"ويستمنستر" البريطانية.. كنيسة تتويج ومحطة وداع
فيها يتوج ملوك بريطانيا منذ خروجها من تحت سلطة الكنيسة الكاثوليكية، ومنها أيضا يودعون العالم نحو مثواهم الأخير.
كنيسة ويستمنستر تعود للأضواء مجددا مع قرب مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث، لتستعرض قصة المبنى الذي يعتبر مركزا سياسيا واجتماعيا مهما لبريطانيا، قبل أن يصبح "ملكية خاصة للملك" عام 1560.
ومنذ 1066، باتت الكنيسة مكانا لتتويج الملوك البريطانيين، ولكن أيضا محطة أخيرة لوداعهم قبل الدفن.
وفي أربعينات القرن الماضي، بنى الملك إدوارد المعترِف كنيسة حجرية في موقع دير للرهبنة البندكتية تأسس حوالي عام 960، في توسعة كبيرة للموقع.
وبدأت أعمال بناء الكنيسة القوطية المهيبة الحالية، بأوامر من الملك هنري الثالث عام 1245. وصُممت لإقامة مراسم تتويج ودفن الملوك.
أول تتويج
كان وليام الأول أول ملك يُتوج في الكنيسة عام 1066، واستمر التقليد على مر القرون.
وفي 19،53 تُوجت الأميرة إليزابيث وجلست على كرسي التتويج لتصبح الملكة إليزابيث الثانية، وستقام مراسم التتويج نفسها لتشارلز ابنها البكر، الذي سيكون الملك الأربعين الذي يتمّ تتويجه في الكنيسة.
صنع كرسي التتويج في 1300-1301. ويضم الكرسي "حجر السكون" الذي استخدم لقرون في مراسم تتويج ملوك اسكتلندا، والحجر سرق لفترة موقتة في عملية جريئة لطلاب اسكتلنديين في 1950 كسروه عن طريق الخطأ إلى جزئين.
وفي 1996 ومع تصاعد المشاعر القومية، أعيد الحجر رمزيا إلى اسكتلندا، لكنه سيعود من قلعة إدنبره إلى ويستمنستر لمراسم التتويج.
زفاف
شهدت الكنيسة أيضا مراسم زفاف لأفراد من العائلة الملكية، غالبيتها منذ الحرب العالمية الأولى، وأولى تلك المراسم كانت زفاف الملك هنري الأول على الأميرة ماتيلدا من اسكتلندا في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1100.
ومع ذلك، فإنّ معظم مراسم الزفاف جرت بعد الحرب العالمية الأولى، ووالدا الملكة إليزابيث، الأمير ألبرت الذي أصبح فيما بعد الملك جورج السادس، وإليزابث بوز-ليون، تزوجا في الكنيسة في 1923.
وأقيمت مراسم زواج الملكة إليزابيث وفيليب ماونتباتن بالكنيسة في 1947، لتدخل بعض البهجة في سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية.
وشقيقة الملكة، الأميرة مارغريت، وولدي الملكة الأميرة آن والأمير أندرو تزوجوا في ويستمنستر.
وآخر زفاف ملكي في الكنيسة كان زفاف الابن البكر لتشارلز، الأمير وليام على كيت ميدلتون في 2011.
محطة وداع
قبل 14عاما على ذلك أي في 1997، حضر وليام في الكنيسة نفسها جنازة والدته ديانا بعد وفاتها في حادث سير بالعاصمة الفرنسية باريس.
ويُعتقد أن 18 من ملوك بريطانيا مدفونون في مقبرة الكنيسة من بين 30 ملكا وملكة، أولهم إدوارد المعترف وأخرهم الملك جورج الثاني في 1760.
كما تضم المدافن رفات 3300 شخصا من بينهم عدد من أبرز شخصيات التاريخ البريطاني.
ومن بين هؤلاء تشارلز ديكنز وجيفري شوسر وصامويل جونسون وروديارد كيبلينغ وألفرد تنيسون وهنري بورسل ووليام ويلبرفورس ولورنس أوليفييه وتوماس هارد وثمانية رؤساء وزراء.
كما دفن فيها رماد عالم الفيزياء الفلكية الكبير ستيفن هوكينغ عام 2018 بين قبري آيزاك نيوتون وتشارلز داروين.
ولشخصيات كبيرة أخرى لوحات في الكنيسة تخلد ذكراهم مثل جين أوستن وبنجامين بريتن ونويل كوارد وفرانسيس دريك وإدغار إلغار ومارتن لوثر كينغ وأوسكار وايلد.
وفيها أيضا شاهد قبر لرئيس الوزراء في فترة الحرب وينستون تشرتشل داخل المدخل الغربي للكنيسة.
وأقيم شاهد القبر قرب مقبرة الجندي المجهول، الذي أحضرت جثته من البر الأوروبي بعد الحرب العالمية الأولى، ويرمز القبر لجميع الجنود البريطانيين الذين سقطوا في المعارك.
وتركت الملكة إليزابيث الثانية ووالدتها قبلها، باقتي زفافهما على القبر.
عقار العرش
الكنيسة، واسمها الكامل "كنيسة القديس بطرس الجامعة، ويستمنستر"، هي "عقار تابع للعرش"، ما يعني أنها لا تخضع لأي سلطة كنسية ما عدا سلطة الملك أو الملكة.
والملك البريطاني هو الرأس الأعلى لكنيسة إنكلترا، ويمكن للكنيسة في الأوقات العادية استيعاب نحو 2200 شخص، علما بأن غالبيتهم لن يتمكنوا من مشاهدة مراسم الجنازة بسبب الشاشة التي ستفصل صحن الكنيسة عن الجوقة.
واحتشد قرابة 8250 شخصا لمراسم تتويج الملكة إليزابيث بعد أن أقيمت منصات مخصصة لذلك، فيما سيحضر حوالي ألفي شخص تتويج الملك تشارلز، بسبب قيود حديثة تتعلّق بالصحة والسلامة.
والكنيسة مفتوحة للعامة وتقيم القداديس والصلوات بشكل عادي.