الإمارات في اليمن.. يد تدحر الألم وأخرى تزرع الأمل
بصمات خالدة تدونها دولة الإمارات في اليمن؛ عبر سواعد تضمد ندوب البلد الغارق في أتون انقلاب الحوثي، وتزرع الأمل بغد خال من المليشيا.
وبقدر قتامة ارتدادات الانقلاب على اليمنيين، إلا أن جهود الإمارات على كافة الأصعدة، نجحت في خلق دائرة ضوء بالبلد المنكوب، غير عابئة بحملات التشويه والتضليل والبهتان والأكاذيب، للإخوان والحوثيين ضد دول التحالف والإمارات تحديدا.
أحدث تلك الأكاذيب جاءت خلال الأيام الماضية، وتضمنت مزاعم حول إنشاء الإمارات قاعدة عسكرية في جزيرة ميون اليمنية في مضيق باب المندب، ليأتي رد تحالف دعم الشرعية في اليمن، الخميس، قويا واضحا مفندا تلك الأكاذيب، مشيدا في الوقت نفسه بالدور الإماراتي في دعم قوات التحالف للتصدي جواً للمليشيات الحوثية في الدفاع عن مأرب، فيما تواصل مليشيا الحوثي هجومها العسكري على مأرب واستهداف المدنيين في اليمن.
وقال مصدر مسؤول بتحالف دعم الشرعية باليمن، في تصريح لوكالة الأنباء السعودية، إنه "لا صحة للأنباء التي تتحدث عن وجود قوات لدولة الإمارات العربية المتحدة في جزيرتي سقطرى وميون، وأن ما يوجد من تجهيزات في جزيرة ميون هي تحت سيطرة قيادة التحالف وفيما يخدم تمكين قوات الشرعية والتحالف من التصدي لمليشيات الحوثي وتأمين الملاحة البحرية وإسناد قوات الساحل الغربي".
وأوضح المصدر أن "الجهد الإماراتي الحالي يتركز مع قوات التحالف في التصدي جواً لمليشيا الحوثي في الدفاع عن مأرب"، مؤكداً أن "احترام سيادة اليمن ووحدة أراضيه من المبادئ الراسخة والثوابت الأساسية للتحالف."
جنود الإمارات
منذ دخول الإمارات كشريك رئيسي ضمن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، أخذت على عاتقها تحقيق المحافظة على مقومات الدولة اليمنية، وهزيمة المشروع الإيراني ودحر المليشيا الحوثية والتنظيمات الإرهابية بالبلد الأخير.
ومنذ اللحظات الأولى لـ"عاصفة الحزم" التي انطلقت في 26 مارس/آذار 2015، كانت دولة الإمارات سباقة في إنزال جنودها بالعاصمة المؤقتة عدن للمساهمة في تحريرها، وكان لهم دور كبير وبارز في تحريرها والمحافظات المجاورة لها.
وبالتزامن مع ذلك، ساهمت القوات الإماراتية في تنظيم قوات الجيش الوطني وتأهيل المقاومة ضمن ألوية عسكرية، وقدمت، خلال هذه المعارك، كوكبة من أبطالها شهداء رووا بدمائهم الطاهرة تراب اليمن، نصرة للحق والشرعية والواجب.
ومرارا، أكدت الإمارات دعمها ومساندتها لكل ما يحقق مصلحة الشعب اليمني ويساهم في استقراره وأمنه، مجددة التزامها بالوقوف إلى جانبه ودعم طموحاته المشروعة بالتنمية والأمن والسلام، في إطار سياستها الداعمة لكل ما يحقق مصلحة شعوب المنطقة.
وشددت على أهمية تكاتف القوى اليمنية وتعاونها وتغليب المصلحة الوطنية العليا، للتصدي للمخاطر التي يتعرض لها اليمن وفي مقدمتها الانقلاب الحوثي.
تحول استراتيجي
بعد خمسِ سنوات من انطلاق "عاصفة الحزم"، وتحديدا في 9 فبراير/ شباط 2020، احتفت الإمارات بعودة جنودها البواسل الذين شاركوا في مهمة "إعادة الأمل" في اليمن بعد إنجازها مهام التحرير والتأمين والتمكينِ بنجاحٍ تام.
وأعلنت الإمارات التحول من استراتيجية الاقتراب المباشر التي نفذتها قواتها المسلحة باحتراف عال إلى استراتيجية الاقتراب غير المباشر التي تنفذها القوات اليمنية بنفسها اليوم.
وجاء كشف إنجازات القوات الإماراتية في تلك المرحلة التي استمرت على مدار 5 سنوات مثار فخر لكل إماراتي وعربي، حيث شاركَت القوات المسلحة البرية وحرس الرئاسة والعمليات الخاصة بجميع وحداتها، بأكثر من 15 ألف جندي في 15 قوة واجب في مختلف مدن ومحافظات اليمنِ.
وبلغ عدد الطلعات الجوية التي نفذتها القوات المسلحة بجميع أنواع طائراتها أكثر من 130 ألف طلعة جوية وأكثر من نصف مليونِ ساعة طيران، كما شاركت القوات البحرية وحدها في ثلاث قوات واجب بحرية بأكثر من خمسين قطعة بحرية مختلفة وأكثر من ثلاثة آلاف بحَّارٍ مقاتل.
مستقبل اليمن
عقب مرحلة التحول الاستراتيجي وصولا إلى اليوم، أكدت الإمارات التزامها بدعم التحالف العربيِ في العمليات الجوية والدعم اللوجستيِ والتدريب ومكافحة الإرهاب، وهو ما تواصل القيام به حتى اليوم.
التزام عبر عنه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، بقوله إن دولة الإمارات ستظل تزرع الخير وتفتح أبواب الأمل وتقدم العون والمساعدات الإنسانية والتنموية في كل أنحاء اليمن.
وشدد على أن القوات المسلحة الإماراتية كانت -وستظل- على الدوام قوة سلام واستقرار في المنطقة والعالم، وأن الإمارات دولة تصنع السلام وتزرع الخير وتبث الأمل في أي مكان تذهب إليه.
دور ما زالت تقوم به الإمارات حتى اليوم تأكيدا لنهج الأخوة وتقديرا لوشائج القربى بين البلدين، التي كانت دافعا رئيسيا لتدخل الإمارات في اليمن منذ البداية.
وضمن أحدث جهودها في هذا الصدد، افتتحت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في 27 إبريل/ نيسان الماضي، المرحلة الأولى من مشروع بناء وإعادة تأهيل وصيانة 8 مؤسسات طبية في محافظة حضرموت، لتعزيز قدرات القطاع الصحي باليمن، وتضمنت المرحلة الأولى افتتاح 4 مستشفيات بالمحافظة بطاقة استيعابية تصل إلى 273 سريرا وتزويدها بالأجهزة والمعدات الطبية اللازمة.
وتأتي هذه المشاريع الحيوية تنفيذا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات.
ومن بين المستشفيات اثنين جديدين إلى جانب إعادة تأهيل واستكمال بناء باقي المستشفيات وتزويدها بالمعدات الطبية والتجهيزات اللازمة، لتعزيز جهودها للتصدي لجائحة كورونا، في أربع مديريات بساحل حضرموت، وهي مستشفيات غيل باوزير، الديس الشرقية، والريدة الشرقية، وقصيعر.
وقدمت دولة الإمارات، منذ بدء انتشار الجائحة، مساعدات بلغت 122 طنا من المستلزمات والإمدادات الطبية إلى اليمن، لتعزيز جهود نحو 122 ألفا من العاملين في الرعاية الصحية على احتواء الفيروس.
وخلال مراسم الافتتاح، ألقى رئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبدالملك كلمة أشاد فيها بالدور الكبير التي تقدمه دولة الإمارات في عدد من المحافظات المحررة، ومن ضمنها محافظة حضرموت، واهتمامها بالجانب الصحي ومختلف القطاعات الخدمية بالمحافظة.
وعبّر رئيس الوزراء اليمني عن تقدير وامتنان حكومته للدعم المتواصل الذي تقدمه الإمارات وذراعها الإنسانية في اليمن (الهلال الأحمر الإماراتي) في المجالات الخدمية والتنموية والإغاثية، وهو ما يعبّر عن عمق علاقات الإخاء والتعاون بين البلدين والشعبين الشقيقين.
واحتل قطاع الصحة أولوية متقدمة في الدعم المقدم من دولة الإمارات، حيث استنفرت هيئة الهلال الأحمر جهودها بوضع خطة شاملة تضمن عودة القطاع الصحي للعمل بعد أن تعرض للتدمير، وما زالت تلك الجهود تتواصل حتى اليوم.
ونفذت هيئة الهلال الأحمر، في السنوات الماضية، بناء على توجيهات القيادة الإماراتية، مئات المشروعات في مجال إمدادات المياه الصالحة للمناطق والمحافظات اليمنية التي تعاني شحا في هذا المرفق الحيوي، واستفاد منها مئات الآلاف من السكان بالمناطق الجبلية والصحراوية.
وفي إطار اهتمام الإمارات وقيادتها بتوفير سبل الاستقرار الاجتماعي والنفسي للشباب اليمني، نظمت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي العديد من الأعراس الجماعية، تنفيذا لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لدعم استقرار الشباب وتعزيز النسيج الاجتماعي في اليمن.
وإيمانا منها بأهمية التعليم والصحة والشباب في بناء مستقبل الوطن، اهتمت الإمارات بعودة العملية التعليمية إلى وضعها السابق عقب تعرض معظم المدارس والمرافق التربوية للتدمير من قبل مليشيا الحوثي.
وبلغ إجمالي المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات لليمن 22 مليار درهم خلال الفترة من أبريل 2015 حتى فبراير/شباط 2020 .
وشملت المساعدات تأهيل المدارس والمستشفيات، وتأمين الطاقة، وإعادة بناء المطارات والموانئ، ومد الطرق وبناء المساكن، وغيرها من المشاريع التي بلغت حد تأمين مصادر الرزق لشرائح متعددة من الشعب اليمني كالأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي 26 فبراير/ شباط الماضي، أعلنت دولة الإمارات التزامها بتقديم 230 مليون دولار كدعم إضافي للشعب اليمني، ما سيساعد في تمويل البرامج الدولية التي تلبي الاحتياجات الطبية والغذائية والأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد.
حلول مستدامة
ودعما لحلول سياسية مستدامة، ساندت الإمارات على الدوام الجهود السعودية والدولية الداعمة لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن، حيث أعلنت، مرارا، ترحيبها بتنفيذ اتفاق الرياض المبرم بين حكومة اليمن الشرعية المعترف بها دوليا، والمجلس الانتقالي الجنوبي.
وجرى توقيع اتفاق الرياض في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، لينهي أحداثا شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، ويوحد صف جميع المكونات المنضوية تحت لواء الشرعية خصوصا بعد تشكيل حكومة كفاءات وطنية يشارك فيها الانتقالي للمرة الأولى.
والاتفاق جرى بحضور الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع السعودي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
وعقب توقيع اتفاق الرياض، أعرب الأمير محمد بن سلمان عن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مشيدا بما قدمته الإمارات من تضحيات جليلة مع جنود السعودية وزملائهم في بقية قوات التحالف على الأرض اليمنية.
كما دعمت الإمارات مبادرة للسلام في اليمن أعلنت عنها السعودية في مارس/ آذار الماضي، وتضمنت وقفا شاملا لإطلاق النار وتخفيف قيود شحنات الوقود المتجهة إلى ميناء الحديدة وفتح مطار صنعاء بإشراف من التحالف والأمم المتحدة واستئناف العملية السياسية.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، أن دولة الإمارات تدعم بشكل كامل هذه المبادرة التي تعد فرصة ثمينة لوقف شاملٍ لإطلاق النار في اليمن، ولتمهيد الطريق نحو حل سياسي دائم.
وأشاد بالدور المحوري للمملكة العربية السعودية في تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة اليمنية الجديدة والتوصل إلى حل سياسي وتسريع جهود إنهاء الأزمة اليمنية، مشددا على ضرورة الاستجابة لهذه المبادرة وتكاتف القوى اليمنية وتعاونها وتغليب المصلحة الوطنية العليا.
وأكد التزام دولة الإمارات التام بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار والسلام والاستقرار.
وقبل أسبوع، بحث المبعوث الأمريكي لليمن تيم ليندركينج، مع المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات الدكتور أنور قرقاش، جهود الحكومة اليمنية في تنفيذ اتفاق الرياض.
وأعرب المبعوث الأمريكي عن شكره لدولة الإمارات لدورها في دفع تنفيذ اتفاق الرياض، مشيدا، في تصريحات إعلامية، بدورها في دفع تنفيذ "اتفاق الرياض" بالرياض وإنهاء الصراع بالبلاد.
إشادة وتقدير متواصلين، يساندهما التزام إماراتي بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار والسلام والاستقرار، ضمن نهج رسّخه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتسير عليه القيادة الإماراتية ولم تحد عنه باعتباره رؤية حكيمة ونظرة ثاقبة وإرثا متفردا.