السير على "ألغام أوكرانيا".. النمسا عالقة في فخ "الحياد"
أيام صعبة تعيشها "مسألة الحياد" في النمسا في ظل جدل متفجر يعكس كثيرا من الشد والجذب حول مشاركة فيينا في إزالة الألغام في أوكرانيا.
ويوم الثلاثاء، قالت وزيرة الدفاع النمساوية كلوديا تانر، على هامش اجتماعات وزراء الدفاع الأوروبيين في بروكسل: "لن نرسل جنودا نمساويين لأوكرانيا لنزع الألغام".
وتابعت الوزيرة "يجب التفرقة بين إزالة الألغام لأسباب إنسانية وإزالة الألغام لأسباب عسكرية، ونحن ندعم العملية ذات الطابع الإنساني في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا".
ووصفت تانر النقاش حول المشاركة النمساوية المحتملة في أنشطة إزالة الألغام في أوكرانيا بأنه "نقاش ساخن".
ومع ذلك، شددت على دعم النمسا المستمر لأوكرانيا، وقالت "نحن نفعل ذلك بشكل مكثف"، مضيفة "هناك المزيد من المساعدات لأوكرانيا على جدول الأعمال الأوروبي"
تصريحات الوزيرة الجديدة جاءت بعد أيام من تصريحات أكثر وضوحا حول الملف، حين قالت "المساعدة في إزالة الألغام الآن تساعد الجيش الأوكراني على التقدم على الأرض بشكل أسرع وتسهم بشكل غير مباشر في أعمال الحرب، وذلك ينتهك حياد البلاد" المعلن عام 1955.
ورأت الوزيرة أنه لا ينبغي إغفال "أن مناطق الخطوط الأمامية هي المناطق الملغومة وليس الخطوط الخلفية".
ومضت قائلة في تصريحات نقلتها صحيفة دير شتاندرد النمساوية: "لن نخاطر بتوريط جنود نمساويين وزجهم في أعمال حربية حتى ولو بشكل غير مباشر ".
وأوضحت "بالنسبة لدولة محايدة مثل النمسا فإن مثل هذا التدخل يتعارض مع القانون الدستوري الاتحادي، وبالتالي لا يمكن تصور حدوثه".
وزيرة الدفاع ليست الوحيدة التي تتصدر المشهد في هذا الملف، إذ قال وزير الخارجية النمساوي، ألكسندر شالنبرغ، الإثنين: "نحن نساعد بالفعل في إزالة الألغام في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وسنواصل بالطبع على هذا الخط".
وتابع "نحن ندرس حاليًا المزيد من المبادرات حول كيفية مساعدة أصدقائنا الأوكرانيين في إزالة الألغام إما ماليًا أو بمساهمات عينية"، مضيفا "أعتقد أن النقاش قد احتدم" حول هذا الأمر.
موقف المستشار كارل نيهامر كان حاسما في هذا الجدل، إذ قال في بيان الجمعة الماضي: "لن تطأ قدم أي جندي نمساوي الأراضي الأوكرانية من أجل مثل هذه المهمة العملياتية طالما أن أوكرانيا منطقة حرب".
وتابع في كلمات واضحة "كل من يريد إرسال جنود نمساويين إلى منطقة حرب يخاطر بألا يعودوا أحياء.. هذا الثمن كبير للغاية".
لكن رئيس البلاد يتبنى خطا مغايرا للمستشار، إذ قال الرئيس ألكسندر فان دير بلين، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، قبل أيام، إنه "لا يفهم لماذا لا تزال الحكومة الفيدرالية مترددة بشأن مسألة إزالة الألغام في أوكرانيا"، معبرا عن اقتناعه بالمشاركة.
وما يفاقم الوضع، أن الحكومة نفسها ليست موحدة في رفض المشاركة على الأرض بعمليات إزالة الألغام بأوكرانيا، إذ يوافق حزب الخضر الشريك في الائتلاف الحاكم على المشاركة.
إذ نقلت صحيفة دي برسه النمساوية عن نائب المستشار النمساوي وزعيم حزب الخضر، فيرنر كوغلر، تأييده لفكرة المشاركة في نزع الألغام كمهمة إنسانية، وقال للصحيفة "هذه ليست مسألة تمس الحياد بل أنها مهمة إنسانية".
على مستوى أحزاب المعارضة، تختلف المواقف أيضا، إذ يوافق الليبراليون "النيوز"، على المشاركة في إزالة الألغام في أوكرانيا. وقال المتحدث باسم الأمن والدفاع في الحزب، دوجلاس هويوس "نحن سعداء بالتصريح الواضح للرئيس الاتحادي. إذا تحدث القائد العام للقوات المسلحة النمساوية لصالح دعم إزالة الألغام من المناطق المدنية في أوكرانيا، فلن تتمكن وزيرة الدفاع تانر من رفض الاقتراح".
أما حزب الحرية اليميني المتطرف، والمتهم بأنه موالي لموسكو، فيعارض المشاركة. وقال الناطق باسم حزب الحرية اليميني المتطرف، فولكر رايفينبرغر، في تصريحات سابقة إنه لا يجب المشاركة في نزع الألغام "طالما هناك حرب في أوكرانيا، لأن مثل هذا النهج لن يكون عملية إنسانية ولن يكون متوافقًا مع حياد النمسا الدائم".
في المقابل، انتقدت أوكرانيا، النمسا على شاشات التلفزيون النمساوي بعد رفض المستشار المشاركة في إزالة الألغام، وطالبت فيينا بالمشاركة "كبادرة إنسانية".
وجاء الانتقاد على لسان نائب وزير الخارجية الأوكراني، أندريه مليلنيك، الذي وصف تصرفات النمسا في مداخلة قبل أيام على التلفزيون النمساوي، بأنها "مخيبة للآمال للغاية".
على مستوى الخبراء، قال أستاذ القانون الدولي في جامعة فيينا، رالف جانيك، في تصريحات صحفية: "نظرًا لأن إزالة الألغام للأغراض الإنسانية ليس تدبيرًا عسكريًا مباشرًا ضد جيش أجنبي، فيجب السماح بذلك".
وتابع "تدعم أيرلندا، وهي أيضًا محايدة، أوكرانيا في إزالة الألغام دون أن ترى أي مشاكل قانونية في العملية. لماذا لا ينطبق ذلك على النمسا؟".
aXA6IDE4LjIyMS41OS4xMjEg جزيرة ام اند امز