شراكة الذكاء الاصطناعي بين الإمارات وأمريكا.. «محطة مفصلية» في العالم الرقمي
خبراء أمريكيون لـ«العين الإخبارية»: تجسيد عملي لعمق العلاقة والثقة المتبادلة

تمثل الشراكات الكبرى التي أعلنتها الإمارات والولايات المتحدة مؤخرًا، في مجالي الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، محطة مفصلية تعيد تشكيل العالم الرقمي.
وحسب تصريحات خبراء أمريكيين لـ«العين الإخبارية»، فإن المشاريع الضخمة التي ستنشأ عن تلك الشراكات التي جرى الإعلان عنها خلال زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة إلى أبوظبي، وما تلاها من شراكات لاحقة بين شركات إماراتية كبرى وعمالقة التكنولوجيا في أمريكا، تجسد بشكل واضح مدى عمق العلاقة بين البلدين والثقة المتبادلة في التشارك لبناء مستقبل واعد.
- «المجمع».. أكبر بنية تكنولوجية في العالم تعلن الإمارات عاصمة للذكاء الاصطناعي
- تحالف تكنولوجي عالمي يطلق «ستارغيت الإمارات»
وقد ضمت الشراكات المتعددة التي جرى الإعلان عنها العديد من الشركات والهيئات الأمريكية والإماراتية مثل: G42، وOpenAI، وOracle، وNVIDIA، وCisco، ومجموعة SoftBank، وتأتي ضمن إطار استثماري أعلنت عنه الإمارات مؤخرًا لاستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال 10 سنوات.
واعتبر الخبراء أن التعاون بين البلدين هو بمثابة تحالف رقمي دولي عابر للحدود بين واشنطن وأبوظبي، بوسعه تعزيز الابتكار وتوليد قوة دافعة لتسريع الذكاء الاصطناعي عالميًا ودرء المخاطر الرقمية.
يوسف العتيبة: الثقة «متبادلة»
وبالأمس، أصدر يوسف مانع العتيبة، سفير دولة الإمارات لدى الولايات المتحدة الأمريكية، بيانًا أكد فيه أن الشراكة الجديدة سوف تُرسي معيارًا عالميًا لتأمين التكنولوجيا الأمريكية المتقدمة، موضحًا أنه من خلال تطبيق «بيئة تكنولوجية منظمة»، ستلتزم المؤسسات الإماراتية المعتمدة التي تحصل على تقنيات أمريكية خاضعة للتنظيم ببروتوكولات شاملة للأمن المادي والسيبراني، إذ تشمل هذه البروتوكولات عمليات تدقيق منتظمة، وعمليات تحقق من جهات خارجية، وإشرافًا نشطًا من حكومتي البلدين. كما تضمن المشاركة المباشرة للشركات الأمريكية الرائدة حماية شرائح وتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة حماية كاملة من التحويل أو الوصول غير المصرح به.
وقال إن مركز بيانات «ستارغيت الإمارات» للذكاء الاصطناعي بسعة 1 غيغاوات في أبوظبي، من المقرر أن يضيف 200 ميغاوات أخرى في عام 2026 بفضل الشراكة الإماراتية الأمريكية الأخيرة.
وتابع العتيبة: «هذا ليس بجديد، مع تعزيز التزامنا المشترك بالأمن والنزاهة التكنولوجية، تُعد هذه هي المبادرة الأحدث في سلسلة واسعة من الشراكات الإماراتية الأمريكية، المبنية على عقود من الثقة المتبادلة. وقد اشترت الإمارات وتُشغل بعضًا من أكثر أنظمة الدفاع الأمريكية تطورًا، وتتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في برنامج للطاقة النووية المدنية بضمانات قوية».
وزير التجارة الأمريكي: إنجاز استراتيجي
في قلب شراكة الذكاء الاصطناعي الأمريكي – الإماراتي، يأتي المجمع الجديد للذكاء الاصطناعي بين الإمارات والولايات المتحدة في أبوظبي بقدرة 5 غيغاوات، والذي ستبنيه مجموعة G42، وسيُدار بالشراكة مع العديد من الشركات الأمريكية.
وقال وزير التجارة الأمريكي، هوارد لوتنيك، في تغريدة: «إن مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأمريكي الجديد سوف يطلق شراكة تاريخية في الشرق الأوسط في مجال الذكاء الاصطناعي بين بلدينا. وهو يُعزز الاستثمار الكبير في أشباه الموصلات المتقدمة ومراكز البيانات في جميع أنحاء الولايات المتحدة والإمارات».
وأوضح: ستُدير الشركات الأمريكية مراكز البيانات وتُقدم خدمات سحابية تُدار أمريكيًا في جميع أنحاء المنطقة. ومن خلال توسيع نطاق مجموعة التكنولوجيا الأمريكية الرائدة عالميًا لتشمل شريكًا استراتيجيًا مهمًا في المنطقة، تُمثل هذه الاتفاقية إنجازًا رئيسيًا في تحقيق رؤية الرئيس بايدن.
الحماية والردع السيبراني
ومن المتوقع ألا يقتصر التعاون الإماراتي الأمريكي على الذكاء الاصطناعي فقط، بل سيشمل المجال الأكثر حساسية وهو الأمن السيبراني، إذ يشهد العالم تصاعدًا غير مسبوق في تهديدات الفضاء الرقمي، من استهداف البنية التحتية الحيوية إلى الهجمات على أنظمة الحكومات عبر الفضاء السيبراني.
وكان قد تم الإعلان، خلال وقت سابق، عن شراكة استراتيجية بقيمة 1.5 مليار دولار بين شركة Microsoft العالمية وشركة G42 الإماراتية، تتضمن إدارة وتشغيل مراكز بيانات ضخمة داخل الإمارات، وتقديم خدمات سحابية مؤمنة بالكامل تُدار وفق المعايير الأمريكية.
ومن جانبه، قال مايك سيكسون، كبير مستشاري السياسات للذكاء السيبراني والاصطناعي في مؤسسة «Third Way» البحثية بالعاصمة الأمريكية واشنطن، لـ«العين الإخبارية»، إن هذه الشراكة تعد «تحولًا مفصليًا في مستقبل الأمن السيبراني العالمي».
وقال: «تبادل المعلومات بين الإمارات والولايات المتحدة يعزز قدرتنا على الدفاع الجماعي ضد التهديدات السيبرانية».
كما أوضح سيكسون أن لدول الخليج مثل الإمارات دورًا حيويًا في مشهد الذكاء الاصطناعي، نظرًا لتوفر الطاقة الشمسية والمناخ الجاف المناسب لإنشاء مراكز بيانات ضخمة، مشيرًا إلى أن هذه المراكز تُستخدم فعليًا لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي حول العالم.
وقال: «كلما زادت قدرة المعالجة، زادت جودة وسرعة الردود، وزادت قدرة الدول على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكثر تقدمًا».
وأشار إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في الهجمات السيبرانية يفاقم الأخطار السيبرانية، بسبب قدرة الأنظمة الذكية على التعلم والتصرف خارج نطاق تحكم البشر، ولكن أيضًا يمكن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتعزيز خطوط دفاعاتنا أمام الهجمات السيبرانية.
تحالف رقمي
من جهته، يرى آدم باول، المدير التنفيذي لمبادرة الأمن السيبراني للانتخابات في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن التعاون الأمريكي الإماراتي في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، يمثل نموذجًا عالميًا للشراكات الفعالة، قائلًا: «في كل مرة نُطلق فيها برنامجًا دوليًا، نتعلم من شركائنا كما نتقاسم معهم خبراتنا. الهجمات السيبرانية لا تعرف الحدود، ومن الضروري توحيد الجهود لمواجهتها».
وأشار باول، وهو عضو مجموعة العمل في معهد سياسة الإنترنت، حيث ساعد في تطوير أوراق الإحاطة لرئيس الولايات المتحدة وصناع السياسات الآخرين حول الذكاء الاصطناعي، لـ«العين الإخبارية»، إلى أن الاتفاقية مع G42 تُمثل فرصة لتبادل أفضل الممارسات، خاصة أن الإمارات لديها خبرات فريدة في مواجهة تهديدات تخص الطاقة والنقل، مؤكدًا على ضرورة دراسة قدرات الإمارات السيبرانية والاستفادة منها في الولايات المتحدة.
ونبّه الخبير السيبراني الأمريكي إلى أن الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني تعد نموذجًا متقدمًا للتعاون الدولي في عصر تتداخل فيه الحدود بين التقنية والجغرافيا والسياسة، قائلًا: «من خلال مشاريع مشتركة لإدارة الذكاء الاصطناعي، وصفقة Microsoft – G42، ونقل الخبرات في الأمن السيبراني، تتشكل معالم جديدة لتحالف رقمي عالمي قد يُغير قواعد اللعبة على الصعيدين الإقليمي والعالمي».
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjkg جزيرة ام اند امز