الإمارات وتركيا.. علاقات متنامية على مسار التكامل الاقتصادي
ترتبط دولة الإمارات وجمهورية تركيا بعلاقات اقتصادية وتجارية متطورة ومزدهرة، وتتحرك الدولتان بخطوات مهمة لدفع وتعزيز التعاون الثنائي وإطلاق مسار من النمو المستدام والفرص الاستثمارية التي تسهم في تحقيق تكامل اقتصادي.
يشكل الاقتصاد إحدى أبرز ركائز التعاون المتنامي بين البلدين حيث تعود نشأة العلاقات الاقتصادية القوية بين دولة الإمارات وتركيا إلى فترة تأسيس الاتحاد، وهي آخذة في التطور والنمو عبر السنوات.
ففي عام 1984 وقعت الدولتان اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني، تبعتها عدة اتفاقيات عززت التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، وصولا إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة في مارس/ آذار الماضي.
وشهدت العلاقات الإماراتية - التركية تطورات إيجابية ملموسة خلال العامين الماضيين، مدعومة من الزيارات الرسمية المتبادلة بين قيادتي الدولتين، حيث كان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، قد زار تركيا في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021 تلبية لدعوة من الرئيس التركي، فيما زار الرئيس رجب طيب أردوغان دولة الإمارات في 14 فبراير/شباط 2022.
وأعلنت دولة الإمارات خلال الزيارة الأولى عن تأسيس صندوق استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار في تركيا يركز على قطاعات الخدمات اللوجستية، والطاقة، والصحة، والأغذية.
كما جرى خلال الزيارة الثانية توقيع 13 اتفاقية تعاون في العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك.
علاقات اقتصادية عميقة
كما كان الرئيس التركي قد شارك في الدورة العاشرة من القمة العالمية للحكومات 2023 في دبي، حيث ألقى كلمة مسجلة خلال جلسة رئيسية ضمن أعمال اليوم الثاني أكد فيها عمق العلاقات التي تجمع دولة الإمارات وتركيا.
وتأتي زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لدولة الإمارات اليوم، كتأكيد على عمق علاقات التعاون الاقتصادي بين البلدين، والرغبة المشتركة في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستوى أرحب من الشراكة والنمو المشترك لاقتصاديهما.
ويلعب البلدان دوراً محورياً في تسهيل تدفق التجارة الدولية باعتبارهما من أهم الاقتصادات الحيوية بما يعزز التقدم والازدهار الإقليمي في ظل تطور العلاقات الاقتصادية المشتركة التي شهدت إنشاء صناديق استثمارية بمليارات الدولارات والتعاون في قطاعات رئيسية مهمة منها التكنولوجيا المتقدمة والخدمات اللوجستية إضافة إلى الشراكة لدعم تطوير التجارة الإلكترونية الناشئة.
الأرقام الصادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء الإماراتي، تؤكد أنه خلال الفترة من 2013 وحتى عام 2022، سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 378 مليار درهم، توزعت بين 204.3 مليار درهم قيمة الواردات، وحوالي 127.5 مليار درهم قيمة الصادرات، وأكثر من 46 مليار درهم قيمة إعادة التصدير.
شراكة شاملة
وجاء التوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية تركيا كتتويج لعلاقات دبلوماسية ممتدة لأكثر من 50 عاما، وكداعم لمواصلة زخم التعاون الاقتصادي والنمو التجاري.
وتشهد اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الإمارات وتركيا تحريرا جمركيا لـ 83% من السلع في البلدين إضافة إلى تحرير 93% من السلع الموجودة حاليا في التبادل التجاري غير النفطي.
وتفتح الشركة الاقتصادية بين البلدين، سوقا جديدة في قطاعات مثل الأمن الغذائي والزراعة والتكنولوجيا المالية والاتصالات واللوجستيات والطاقة المتجددة.
ويتوقع أن يشهد حجم التبادل التجاري بين البلدين نموا يصل إلى أكثر من 40 مليار دولار سنويا في غضون 5 أعوام إضافة إلى خلق الوظائف لا سيما في القطاعات المهارية بما يزيد على 25 ألف فرصة عمل جديدة حتى العام 2031 فضلا عن نمو صادرات الإمارات بنسبة 20% خلال المرحلة المقبلة مع جمهورية تركيا.
مزايا تجارية
اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعت بين البلدين في مارس/ آذار 2023، تتضمن العديد من المزايا، مثل تحرير السلع الثنائية والخدمات والتجارة مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وتيسير عمل المستثمرين ووضع قواعد لحماية حقوق الملكية الفكرية وفق أعلى المعايير، سيشكل حافزاً لتعزيز التجارة والاستثمارات.
وتفتح اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وتركيا مسارات جديدة لمصدري السلع والخدمات إلى أسواق البلدين والمنطقة وإطلاق منصة تعاون وشراكة بين الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال في البلدين بما يضع المنطقة في قلب حركة التجارة الدولية وعلى خريطة المراكز الجديدة للنمو العالمي.
ودشنت الاتفاقية حقبة جديدة من الشراكة والتكامل الاقتصادي تنطلق من قاعدة صلبة من العلاقات التجارية والاستثمارية الوطيدة بين البلدين، إذ ارتفعت التجارة البينية غير النفطية بنسبة 40٪ إلى 18.9 مليار دولار في عام 2022، ما يجعل تركيا بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات حول العالم، بحصة تبلغ أكثر من 3% من التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات، كما بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدولة الإمارات في تركيا أكثر من 5 مليارات دولار ما يضع الإمارات في قائمة أكبر 15 دولة مستثمرة في تركيا.
استثمارات متنوعة
يذكر أن إجمالي حجم الاستثمارات الإماراتية في تركيا وصل إلى نحو 7.8 مليار دولار في نهاية العام 2021 في قطاعات متنوعة شملت الخدمات المالية، والعقارات، والنقل والمواصلات، والطاقة المتجددة، والموانئ والخدمات اللوجستية.
ومن أبرز الشركات الإماراتية الرائدة في الاستثمار بتركيا " القابضة – ADQ " وبنك الإمارات دبي الوطني وإعمار العقارية والعالمية القابضة وجهاز أبوظبي للاستثمار، ومبادلة.
وتتوزع الاستثمارات الإماراتية في تركيا على كل من "بنك الإمارات دبي الوطني" بقيمة 2.84 مليار دولار في قطاع الخدمات المالية، فيما تصل استثمارات "إعمار العقارية" إلى 2.5 مليار دولار في قطاع العقار، و"مبادلة" نحو 555 مليون دولار في قطاع النقل والمواصلات، و"العالمية القابضة" 480 مليون دولار في قطاع الطاقة المتجددة، و"موانئ دبي العالمية" 351 مليون دولار في قطاع الموانئ والخدمات اللوجستية، و"القابضة ADQ" 300 مليون دولار في قطاع التكنولوجيا.
وتقدر استثمارات "ديار" بنحو 282 مليون دولار في قطاع العقار و"مجموعة الغرير" بنحو 200 مليون دولار في قطاع مواد البناء في حين تمتلك "الاتحاد للطيران" استثمارات بنحو 24.2 مليون دولار في قطاع التخزين، ومجموعة "روتانا" نحو 5.5 مليون دولار في قطاع السياحة والفنادق.
aXA6IDMuMTQ1Ljc4LjExNyA= جزيرة ام اند امز