الإمارات في 48 عاما.. من الاتحاد إلى الفضاء
في اليوم الوطني لهذا العام تحتفل الإمارات بمرور 48 عاما على إنجازات غير مسبوقة بمنطقتها العربية وعلى رأسها صعود أول إماراتي للفضاء.
أيام تاريخية تعيشها دولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن اتخذت من الاتحاد بداية للانطلاق نحو بناء دولة من أفضل دول العالم قواعدها في الأرض وطموحها في الفضاء.
وفي اليوم الوطني لهذا العام الذي يوافق سنويا الثاني من ديسمبر/كانون الأول، تحتفل الإمارات بمرور 48 عاما على إنجازات غير مسبوقة بمنطقتها العربية، وإن ظل مشهد صعود أول رائد فضاء إماراتي إلى الفضاء لا يضاهيه أي مشهد آخر.
واحتفلت دولة الإمارات في سبتمبر/أيلول الماضي بإنجاز تاريخي جديد لها بإرسال البطل هزاع المنصوري إلى الفضاء، حيث كان جزءًا من طاقم انطلق عبر صاروخ من مركز بايكونور الفضائي في كازاخستان إلى محطة الفضاء الدولية.
ورغم أن الحلم الإماراتي بالصعود إلى الفضاء تحقق في 2019 إلا أن نواته الأولى تعود تاريخها إلى العام 1976 حين استقبل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فريق رواد فضاء أمريكيين، قائلا لهم: "إنكم بعملكم هذا قد مهدتم الطريق لغيركم من العلماء والرواد للوصول ومعرفة ما لم تتمكنوا من معرفته".
17 كلمة وجهها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان إلى رواد الفضاء الأمريكيين لكنها مثلت لـ"عيال زايد" دينا في أعناقهم وقدموا في سبيل تحقيقه الغالي والنفيس ليتم قبل سنوات إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية.
لقد تحولت فكرة مشروع الإمارات للفضاء إلى طموح مشروع لدخول عصر جديد، وبالفعل بدأت ترجمته إلى خطوات ملموسة بتأسيس قطاع وطني للفضاء، بداية من تأسيس شركة الثريا للاتصالات في أبريل/نيسان 1997، ثم شركة الياه للاتصالات الفضائية (ياه سات) بعد 10 سنوات أي في عام 2007.
ولم يتوقف الطموح عند هذا الحد؛ بل استمر إلى إعلان الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في 16 يوليو/تموز 2014، إنشاء وكالة الفضاء الإماراتية، لتتولى مسؤولية قطاع الفضاء، عبر إقامة الشراكات والبرامج الأكاديمية والاستثمارات في مشاريع الأبحاث والتطوير والمبادرات التجارية، ودفع عجلة أبحاث علوم الفضاء واستكشافه.
ثم تحقق إنجاز جديد في 2017 بفوز الطالبة الإماراتية علياء المنصوري (15 عاماً حينها) بجائزة مسابقة "الجينات في الفضاء" خلال مؤتمر الفضاء العالمي في أبوظبي.
حينها تحدثت الطالبة علياء المنصوري، قائلة: إن حلمها أن تقدم خدمة للإنسانية من خلال تنفيذ أحد مشروعاتها البحثية، والمتمثلة في "حماية الإنسان من الإشعاع"، مضيفة أن هدف المشروع حماية الجسم البشري من الإشعاعات في الفضاء وعلى سطح الأرض.
ويبقى الواقع شاهداً على أن مشروع الإمارات للفضاء لم يأت من فراغ، وإنما نتيجة التخطيط الجيد للمستقبل، والاستثمار في الأجيال التي تمتلك مهارات القرن الحادي والعشرين، فكان إطلاق القمر الصناعي (خليفة سات) في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018 تمهيدا جديدا لدخول الدولة في عصر التصنيع الفضائي الكامل.
وأثبت إطلاق القمر الصناعي (خليفة سات) ثم من خلفه صعود البطل الإماراتي هزاع المنصوري إلى محطة الفضاء الدولية في سبتمبر/أيلول 2019، أن حلم المؤسس في معانقة الفضاء يحققه اليوم "عيال زايد"، المتسلحون بالعلوم والمعارف العصرية الحديثة.
هنا لم يكن رائد الفضاء (المنصوري) ممثلا للإمارات فقط في الفضاء؛ بل حمل على كتفيه مشروع أمة عربية وأمل أنار الطريق نحو جيل جديد يؤمن بإنجازات وطنه وبمستقبل باهر لبناء نهضة علمية جديدة في قطاع الفضاء.
جيل جديد تحدث عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في تواصله مع رائدي الفضاء الإماراتيين قبل انطلاق رحلة المنصوري، قائلا: "فخورون بهذه النماذج المضيئة في مسيرة الخير والبناء.. الرحلة ستصنع تاريخاً جديداً في سماء الوطن وتؤكد دخول دولة الإمارات عالم اكتشاف الفضاء بسواعد أبنائها.. رحلة ستلهم الأجيال المقبلة لتحقيق إنجازات وطنية جديدة".
أما الحلم الإماراتي فلم يتوقف عند محطة الفضاء الدولية؛ إذ يتواصل حالياً العمل ليل نهار من أجل إرسال أول مسبار إماراتي (مسبار الأمل) إلى كوكب المريخ في العام 2021، الذي يتزامن مع احتفالات الدولة باليوبيل الذهبي لتأسيسها.
وتطمح الإمارات إلى إيصال البشر إلى الكوكب الأحمر خلال العقود المقبلة، من خلال مشروع (المريخ 2117)، الذي يتضمن برنامجاً وطنياً لإعداد كوادر علمية بحثية تخصصية في مجال استكشاف المريخ، من أجل بناء أول مستوطنة بشرية عليه خلال 100 عام.
وفي الوقت الذي تستعد فيه الإمارات لإرسال مسبار إلى المريخ، تسعى كذلك إلى حجز مقعد لها بقطاع السياحة في الفضاء، وإن كان ذلك في حاجة إلى قانون يجري العمل عليه حاليا، بحسب الدكتور محمد ناصر الأحبابي، مدير عام وكالة الإمارات للفضاء.
ويساعد القانون، المفترض أن يرى النور خلال أشهر، على تنظيم النشاطات الفضائية للإمارات ويسهم في استقطاب الاستثمارات في شركات مجال السياحة خارج الكرة الأرضية.
وتأمل الإمارات أن تطوّر قطاعا جديدا يلعب دورا رئيسيا في اقتصادها بالمستقبل، خاصة أنها تدير الاقتصاد الأكثر تنوعا في المنطقة، وبهذا التطلع باتت الدولة قد نجحت في حجز مقعد مبكر في مستقبل السياحة الجديدة.