حين صدر المرسوم الفاتيكاني الثاني عام 1965م، كان قد ترك تأثيره النوعي المهم في تصويب العلاقات المسيحية الإسلامية.
حين صدر المرسوم الفاتيكاني الثاني عام 1965م، كان قد ترك تأثيره النوعي المهم في تصويب العلاقات المسيحية الإسلامية نحو مشروع عالمي قادر على صيانة قيم المشتركات التوحيدية بين الديانتين الأكبر في العالم، إلا أن اكتساح التيارات المعادية للمسيحية والإسلام معاً يثير القلق تجاه تدمير المناخ السلمي الذي مهد له الفاتيكان باستجابة إسلامية واضحة من مختلف مرجعياتها.
تحمل وقفة بابا الكنيسة الكاثوليكية الحبر الأعظم اليوم على أرض التسامح دلالات سامية ومعاني جليلة وأهدافا راقية نبيلة تبشر بتنمية القيم الأصيلة التي تسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إحيائها ونشرها، والتي بشر بها جميع الأنبياء في ثوابت شرائعهم، وقلما شاهدنا هذا الإيثار الذي فتح ذراعيه لكل إنسان عرف معنى الإنسانية، ولكل فرد تطلع إلى بذل المزيد من روح الشهامة بعيداً عن النزعات الفردية والأنانيات المجحفة بحق الإنسان وكرامته .
ليس غريباً على دولة الإمارات عاصمة التسامح العالمي سعيها لتعزيز حوار الأديان ورؤيتها له على أنه ثقافة علمية ومعرفة إنسانية، وتأكيدها على أن الحوار الحضاري لا يزال مشروعاً لخلاص الإنسانية من الجور ونوازع الإرهاب وشرور المستبدين
وليس غريباً على دولة الإمارات عاصمة التسامح العالمي سعيها لتعزيز حوار الأديان ورؤيتها له على أنه ثقافة علمية ومعرفة إنسانية، وتأكيدها على أن الحوار الحضاري لا يزال مشروعاً لخلاص الإنسانية من الجور ونوازع الإرهاب وشرور المستبدين ومن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان. كما ترى أيضاً في الإمارات احترام الأصالة الحضارية والثقافية والتعددية العقائدية للبشرية توطيداً لمفاهيم الرسالات السماوية.
وخلال السنوات المنصرمة أطلقت عاصمة التسامح منتديات هادفة وحوارات بناءة ومؤتمرات مليئة بالمشاركات العالمية الوجدانية الدائمة والمتجددة إلى جانب الملتقيات الاجتماعية والإنسانية والفكرية، والتي عبقت بنفحات إنسانية وتغذت بمنابع الخير والعطاء والصفاء الإنساني والسياسية العالمية، وعكست شجاعة الإمارات وتغلبها على النوائب وعدم استسلامها لأي باعث من بواعث السكينة والدعة أو الإخلاد إلى مهاوي المحن، بل بالعكس قد ازدادت مكانة ومتانة بحضورها العالمي وبلقاءاتها فازدادت علواً واصطفاء ونزاهة.
وامتلكت الإمارات منذ انطلاقتها تاريخاً عميقاً بين الأديان، وعملت على تعزيز قيم التعايش والتسامح بين جميع المواطنين والمقيمين على أرضها من مختلف الجنسيات والقوميات والإثنيات والأعراق، وبهذه الأساليب الإنسانية تميزت عن باقي دول العالم فأضحت منصة عالمية مما جعلها تستضيف على أرضها منتديات حوار الأديان وتستقطب اللقاءات الدولية لنشر مبادئ الإخاء الإنساني.
إن الرؤية الإسلامية والمسيحية الحقيقية تؤكد تجديد الإيمان بالأصول الإبراهيمية وبثوابت ومبادئ الأنبياء المرسلين إلى البشرية جمعاء ذات الاصطفاء الواضح، وفي تأكيد الشراكة مع الديانة اليهودية بوصفها ديناً سماويا، تنادي بخلاص الأمم بالتوحيد والأخلاق، وهو ما شهدناه من تلك الأصوات اليهودية الرافضة للممارسات الإجرامية بحق الآمنين واستباحة للأماكن المقدسة مسيحيةً وإسلاميةً.
وضمن هذا الاتساق الإنساني بين الأديان التوحيدية يستدعي تحقيق جملة من العوامل الأساسية ألا وهي إبعاد شبح المخاطر عن المنطقة التي تحولت إلى حرائق مشتعلة وبراكين ملتهبة في الوقت الذي عجزت فيه المؤسسات الدينية عن ملاحقة الإرهاب، ووأد الفتن في سائر الكرة الأرضية والسعي من أجل نشر السلام فيها، وهو أمر لن يتحقق إلا بإنهاء دواعي العنف والاضطراب والفوضى ووضع حد لكل القوى الخبيثة التي تتربص بالمنطقة، فرسالة الأديان السماوية ترفض التطرف والهيمنة وكل أشكال الإجرام وعمليات القتل التي لا تمتّ إلى الأديان السماوية بأي صلة.
وما تأمله دولة الإمارات من الحوار بين الأديان كمشروع حضاري أخلاقي إنساني، هو تحقيق الأفكار البناءة والمبادئ السامية التي أطلقتها في منتدياتها العالمية بعيداً عن تقلبات المصالح وصراع السياسات الهدامة، وغايتها هي نهوض هذا المشروع الهادف لخير الإنسان باعتباره يشكل مبدأ وجود وحياة، وأن المسار إلى عالم المعرفة تكمن بدايته في معرفة الذات الإنسانية ونهايته في استكشاف التحديات التي تواجه هذا المشروع؛ حيث تبدو العولمة أنها جانب من التحديات لما لها من أبعاد تدميرية؛ نظراً لأنها تخترق الهويات الحضارية وتحمل في جوانبها مخاطر تهدد ثقافات الشعوب والأمم المحبة للتعايش والسلام العالمي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة