أوكرانيا.. هل يستطيع بايدن الموازنة بين الردع والاستفزاز؟
تنخرط الولايات المتحدة وروسيا في سياسة حافة الهاوية الخطيرة حول أوكرانيا، وبات مستقبل العلاقات بين الأعداء القدامى على المحك.
وذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية أن احتمال تعزيز حلف شمال الأطلسي (الناتو) بالحلفاء في أوروبا الشرقية يبدو أمرا لا مفر منه، تحسبا لغزو القوات الروسية.
وربما حظي الرئيس الأمريكي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين بلحظات قصيرة من الضحك والترحيب اللطيف عندما تحدثا عبر مكالمة الفيديو، الثلاثاء، لكن تهديد غزو أوكرانيا والتداعيات الكارثية التي قد تتبع ذلك وضعت الأول أمام أصعب تحد بسياسته الخارجية حتى الآن، بحسب "التايمز".
وأشارت الصحيفة إلى أن أسوأ سيناريو يواجهه بايدن هو الحرب بين روسيا والناتو، وهو شيء لم يكن من الممكن تصوره في الثلاثة عقود الماضية التي أعقبت الحرب الباردة، ويتعين على بايدن اختيار التوازن السليم بين "ردع طموحات بوتين التوسعية وأي عمل قد يعتبر استفزازا"، حسب تعبيرها.
ورأت الصحيفة أن إرسال قوات أمريكية وأسلحة إلى أوكرانيا الآن لإجهاض غزو محتمل في يناير/كانون الثاني أو بداية فبراير/شباط سيكون بلا شك استفزازا كبيرا، وله عواقب لا يمكن التنبؤ بها تماما.
واستبعد بايدن (79 عامًا) ذلك تماما، علانية على الأقل، وعلى الأرجح يرى بوتين (69 عاما) أنه ليس خيارا أمريكيا واقعيا.
وكل ما فعله البنتاجون هذا الأسبوع هو شحن أسلحة صغيرة وذخائر إلى أوكرانيا، وهي آخر جزء في حزمة أمنية بقيمة 60 مليون دولار أعلنت عنها واشنطن في أغسطس/آب.
وذكرت "التايمز" أنه "إذا احتفظ بايدن بالخيار الوقائي، لكان قد واجه معارضة من الكونجرس والشعب الأمريكي لمشروع ينطوي على مخاطرة في بلد ليست عضوا بحلف شمال الأطلسي، خاصة أن سحب القوات من أفغانستان منذ أقل من أربعة شهور بعد حرب فشلت في تحقيق النتيجة المرجوة.
وقال مارك كانسيان (70 عاما)، كولونيل متقاعد بسلاح مشاة البحرية الأمريكية والمستشار الكبير بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "قد يدفع البعض بإرسال القوات إلى أوكرانيا لكن البلد صعب الدفاع عنه للغاية لأنه كبير جدا ومكشوف".
وأضاف "في شرق أوكرانيا، لا يوجد دفاعات طبيعية ويتمتع الروس بميزة التمركز ويمكنهم نقل قواتهم بسرعة أكبر".
وأضاف: "إنه ليس الاتحاد السوفيتي بجيش من الجنود غير المهرة.. إنهم يشبهوننا كثيرًا الآن: معظمهم متطوعون، ومدربون جيدا، ومعهم تجهيزات ممتازة.. سيكونون خصما قويا، لذلك إذا أرسلت الولايات المتحدة قوات رمزية إلى أوكرانيا سيكون ذلك مخاطرة كبيرة وقد يؤدي لخسائر".
لكن كانسيان أشار إلى أنه لا يتوقع من الأساس بأن بوتين سيعطي إشارة الضوء الأخضر، قائلًا: "من الصعب تصديق أن بوتين سيغزو أوكرانيا.. إنها خطوة كبيرة. لديه بالفعل الطرف الشرقي من أوكرانيا، وأشك في أنه يريد دفع ثمن اقتصادي ودبلوماسي للسيطرة على مزيد من الأراضي الأوكرانية".
ومن جانبها، ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الاجتماع الافتراضي الذي جرى بين بايدن وبوتين، الثلاثاء، لم يحل الأزمة العسكرية التي تهدد أوكرانيا، بل أوضح أمرين.
وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن الأمر الأول يتمثل في أن المكالمة أكدت مطالب روسيا بضمانات قانونية لتقييد توسع الناتو ونشر قواته بالقرب من حدودها، أما الأمر الثاني فيتعلق بتفاصيل العقوبات التي قد تواجهها روسيا حال غزت أوكرانيا.
وتساعد تلك التطورات في حل الجدل المحتدم بشأن كيفية رد الغرب على التعزيزات العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا.
لكن تتفق جميع الأطراف على أن رغبة روسيا في تغيير الوضع الراهن خلق الأزمة، وأن المواجهة العسكرية المباشرة بين روسيا والغرب قد تكون كارثية، لكنهم يختلفون حول كيفية الرد.
وطبقًا لـ"فورين بوليسي" هناك ثلاثة آراء حول الحشود العسكرية الروسية تتمثل في أن موسكو تخادع، أو أنها تشكل تهديدا حقيقيا على كييف ويجب على أوكرانيا تقديم تنازلات، أو أن واشنطن وحلفاءها يجب أن تهدد برد قوي لردع روسيا.
aXA6IDMuMTIuMzQuMjA5IA== جزيرة ام اند امز