أوكرانيا تعاني وروسيا تدافع.. صراع معقد على "جبهة ملاكمة"
تطرق أوكرانيا كل الأبواب؛ تطلب السلاح وتضغط بالهجوم المضاد وتثير الأجواء بالمسيرات، لكن الوضع أقرب للجمود، وهجومها يواجه صعوبات جمة.
حرب أقرب إلى مناورات على حبال حلبة الملاكمة، لا أحد يريد الخسارة ولا أحد قادر على إصابة الخصم؛ مجرد محاولات للهروب للأمام ودفع الطرف الآخر لارتكاب الخطأ أولا، ما يعقد المشهد وينذر بقتال طويل للغاية.
وفي مسعى لتأمين السلاح، أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أمس الأحد، جولة في شمال أوروبا شملت الدنمارك وهولندا حيث أشاد بقرار "تاريخي" اتّخذه البلدان بتزويد بلاده مقاتلات إف-16 الأمريكية، واستمتع بالتقاط الصور في قمرة قيادة هذه المقاتلات.
وكتب زيلينسكي على منصّة "إكس" (تويتر سابقا) "سيتلقّى مُقاتلونا 42 طائرة مقاتلة" من هولندا، شاكرا رئيس الوزراء مارك روته.
وستُضاف هذه الطائرات الـ42، إلى 19 طائرة تعهّدت الدنمارك توفيرها لكييف.
وأعطت الولايات المتحدة، الجمعة الماضي، موافقتها على تسليم هولندا والدنمارك مقاتلات إف-16 أمريكيّة لكييف بمجرّد انتهاء تدريب طيّارين أوكرانيّين.
وبدأ تدريب الطيارين الأوكرانيين الذي يتولاه تحالف من 11 دولة غربية، وسط آمال في أن يكون الطيّارون جاهزين بحلول مطلع 2024. لكن الأمر يمر بعقبات لوجستية منها ضرورة تعلم الطيارين اللغة الإنجليزية أولا.
وترى أوكرانيا أن هذه المقاتلات يمكن أن تحدث فرقا في المعارك في وقت قريب، وتدفع دفة محاولاتها استرداد 20% من أراضيها الخاضعة لسيطرة الروس في الوقت الحالي.
هجوم مأزوم
لكن تفاؤل أوكرانيا المعلن بمقاتلات إف 16، لا يعكس الوضع المعقد على الجبهات، ونقص المعدات، إذ قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، إن الهجوم المضاد يظهر علامات على التوقف.
الصحيفة لفتت أيضا إلى أن القوات الروسية تتقدم في الشمال، فيما تتأخر خطة تدريب الطيارين الأوكرانيين على طائرات إف-16 .
ووفق الصحيفة، يؤجج عجز أوكرانيا عن إظهار نجاح حاسم في ساحة المعركة المخاوف من أن الصراع أصبح مأزقا وأن الدعم الدولي قد يتآكل.
فيما توقع تقرير استخباراتي أمريكي جديد أن يفشل الهجوم المضاد في الوصول إلى مدينة ميليتوبول الرئيسية في جنوب شرقي أوكرانيا، هذا العام.
ونقلت "واشنطن بوست" عن محللين قولهم إن روسيا وأوكرانيا تحاولان استنزاف بعضهما البعض أكثر من محاولة تحقيق اختراقات كبيرة في الجبهة. كما أن نافذة الوقت المتاحة لكييف للقيام بعمليات هجومية هي محدودة.
وفي الـ٩ أشهر الماضية، لم تحرز القوات الأوكرانية تقدما يذكر بعد استعادة مدينة خيرسون الجنوبية في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع حلول الطقس القارس.
ضربات المسيرات
وفيما تقوم أوكرانيا بزيادة وتيرة ضربات طائراتها بدون طيار للأهداف الروسية، قال المحللون للصحيفة إنها من غير المرجح أن تقلب ميزان الحرب لصالح كييف.
وفي أحدث حلقات هذه الضربات، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الإثنين، عن إحباط هجوم باستخدام طائرة مسيرة في ضواحي موسكو، متهمة كييف بالوقوف وراءه.
وأضافت الدفاع الروسية أن نظم الدفاع الجوي رصدت الطائرة المسيرة الأوكرانية فوق منطقة موسكو، وتم اعتراضها باستخدام وسائل الحرب الإلكترونية.
وبجانب التصدي للطائرات المسيرة، تبدي القوات الروسية مقاومة شرسة على جبهات القتال المختلفة في أوكرانيا، بل وتحقق تقدما هجوميا، وفق واشنطن بوست.
وعلى الجبهة الجنوبية، تواصل القوات الأوكرانية الاعتماد على تكتيك التحرك ببطء لتأمين تقدم قواتها، بدلا من التحرك السريع الذي يوصي به الحلفاء الغربيون وخاصة الولايات المتحدة.
ووفق تقارير غربية، تعاني أوكرانيا من نقص المعدات على الجبهات المختلفة، وتحتاج إلى أسلحة أكثر حداثة وفتكا لاختراق الدفاعات الروسية القوية، لذلك تعول على مقاتلات إف 16 الأمريكية.
خيارات محدودة
لكن استخدام هذه المقاتلات بكفاءة على الجبهة يحتاج وقتا طويلا، قدره البعض بعامين على الأقل، حتى يتسنى للطيارين الأوكرانيين التمكن من قيادة الطائرة وتفادي ضربات أنظمة الدفاع الروسية المتقدمة.
لذلك، يقول المحللون لـ"واشنطن بوست"، إنه في حال لم يحدث شيء مفاجئ، أو تحصل كييف على مجموعات أسلحة قوية للغاية قادرة على تغيير التوازن على الأرض، فمن الواضح أن خيارات أوكرانيا تبدو محدودة جدا.
وقدّرت الصحيفة، أن القوات الأوكرانية استعادت ما يقرب من 81 ميلًا مربعًا فقط من أراضيها منذ بداية الهجوم المضاد في يونيو/حزيران الماضي، وتحققت أكبر المكاسب بالقرب من باخموت في الشرق، وهو تقدم لا يلبي تطلعات كييف أو الحلفاء.