منذ تأسيسها، وضعت دولة الإمارات قيم التسامح والتعايش الإنساني في صلب مشروعها الوطني والدولي.
هذه القيم لم تكن شعارات تُرفع عند الحاجة، بل أصبحت نهجًا راسخًا يوجه سياسات الدولة ويحدد مواقفها تجاه الأزمات والقضايا الدولية.
ومن أبرز تجليات هذا النهج هو الموقف الواضح والثابت من الإرهاب: إدانته بشكل مطلق، دون انتقائية أو ازدواجية، ودون النظر إلى هوية الفاعل أو انتمائه.
الإمارات حين تدين الإرهاب الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، فهي تفعل ذلك من منطلق إنساني وأخلاقي بحت، رافضة استهداف الأبرياء العُزّل. وبالمنطق ذاته، تدين أي عمل مسلح أو مليشياوي يستهدف المدنيين الإسرائيليين، لأن معيارها ليس هوية الضحية أو هوية الجاني، وإنما قدسية حياة الإنسان وحرمة دم المدنيين.
هذا النهج ينطبق على جميع الحالات: من الاعتداء على المسلمين أو المسيحيين أو اليهود أو الهندوس، أو أي إنسان مدني في أي مكان من العالم.
إن المبدأ الإماراتي يقوم على أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأن استهداف المدنيين جريمة لا يمكن تبريرها بأي حجة سياسية أو عقائدية أو طائفية. وبذلك، ترفض دولة الإمارات كل أشكال التلاعب بالمفاهيم، أو التستر خلف قضايا عادلة لتبرير أعمال عنف ضد الأبرياء. فالحق لا يكتمل بالباطل، والقضية العادلة تُفقد عدالتها إذا تلوثت بدم الأبرياء.
التسامح في الرؤية الإماراتية ليس مجرد شعار مرحلي، بل هو مبدأ عام لا يتجزأ، شأنه شأن رفض الإرهاب ضد المدنيين. فكما أن الدولة تشجع على الحوار والتقارب بين الأديان والثقافات، فهي كذلك تقف بحزم ضد كل فعل يتعارض مع القيم الإنسانية المشتركة. وهذه الثنائية بين “التسامح” و”رفض الإرهاب” تمثل جوهر رؤية الإمارات لدورها في العالم: نشر ثقافة السلام، والدفاع عن أمن الإنسان أينما كان.
ولا يمكن، وفق هذا النهج، أن يدين المرء الإرهاب حين يقع على طرف، ويتغاضى عنه حين يمارس ضد طرف آخر. فالانتقائية في إدانة الإرهاب تفتح الباب أمام الفوضى الأخلاقية والسياسية، وتفقد الخطاب مصداقيته. لهذا جاء الموقف الإماراتي ثابتًا، لا يعرف التلون ولا يرضخ لضغوط الاصطفافات.
إن هذا المبدأ الثابت يعكس نضجًا سياسيًا وأخلاقيًا، ويضع دولة الإمارات في موقع رائد ضمن المنظومة الدولية، بوصفها دولة تنادي بالعدل والإنصاف، وتدافع عن كرامة الإنسان بعيدًا عن الاعتبارات الضيقة. وهو ما يجعل صوتها مسموعًا ومؤثرًا، لأنها تتحدث من أرضية أخلاقية صلبة، لا تتبدل ولا تتجزأ.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة