نعم هي فوز وخسارة، ولكنّها في كثير من الأحيان تتعدى هذا المصطلح لتصل بالجماهير المتابعة إلى حالة كبيرة وعظيمة من الروحانية تجاه أوطانها
نعم هي فوز وخسارة، ولكنّها في كثير من الأحيان تتعدى هذا المصطلح لتصل بالجماهير المتابعة إلى حالة كبيرة وعظيمة من الروحانية تجاه أوطانها، إنّها كرة القدم مالئة الدنيا وشاغلة الناس.
لاشكّ أنّ أغلب الجماهير العربية التي تابعت مباراة منتخب الإمارات وأستراليا كانت تتوق لفوز الأبيض الإماراتي وهذا ما تمّ بالفعل، ولكن ثمة الكثير من النقاط التي لابدّ من التوقف عندها في هذه الملحمة الكروية كما وصفها المعلقون والخبراء الرياضيون حتى أطلق عليها البعض النهائي المبكر لما قدمه الفريقان من مستوى فني كبير.
تشجيع مختلف الجنسيات لهؤلاء اللاعبين واندفاعهم الكبير وحملهم الأعلام الإماراتية، تعبير عن حب بلد كان لهم الحضن الدافئ وفي هذا رسالة كبيرة للدول كافة في تعلم كيفية انتماء الوافدين إلى دول مستقرهم وحبهم الشديد لها والإمارات نموذج في ذلك
في الواقع أول نقطة يجب التوقف عندها هي التغير الجذري لدى لاعبي المنتخب الإماراتي لعباً وروحاً وشجاعةً، مما قادهم للظفر بنقاط المباراة ووصفهم بالمقاتلين المدافعين عن حدود مرماهم حتى الرمق الأخير من المباراة .
من أين أتت كل هذه الروح الشجاعة لدى لاعبي المنتخب الإماراتي؟
في المباراة السابقة وقف الجمهور الإماراتي مع منتخبه وقفة رجل واحد، وشجع بأصوات وقلوب تنادي "جدام يا الأبيض"، ومما زاد حماس اللاعبين حضور صاحب السمو الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، إلى ملعب المباراة وتفاعله الكبير مع أداء الكتيبة الإماراتية أمام قيرغيزستان، إذ استطاع أبناء زايد إنهاء مغامرة المنتخب الآسيوي الصاعد.
هذه النقطة بالذات كان لها عظيم الأثر في نفوس اللاعبين الإماراتيين الذي شعروا بحجم المسؤولية تجاه وطنهم ومدى اهتمام قادتهم بهم، فبعد أن أنجزت دبلوماسية وطنهم الإمارات ما عليها لينعم الإماراتي بالمركز الأول على صعيد قوة الجواز بين دول العالم، وكذلك ما حققه الجندي للذود عن حدود وطنه والعلماء في إطلاق القمر الصناعي نحو الفضاء، جاء الدور على الرياضيين ليسهموا في رفع علم الإمارات عاليا في المحافل الرياضية، وهذا ما عبر عنه صراحة نجم المنتخب الإماراتي صاحب هدف الفوز على أستراليا علي مبخوت حين كتب في صفحته على موقع تويتر رسالة إلى الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان، معاهدا إيّاه المضي قدما حتى تحقيق هدف اللاعبين جميعا بوصول المنتخب إلى الأدوار المتقدمة.
النقطة الثانية هي الإخلاص الشديد وتفضيل الوطن على الروح فعلاً لا قولاً عبر مشهد نادرا ما رأيناه في مستطيلات الكرة المستديرة وهو إصابة مدافع المنتخب الإماراتي فارس جمعة إصابة خطرة وإصراره الشديد العودة إلى أرض الملعب رغم رجاء الكادر الطبي والإداري له بعدم النزول إلى أرضية الملعب إلا أنّه أبى غير مشاركة زملائه الذود عن حمى مرمى خالد عيسى الشجاع الآخر بين مجموعة الإماراتيين الذين قدموا دروسا في التفاني من أجل الوطن من خلال لعبة يراها البعض مجرد تسلية لكنهم رأوا فيها فرصة لإضافة اسم الإمارات على العلياء.
النقطة الأخيرة هي حماس من يعيش في دار زايد الخير للمنتخب الإماراتي وتشجيع مختلف الجنسيات لهؤلاء اللاعبين واندفاعهم الكبير وحملهم الأعلام الإماراتية، تعبيرا عن حب بلد كان لهم الحضن الدافئ، وفي هذا رسالة كبيرة للدول كافة في تعلم كيفية انتماء الوافدين إلى دول مستقرهم وحبهم الشديد لها والإمارات نموذج في ذلك.
عبر الأبيض الإماراتي محيطات أستراليا وتجاوز موجها الجارف بقدم ثابتة وبعزيمة رجال عاهدوا قادتهم المضي قدما حتى تحقيق الريادة ولا بأس عليهم في مباراتهم المقبلة، فمن عبر البحر لا يخشى القطر.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة