بريطانيا تتأهب لطفرة في صناعة الكريبتو

أعلنت هيئة السلوك المالي البريطانية (FCA) أنها قلّصت مدة الموافقة على تسجيل شركات العملات المشفرة إلى نحو الثلث، كما رفعت معدل القبول مقارنة بالسنوات السابقة.
ويأتي التحوّل اللافت بتعاملها مع صناعة الأصول الرقمية استجابة لانتقادات وُجهت للهيئة بسبب بطء الإجراءات وتشدد المعايير، ما دفع شركات كبرى إلى البحث عن أسواق بديلة مثل دبي وسنغافورة.
وبحسب بيانات قدمتها الهيئة لصحيفة "فايننشال تايمز"، تمت الموافقة منذ بداية أبريل/نيسان الجاري على تسجيل خمس شركات، منها بلاك روك وستاندرد تشارترد، فيما رُفضت أو سُحبت ستة طلبات. وبلغ معدل القبول 45% مقارنة بأقل من 15% في السنوات الخمس الماضية. ورغم هذا التحسن، انخفض عدد الطلبات من 46 في العام المنتهي في أبريل/نيسان 2023 إلى 26 في العام التالي، بينما تراجعت الموافقات من ثمانية إلى ثلاث.
ومنذ 2020، أصبح لزاماً على الشركات العاملة في الأصول الرقمية التسجيل لدى الهيئة، مع الالتزام بمعايير مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وأكدت الهيئة أنها عززت مواردها لتسريع العملية، إذ انخفض متوسط مدة التسجيل من 17 شهراً إلى خمسة فقط العام الماضي.
استعدادات لإطار تنظيمي متكامل
ويأتي هذا التغيير بينما تستعد بريطانيا لإطلاق إطار تنظيمي متكامل لقطاع الكريبتو العام المقبل، بهدف جذب الاستثمارات وتحقيق توازن بين تشجيع الابتكار والرقابة المالية. هذا التوجه يعكس ضغوطاً متزايدة على لندن بعد أن تبنّت دول مثل الولايات المتحدة وسنغافورة سياسات أكثر انفتاحاً.
وحذر سيمون جينينغز، المدير التنفيذي لمجلس الأعمال البريطاني للأصول الرقمية، من أن شركات بمليارات الدولارات قد تفقد صبرها بسبب طول الانتظار في بريطانيا، في وقت تبذل فيه دول أخرى جهوداً نشطة لجذب هذا النوع من الأعمال. ورداً على ذلك، بدأت الهيئة عقد اجتماعات تمهيدية وورش عمل لتوضيح المتطلبات وتسهيل الإجراءات.
رغم هذه التطورات، لا تزال الهيئة تواجه انتقادات باستمرار الحذر المفرط، خاصة بعد أن سمحت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بإطلاق صناديق تداول مرتبطة ببيتكوين، في حين لم تقدم لندن على خطوة مماثلة. وزير الخزانة الأسبق جورج أوزبورن، المستشار الحالي لشركة "كوين بيس"، كتب أن بريطانيا "تتخلف كثيراً" في هذا المجال.
لكن بعض الشركات تشير إلى تحسن فعلي. شركة "GSR" مثلاً، ذكرت أنها شاركت في ورشة عمل نظمتها الهيئة بعد حصولها على الترخيص، ما يعكس توجهاً أكثر انفتاحاً. ويرى خبراء أن تراجع عدد الطلبات قد يعود إلى انتظار الشركات لتوضيح القواعد الجديدة قبل التقديم، وليس لانخفاض في الاهتمام بالسوق البريطانية.
التحدي الأساسي أمام الهيئة اليوم هو إيجاد توازن دقيق بين المرونة لجذب الشركات والصرامة في حماية النظام المالي. فحتى الآن، تم تسجيل 55 شركة فقط، ولا تزال لندن متهمة بالتباطؤ مقارنة بمراكز مالية منافسة.
ومع التزام الحكومة بطرح إطار تنظيمي شامل قريباً، تسعى بريطانيا لإثبات قدرتها على المنافسة وجذب الاستثمارات في مجال الأصول الرقمية، دون التفريط في المعايير الرقابية.