الإصلاحات الاقتصادية.. بوابة الاستقرار السياسي في لبنان
الوضع الاقتصادي الداخلي لم يكن وحده عاملا ضاغطا على الحكومة اللبنانية، بل إن المجتمع الدولي وضعها أيضاً تحت ضغوط لتقديم المساعدات
يواجه لبنان أزمة اقتصادية طاحنة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية، ما يفرض ضرورة المضي قدما نحو اتخاذ قرارات حاسمة تستهدف إصلاحا اقتصاديا عاجلا لتأمين استقرار البلاد.
فبعد تخفيض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للبنان، تعاني البلاد منذ الأسبوع الماضي من أزمة "نقص الدولار"، حيث وصل سعر صرف الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوياته مقابل الليرة اللبنانية ليصل إلى 1700 ليرة.
- خبراء: شراء سندات لبنان الدولية الجديدة متوقف على الإصلاح
- لبنان مركز للقضاء على الإرهاب عبر "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار"
وبات تصريف العملة الخضراء يخضع للسوق السوداء بين الصرافين، ما جعل قطاعات عدة تطلق استغاثات وتعلن تباعا تحركات وإضرابات.
وضربت هذه الأزمة القطاعات التجارية التي تمس المواطن اللبناني مباشرة، مثل: المحروقات والأفران والمحلات التجارية، في ظل فشل إجراءات البنك المركزي للحد من هذه الأزمة.
وعلى وقع هذه الأزمة الاقتصادية، بدت هناك توترات بين مكونات الحكومة اللبنانية مع تصاعد الغضب الشعبي من تردي الوضع الاقتصادي.
وبدت هذه التوترات واضحة في مناقشة موازنة 2020، حيث يصر البعض على أن تتضمن الإصلاحات الاقتصادية، فيما يرى آخرون أنه يمكن إصدار الموازنة في البداية، واتخاذ قرارات إصلاحية تباعا عبر مشروعات قوانين.
وكانت موازنة عام 2019 أقرت بتخفيض العجز إلى 7.6% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن وصل عام 2018 إلى 11.4%.
الوضع الاقتصادي الداخلي لم يكن وحده عاملا ضاغطا على الحكومة اللبنانية، بل إن المجتمع الدولي وضعها أيضاً تحت ضغوط شرط تحقيق الإصلاحات، لتقديم المساعدات التي أقرت في "مؤتمر سيدر" في باريس، كما أن وكالات التصنيف منحت لبنان ستة أشهر لإعادة النظر في تصنيفها.
ورغم هذه الصورة المعقدة سياسيا واقتصاديا، أكد شارل جبور، رئيس الإعلام والتواصل بحزب القوات اللبنانية، لـ"العين الإخبارية"، أن "الإنقاذ لا يزال ممكنا، وعلى اللبنانيين أن يتحملوا مسؤوليتهم والسير في طريق إنقاذ واضح".
وأوضح جبور أن "مواصلة سياسة المسكنات التي استمرت أكثر من 30 عاما لم تعد تجدي نفعا، وكذلك مقولة إن (المجتمع الدولي لن يسمح بسقوط لبنان أو لن يتخلى عنه) سقطت أيضاً بحيث لم تعد هناك مساعدات مجانية".
وتابع قائلا: "على لبنان اختيار طريق الإصلاح قبل فوات الأوان، وهذا ما كان واضحا بالنسبة لاستثمارات (مؤتمر سيدر) الذي ربط المساعدات بتحقيق الإصلاحات، وذلك عبر قطاعات معروفة وأساسية والخصخصة بشكل أساسي بإدارة رشيدة وإنتاج من دون هدر وضبط المعابر ومحاربة التهريب والتهرب الضريبي، إضافة إلى الكهرباء والنفايات وغيرها".
وشدد جبور، لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة أن تتضمن موازنة 2020 الإصلاحات الاقتصادية، رافضا طرح إقرار الموازنة قبل الإصلاحات التي تمثل وحدها طريق الخلاص للبنان وتصحيح الوضع الاقتصادي.
وتواجه الليرة اللبانينة أصعب اختبار لها منذ 22 عاما، حيث تصاعدت المخاوف خلال الأسابيع الأخيرة في لبنان إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية، مع شحّ الدولار في السوق وإصدار الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني مراجعات سلبية لديون لبنان السيادية.
أسباب المخاوف
وخلال الأسابيع القليلة الماضية قلصت البنوك من عمليات بيع الدولار، الذي يمكن استخدامه في لبنان بالتوازي مع الليرة في العمليات المصرفية والتجارية كافة.