رفع حظر سفر الإماراتيين إلى لبنان.. انطلاقة اقتصادية جديدة بين البلدين
يترقب مجتمع الأعمال اللبناني نتائج رفع حظر سفر الإماراتيين على قطاع السياحة خاصة، بخلاف دعمه للاستثمارات الإماراتية في لبنان.
شكّل المؤتمر الاستثماري الإماراتي – اللبناني، الذي عقد الأسبوع الماضي، في أبوظبي، انطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين، خاصة مع إعلان دولة الإمارات رفع حظر سفر مواطنيها إلى لبنان، بعدما كانت اتخذت هذا القرار عام 2016.
- الحريري: الإمارات تدعم لبنان باستثمارات ومساعدات مالية
- أبوظبي تستضيف المؤتمر الاستثماري الإماراتي-اللبناني 7 أكتوبر
ومع هذه الخطوة التي ترافقت مع وعود باستثمارات إماراتية في لبنان، أجمع اللبنانيون على أنها خطوة مهمة بمعناها السياسي والاقتصادي، باتت الكرة في ملعب الدولة اللبنانية المعنية بتعبيد الطريق أمام هذه الاستثمارات عبر تأمين المناخ السياسي والأمني، إضافة إلى الإصلاحات الشاملة المطلوبة من الداخل والخارج وتحديداً المجتمع الدولي الذي يربط مساعداته بلبنان بها، وعلى رأسها وعود "مؤتمر سيدر".
- رفع حظر سفر الإماراتيين وانعكاساته على لبنان
وكان وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية خالد بالهول، قد أعلن خلال المؤتمر أن قرار رفع حظر سفر الإماراتيين يأتي بعد متابعة الوزارة الأمور المتعلقة بأمن المنافذ وضمانات الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص، وتعزيزاً للعلاقات الأخوية التي تجمع دولة الإمارات بالجمهورية اللبنانية.
وأتى هذا القرار بعدما كانت الإمارات قد حذرت عام 2016 رعاياها من السفر إلى لبنان، كما قررت وزارة الخارجية تخفيض عدد أفراد بعثتها الدبلوماسية في بيروت إلى حده الأدنى.
ويجمع كل من وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان ورئيس مجلس الأعمال اللبناني السعودي رؤوف أبوزكي، على أهمية الخطوة الإماراتية التي كانت قد سبقتها خطوة مماثلة من السعودية في شهر فبراير/شباط الماضي، سياسياً ومعنوياً بالنسبة إلى لبنان.
مع العلم أن نسبة توافد السعوديين إلى لبنان ارتفعت أكثر من مئة في المئة، بعد رفع الحظر وظهر ذلك جلياً في موسم الصيف، مقارنة بالعام الماضي، واحتلوا بذلك المراتب الأولى بنسب إشغال الفنادق في لبنان، وفق وزير السياحة اللبناني.
من هنا ومع ترحيبه بالقرار الإماراتي يقول كيدانيان لـ"العين الإخبارية" إنه سيؤدي إلى عودة السياح الإماراتيين والاستثمارات الإماراتية، وبالتالي زيادة حجم الإنفاق السياحي، لأن السائح الإماراتي طويل الإقامة في لبنان وقدرته الشرائية مرتفعة.
وأشار إلى أن مفاعيل هذا القرار بدأت تظهر في لبنان، وذلك عبر مجيء عدد كبير من الإماراتيين بعضهم للسياحة والبعض الآخر لتفقد أملاكهم التي كانوا قد غابوا عنها لفترة طويلة. من هنا يرى أن النتائج الأكبر ستظهر في موسم الأعياد المقبل، متوقعاً أن يصل عدد السياح الإماراتيين في لبنان من الآن حتى نهاية العام إلى 10 آلاف إماراتي.
ووفق أرقام وزارة السياحة اللبنانية، فإن عدد الإماراتيين الذين زاروا لبنان عام 2010، أي قبل بدء الحرب في سوريا وانقطاع العلاقات بين البلدين، قدّر بحوالي 47 ألف إماراتي، لكن الرقم انخفض مع قرار الحظر الإماراتي إلى 1770 إماراتياً عام 2018.
- تعويل لبناني على الاستثمارات
كان واضحاً رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال المؤتمر بقوله: "إذا جمعنا القطاعين الخاصين اللبناني والإماراتي يمكننا أن ننجز العجائب للبنان خصوصاً وللمنطقة عموماً". ولفت إلى أن "لبنان يمكنه أن يكون الحجر الأساسي لكل الشركات الإماراتية التي ستستثمر فيه بالمستقبل في الكهرباء أو الغاز أو الطرقات أو المرافئ أو المطار وغيرها، بالتعاون مع القطاع الخاص اللبناني، كي تشارك فيما بعد في إعادة الإعمار في سوريا أو العراق انطلاقاً من لبنان".
وأشار الحريري إلى أن "الحكومة اللبنانية قدمت في مؤتمر "سيدر" رؤية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار والنمو وخلق فرص العمل، عبر تأهيل البنى التحتية وتحديث الإجراءات والتشريعات والنهوض بالقطاعات الإنتاجية"، داعياً المستثمرين الإماراتيين إلى درس هذه المشاريع التي تشكل فرصاً حقيقية للاستثمار، وتحديداً عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وانطلاقاً من كلام الحريري نفسه ومن الواقع والشروط الاستثمارية في أي قطاع، يرى رؤوف أبوزكي أنه على لبنان أن يقوم بواجبه لتعبيد الطريق أمام الاستثمارات الإماراتية وغيرها المرهونة بالوضع الداخلي في لبنان.
وقال لـ"العين الإخبارية": "المؤتمر وقرار رفع الحظر على سفر الإماراتيين كما اللقاءات التي عقدها الحريري في أبوظبي شكلت مجتمعة مدخلاً إيجابياً لتحسين العلاقات بين البلدين، وأصبح هناك اهتمام مبدئي للاستثمار الإماراتي في مشاريع مؤتمر "سيدر"، لا سيما تلك المرتبطة بالبنى التحتية والنفط والغاز".
من جهته، يلفت وزير السياحة اللبناني في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى أن التعويل أيضاً على أن تكون الاستثمارات في السياحة والزراعة عبر مشاريع عدة بحثت في إطار اللقاءات التي عقدت في أبوظبي. ويؤكد بدوره أهمية الإصلاحات في مختلف القطاعات لتهيئة الأرضية لهذه الاستثمارات، قائلاً: "تحقيقها يشكل حافزاً لأي مستثمر للمجيء إلى لبنان، مطمئنا إلى أنه سيحفظ حقه".
ويرى أبوزكي أن نتائج هذا المؤتمر ستكون في المدى المتوسط، بحيث تتطلب الاستثمارات بعض الوقت لتأخذ طريقها إلى التنفيذ. ومع تأكيده على أهمية القرارات الإماراتية تجاه لبنان، يأمل في أن يشهد المناخ السياسي تحسناً ويعي بعض المسؤولين أهمية هذا الأمر ويعمدون إلى الابتعاد عن المواقف التصعيدية تجاه البلدان العربية، خاصة أن المعيارين الأساسيين اللذين يهمان هذين البلدين في لبنان، هما الأمن والسياسة.
وهنا يلفت أبوزكي إلى أن الاستثمارات الإماراتية في لبنان توقفت كما غيرها من الاستثمارات، منذ بعض السنوات، لا سيما مع قرار الحظر، وبالتالي هي ليست بحجم كبير اليوم، وتقتصر على مشاريع محددة تشمل الفنادق وأسهم في المصارف، إضافة إلى استثمارات في العقارات في بيروت وبعض مناطق الاصطياف، وتقدّر جميعها بحوالي ملياري دولار أمريكي.
- الإمارات أكبر شريك تجاري عربي للبنان
وخلال المؤتمر، قال وزير الاقتصاد الإماراتي سلطان بن سعيد المنصوري: "حققنا العام الماضي تقدماً ممتازاً في التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين، بإجمالي بلغ أكثر من 2.6 مليار دولار أمريكي، وبنمو بنسبة 34% مقارنة بعام 2017. ومن عام 2017 إلى 2018 أيضاً، نمت واردات الإمارات من لبنان بنحو 21%، فيما ازدادت أنشطة إعادة التصدير من الإمارات إلى لبنان بنسبة تزيد على 555".
ولفت إلى أنه بحسب أرقام الربع الأول من عام 2019، اقتربت التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين من 700 مليون دولار، محققة نمواً بنسبة 37% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2018، وتشير هذه الأرقام إلى أن التبادل التجاري بين البلدين يتجه إلى تحقيق عتبة 3 مليارات دولار مع نهاية العام الجاري.
وأشار كذلك إلى أن دولة الإمارات تعد أكبر شريك تجاري عربي للبنان، وسابع أكبر شريك تجاري على الصعيد العالمي، كما تأتي في المرتبة الأولى عالمياً في استقبال الصادرات اللبنانية؛ حيث استحوذت على 14% من صادرات لبنان السلعية خلال 2018.
وعلى الجانب الاستثماري، قال إن أسواق دولة الإمارات استقطبت استثمارات لبنانية مباشرة زاد رصيدها على 2.2 مليار دولار حتى مطلع عام 2018 بنسبة نمو سنوية فاقت 39%، وهي موزعة على قطاعات حيوية مثل القطاع المالي والعقارات وتجارة الجملة والتجزئة والصناعات التحويلية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم والخدمات اللوجستية وغيرها.
وفي المقابل، وصل رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في لبنان حتى عام 2016 إلى أكثر من 7.1 مليار دولار، شملت قطاعات مهمة أيضاً مثل عمليات الموانئ البحرية وصناعة الأدوية وخدمات تكنولوجيا المعلومات والنقل الجوي والسياحة والضيافة والأنشطة العقارية والخدمات المصرفية والطاقة والصناعات البتروكيميائية.
وأكد كذلك وزير الاقتصاد الإماراتي "نتطلع إلى زيادة عدد المشاريع والأنشطة التجارية بين دولة الإمارات ولبنان خلال المرحلة المقبلة. ولتحقيق هذا الأمر نحن بحاجة إلى مواصلة الحوار والتعاون لضمان دور أكبر للشركات الاستثمارية والقطاع الخاص في البلدين واستكشاف الفرص في مجالات الزراعة والمنتجات الغذائية، كما سنستعرض آفاق التعاون في قطاعات البنية التحتية، والنفط والغاز، والطاقة المتجددة، والقطاع المصرفي والمالي".
aXA6IDMuMTQ0LjQwLjIxNiA=
جزيرة ام اند امز