أصبحت وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي وسيلة متاحة في يد الجميع دون استثناء، مما ساعد على تذليل الصعاب ونقل المعلومات المفيدة التي تصب في مصلحة الناس.
لكنها في الوقت نفسه، كانت وسيلة سلبية ساعدت على نقل الخطط الإجرامية، وأداة استخدمها أصحاب النفوس الضعيفة في الترويج للأفكار المنحرفة والمظللة.
كما استغلت بعض التنظيمات الإرهابية على اختلافها هذه الثورة المعلوماتية والاتصالية، وسخرتها بتجنيد الشباب حتى يكونوا تحت مظلتهم وسيطرتهم. إن العالم اليوم ليس بمعزل عن التأثير بهذه الجماعات المتطرفة ولا الأفكار الأيديولوجية التي سلبت عقول الشباب، وشوهت المفاهيم والفطرة الإنسانية لديهم.
إننا اليوم نحتاج إلى تضافر جهود جملة من مؤسسات المجتمع للوقاية والحماية، فعلى كل مؤسسة وضع خطط للسيطرة على تلك الأفكار الهدامة والحد منها.
لذلك فإننا نؤكد أن واحداً من ميادين تلك الحروب العلنية التي نخوضها بشكل يومي هو الميدان الإعلامي، حيث نلاحظ أن هذه الأفكار الإرهابية تنتشر عبر شبكة الإنترنت وتستغل وسائل التواصل الاجتماعي مثل: «إكس» و«فيسبوك» و«إنستغرام»، وغيرها لنشر أفكارها المسمومة، بل إن هذه الحسابات التي تنشر القصص الكاذبة، وتسعى إلى الترويج لقيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان تحت ستار الدين نحتاج إلى سن قوانين وعقوبات رادعة للحد من تأثيرها الإعلامي، وتضييق الخناق عليها.
هذه المهمة ليست معنية بها دولة واحدة، بل العالم بأسره، فلقد أدركت معظم دول العالم، أن قيم السلام والأمن تنطبق لمن يؤمن بالحياة والتعايش السلمي وليست مجرد كلام لا معنى له، حيث إنه لا يقضي على التشدد والتطرف إلا التسامح والتعايش والاختلاف ومساحة واسعة من تبادل الآراء ووجهات النظر.
إنها قيم الإمارات وما نعيشه اليوم على أرضنا المباركة وفي ظل قيادتنا الرشيدة الحكيمة، فهذه السياسة التي نعيشها واقعاً، لفتت أنظار العالم جميعاً وباتت وجهة ومكاناً لكل إنسان، ولقد استطاعت أن تغير أوضاع دول كثيرة في العالم وتساعدها في الخروج من الفاقة والبؤس والتعثر التنموي والاقتصادي وساهمت في التخفيف من وطأة الحروب والدمار في العالم.
لقد أصبحت دولة الإمارات عاصمة للتسامح وشريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات كثيرة ومرتبطة بنبذ العنف والتطرف والتمييز، ولقد بعثت برسالة قوية لتأكيد التسامح، عبر إطلاق الكثير من المبادرات لنشر مفهوم التسامح.
ففي يوليو/تموز صدر القانون رقم 2 لسنة 2015م بشأن مكافحة التمييز والكراهية الذي يهدف إلى إثراء ثقافة التسامح العالمي، ومواجهة جميع مظاهر التمييز والعنصرية. وفي فبراير/شباط 2016م تم استحداث منصب وزير دولة للتسامح لأول مرة في دولة الإمارات التي تدعم موقف الدولة نحو ترسيخ قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2012م، افتتح في أبوظبي، مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف المعروف بـ"هداية"، الذي يعمل على بناء الشراكات مع المؤسسات التي تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف الفكري والعقائدي المتسم بالتشدد والتعصب، والتطرف السياسي الذي يرفض قبول الآخر ويحاربه.
وتعتبر دولة الإمارات شريكاً أساسياً في عدد كبير من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، فضلاً عن كونها عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب وتعمل على تعزيز السلام والتعايش بين الشعوب كافة، فهي تحتضن الكنائس والمعابد التي تتيح لأصحاب الديانات المختلفة ممارسة شعائرهم الدينية.
يعزز ذلك، التزام دولة الإمارات بدورها كشريك فاعل ضد التطرف والإرهاب، وتعزيز الوعي المجتمعي بخطر آفة الإرهاب والتطرف وفضح داعميه والجهات الحاضنة له.
بهذه الرؤية، أثبتت دولة الإمارات أننا نستطيع إحداث تغيير في عالم اليوم الذي يشهد اضطرابات وقسوة وعنفا وطائفية وحروبا غير مبررة، فضلاً عن معارك عبثية تملأها الكراهية والبغضاء.
هذا الدور الريادي، خير من يقوم به وينشره دولة الإمارات خاصة في مجال العلاقات بين الأديان ونشر قيم التفاهم، وهذا ما أكده قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، في الكلمة التي وجهها بمناسبة زيارته إلى دولة الإمارات، والتي قال فيها: "إنني سعيد بهذه المناسبة التي منحني إياها الرب كي تُكتب فوق ثرى أرضكم العزيزة صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان نؤكد فيها أننا إخوة حتى وإن كنا مختلفين، وأستعد بفرح للقاء وتحية عيال زايد في دار زايد، دار الازدهار والسلام، دار الشمس والوئام، دار التعايش واللقاء". إنها دولة الإمارات التي حملت راية التسامح والتفاهم والوئام والمحبة والتفاهم بين مختلف الأديان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة