبادرة في هذا الشأن، بحكم ما يميز السياسة الخارجية الإماراتية وتحركاتها في الساحتين الإقليمية والدولية من قدرة على تهيئة الأجواء لإنهاء الخلافات والصراعات.
وكان التعليق السوري على الزيارة من داخل الإمارات حيث رأى سفيرها لدى أبوظبي الدكتور غسان عباس في زيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان لدمشق "فاتحة خير" لعودة بلاده للحضن العربي بعد جفاء لأكثر من 10 أعوام منذ اندلاع الصراع.
وأشاد بموقف الإمارات "المتبصر" بإعادة فتح سفارتها في دمشق عام 2018، معربا عن أمله بعودة سوريا إلى حضنها العربي خلال قمة الجزائر المقررة في مارس/آذار 2022، وبانفتاح أكبر ومساهمة كاملة من العرب بعودتهم إلى سوريا، مستشرفا دورا "رائدا" للإمارات في إعادة دمج سوريا بالصف العربي.
جهود إماراتية
وتبذل دولة الإمارات جهوداً كثيفة لحل الأزمة السياسية السورية، حيث تلقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتصالاً هاتفياً من الرئيس السوري بشار الأسد لبحث سبل تطوير العلاقات والتعاون بين البلدين.
ولم تمر أيام قليلة على هذه الزيارة التاريخية للشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، حتى أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أن سوريا حاضرة بالقمة العربية المقبلة، معربا عن أمله في أن "تكون انطلاقة جديدة للعمل العربي المشترك وجامعة وشاملة ولا تكرس التفرقة العربية".
ويعتبر الإعلان الجزائري بمثابة شهادة على قدرة الإمارات في إعادة العلاقات العربية العربية إلى طريقها الصحيح وخلق الأجواء الدافئة بين الأشقاء.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قررت الجامعة العربية تجميد مقعد سوريا لحين الالتزام الكامل من قبل دمشق بتعهداتها ضمن "المبادرة العربية" التي طُرحت آنذاك لحل الأزمة والاضطرابات الداخلية.
إلا أن المرحلة الحالية في سوريا على المستويات الأمنية والاقتصادية والسياسية تجاوزت الظروف السائدة في العام المذكور، ما دفع العديد من الدول إلى تبني عودة دمشق إلى الجامعة العربية.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE0MyA= جزيرة ام اند امز