صاحب مبادرة رياضية فريدة من نوعها تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية دمج أصحاب الهمم وإشراكهم في النشاط المجتمعي يشيد بتجربة الإمارات.
أكد علماء وخبراء مشاركون في الجلسات التفاعلية في ثالث أيام رحلة السعادة التي تنظم تحت رعاية الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي أهمية إحداث التغيير في آليات التفكير وتبني العادات الإيجابية وأساليب الحياة التي تعزز السعادة في حياتنا وفي مقدمتها حب العطاء والخير.
وأشار الخبراء والمشاركون إلى أهمية تحويل السعادة إلى عادة وأسلوب حياة وتعزيز مقومات السعادة في نفوس الأطفال من خلال معرفة الذات والتسامح والنقاء وبناء علاقات تقوم على الثقة والتي تمكن كل فرد من تحقيق الإنجازات والنجاحات على جميع المستويات والوصول إلى مجتمع السعادة والإيجابية بمشاركة الجميع.
وفي جلسة "تحدي المستحيل" أكد نك واتسون صاحب مبادرة "فريق أنجل وولف" المبادرة الرياضية الفريدة من نوعها والتي تهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية دمج أصحاب الهمم وإشراكهم في النشاطات المجتمعية، بأن الإمارات أصبحت نموذجا رائدا في تمكين أصحاب الهمم ودمجهم الكامل في المجتمع، من خلال سلسلة من الخطط والمبادرات الهادفة إلى إطلاق العنان لقدرات أصحاب الهمم وتفعيل مساهمتهم الكاملة في عملية التنمية المستدامة.
ونوه واتسون بأن الرحلة التي قام بها مع ابنه ليو، وهو من أصحاب الهمم، والتي تضمنت سلسلة من النشاطات الرياضية، من الطواف بالدراجات الهوائية إلى السباحة والتجديف والزوارق الرياضية، سلطت الضوء على أن كلمة مستحيل غير موجودة في قاموس أصحاب الهمم في دولة الإمارات، وهم جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع الإماراتي، وتمكينهم ودمجهم في المجتمع هو ركيزة رئيسية لتحقيق السعادة المجتمعية الشاملة.
وتوجه واتسون بالشكر الجزيل للقيادة الرشيدة في دولة الإمارات على دعمها اللامحدود لأصحاب الهمم، والذي ساهم في تسريع عملية الدمج المجتمعي لأصحاب الهمم، كما حث أفراد المجتمع على المشاركة والمساهمة الفاعلة في النشاطات والفعاليات الخاصة بأصحاب الهمم، من خلال التطوع أو المشاركة والحضور، منوها بأن الدعم النفسي والمعنوي لأصحاب الهمم هو عامل محفز لهم ليسهموا بشكل أكبر في المجتمع من جهة، ولتحقيق سعادتهم الداخلية من جهة أخرى.
وبعنوان "ما الذي فقدناه من طفولتنا؟" افتتح خالد الجابري الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي جلسات اليوم الثالث لرحلة السعادة سلط الضوء خلالها على أهمية تعزيز السمات الإيجابية في نفوس الأطفال وما يحقق لهم السعادة، وصولا لتحقيق السعادة والإيجابية لجميع أفراد المجتمع.
وأوضح الجابري أن الأطفال أكثر سعادة لأن لديهم ست صفات تعزز السعادة بداخلهم وهي معرفة وحب الذات والمسامحة وتبني قضية كبرى والاندماج واللعب والتنفيس عن الذات وعلاقات الثقة مع الآخرين.
وبين الجابري أن الأطفال مختلفون عن الكبار؛ لأنهم لا يمتلكون نفس التعقيدات الحياتية التي تحكم تصرفات الكبار، وقال: "إن الأطفال يختلفون فهم يتصالحون ويتسامحون بسرعة ويعاودون اللعب؛ لأنه يمتلكون قلوبا نقية لا تعرف الحقد أو الغضب، وإنما تمتلك النقاء وحب التسامح".
وقال الجابري: "هناك عناصر للسعادة لا بد علينا جميعا أن نتحلى بها حتى نمتلك السعادة نفسها التي يتحلى بها الأطفال، وهي معرفة الذات والعفوية والقناعة، فلا يمكن أن يكون أحد سعيدا دون معرفة ذاته، وتقبل ذاته؛ لأن الوصول إلى السعادة تكمن في التعرف على صفات الذات".
وأشار إلى أن التنفيس عن الذات من خلال الحديث مع الآخرين مهم جدا، ولهذا فإن الأطفال يمتلكون السعادة؛ لأنه لا يستمرون في التذمر، كما أن الأطفال يحبون الاندماج والتواصل مع الآخرين بعفوية ودون أحكام مسبقة ودون القلق من المستقبل أو التخوف من الأيام المقبلة.
وأكد الجابري أنه لا بد من التعبير عن مشاعرنا بكل ثقة، وأن تكون هناك علاقات مبنية على الثقة، وقال: "إننا من خلال امتلاك هذه الصفات، فإننا نكون قد تخلينا عن جميع الأشياء التي قد تحول دون شعورنا بالسعادة، ونقلها إلى الآخرين؛ لأن الإنسان السعيد والإيجابي قادر على نقل السعادة إلى الآخرين وحث الآخرين على التحلي بالطاقة الإيجابية والوصول إلى مجتمع السعادة والإيجابية الذي نطمح له جميعا".
واستعرضت جلسة بعنوان "النوم مفتاحك للسعادة"، والتي قدمها الدكتور أمانديب دير الباحث في جامعة هلسنكي حول تأثير المراقبة المكثفة لوسائل الاتصال وصفحات التواصل الاجتماعي عند الأوقات المخصصة للنوم، نتائج دراسة تم إجراؤها في ستة بلدان هي: الهند وتايوان وجنوب أفريقيا وناميبيا وفنلندا والنرويج حول أثر متابعة وسائل التواصل الاجتماعي على أنماط النوم.
وخرجت الدراسة إلى أن متابعة المستجدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وخاصة في الأوقات المخصصة للنوم وبشكل مستمر تؤدي على المدى البعيد إلى شعور الإنسان بالوحدة والقلق والتعب الناجم عن تغير نمط النوم وتحول الساعة البيولوجية للإنسان، كما أوضحت الدراسة إلى تدني نسبة الوعي واستجابة الأفراد حيث يقوم 24 شخصا فقط من أصل 100 باتباع التوجيهات والسلوك الصحيح في استخدام التكنولوجيا.
وقال: "ينجم عن هذه الممارسات السلبية قصر فترة النوم، وتأخر الشعور بالنعاس والنوم، بالإضافة إلى تقليص فترة النوم، حيث تستحوذ عملية المتابعة على فترة لا يستهان بها من الوقت المخصص للنوم، وبالتالي يؤثر ذلك أيضا في تقديم نوعية سيئة النوم بغض النظر عن نوعية المحتوى والمعلومات التي يتابعها القارئ".
وأضاف: "تشمل الأعراض للاستخدام المكثف ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي في شعور الإنسان بالقلق نتيجة رغبته الدائمة بمتابعة المستجدات إضافة إلى الشعور بالوحدة والحزن".
وأكد الدكتور أمانديب أهمية مراقبة نزعة الأفراد لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي بهدف تجنب تحول هذا السلوك إلى ما هو أشبه بالإدمان، وقدم نصائح تفيد بأهمية مراقبة نمط النوم وعدم إهمال أعراض القلق وتأخر الشعور بالحاجة للنوم ليلا، إضافة إلى مراقبة نوعية النوم وقدر الراحة الذي يكتسبه الفرد من النوم، مع عدم ترك الهواتف الذكية في غرفة النوم، واستشارة الطبيب الاختصاصي لمواجهة مشكلة اضطراب النوم.
وفي جلسة "تبني السعادة وجني ثمارها" أكدت جاكلين واي من مؤسسة 365give أن السعادة ليست مفهوما نظريا وهناك أدوات لا بد من التحلي بها وتحويلها إلى أسلوب حياة لجني ثمارها والتي تنعكس على أداء كل فرد، مؤكدة أن العطاء هو الوسيلة الرئيسة لبناء مجتمع السعادة والإيجابية.
وقالت جاكلين حتى نتمكن من السعادة لا بد من تبني الأدوات وإحداث تغيير في آليات التفكير حتى نتمكن من إحداث التغيير في حياتنا وأن نتحلى بالسعادة والإيجابية، والتي تمكننا من تحقيق الإنجازات والنجاحات التي تجعلنا نفخر بكل مرحلة من حياتنا وبالإنجازات التي نحققها.
وبينت أن الطريقة التي يمكن أن نعلم بها صغارنا أن يكونوا سعداء هي أن نعلمهم على القيم التي يمكن أن يتعملوها كل يوم وأن يتمكنوا من مشاركتها مع جميع أصدقائهم، والتي تمكنهم من إحداث التغيير في حياتهم، والتي يمكن أن يكون لها آثار إيجابية في المجتمع؛ لأن السعادة هي بالعطاء، والسعادة هي في تقديم المساعدة للآخرين وتقديم ما يشعرهم بالسعادة.
وبينت جاكلين أن علينا أن نسعى في تحقيق السعادة لأجيالنا؛ لأنهم الأساس الذي نتمكن من خلاله من الوصول إلى المستقبل وأن نحقق من خلالهم السعادة التي نسعى إليها، وقالت: "العطاء هو ما يمكن أن نعلمه لأطفالنا، وهو القيمة الأساسية للشعور بالسعادة؛ لأنه يُحدث تغيرات في ذواتنا والتي تشعرنا بالسعادة".
وأضافت: "من أهم الأمثلة التي تشعرنا بالفخر عندما نرى أن هناك أشخاصا يعملون ويجمعون الأموال لمساعدة المرضى والمحتاجين دون مقابل، فعلينا أن نخصص في حياتنا أوقاتا لنقدم للآخرين والتعاطف معهم ونشاركهم المشاعر فهي الوسيلة التي يمكن من خلالها أن نشعر بالسعادة؛ لأن العطاء هو الأساس لبناء مجتمع السعادة والإيجابية".
وتمثل رحلة السعادة التي تنظم فعالياتها بالتزامن مع اليوم العالمي للسعادة الذي يصادف 20 مارس/آذار من كل عام محطة رئيسية في جهود ترسيخ مفاهيم وممارسات السعادة وجودة الحياة ثقافة مجتمعية، من خلال تركيزها على 5 مواضيع رئيسية هي الصحة النفسية، والصحة الجسدية، والصحة العاطفية، والتغذية السليمة، والفنون.
وتستعرض رحلة السعادة في جلساتها الحوارية والتفاعلية وتجاربها الإدراكية التفاعلية وورش العمل التي تقدمها للزوار المواضيع الخمسة وتسلط الضوء على ارتباط كل منها بسعادة الإنسان وجودة حياته، كما توفر فرصة للمشاركين لفهم طبيعة هذه العلاقات وآثارها المباشرة على السعادة وجودة الحياة.