أزمة أوكرانيا.. الغرب يتأهب بعقوبات و"عتاد" وخطة طوارئ للطاقة
"عقوبات وعتاد وخطة طوارئ لمواجهة أزمة الطاقة".. هكذا يستعد الغرب لمواجهة تدخل روسي محتمل في أوكرانيا.
وتعهّد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الثلاثاء، بأن تواجه روسيا عقوبات غربية "أشدّ من أيّ أمر قمنا به من قبل" إذا غزت أوكرانيا، وذلك في أعقاب محادثات مع قادة عدد من الدول الحليفة بشأن تهديدات موسكو.
- قرب أوكرانيا وفي القرم.. روسيا تبدأ مناورات جديدة
- أوكرانيا تفكك "جماعة إجرامية" مدعومة روسيًا تحضّر لهجمات
وقال جونسون، أمام البرلمان: "لا يمكننا المساومة على رؤية لأوروبا موحدة وحرة"، والتي برزت بعد نهاية الحرب الباردة عام 1989، "لأنّ روسيا أشهرت مسدّسا على أوكرانيا".
واتهم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الثلاثاء، بأنه يضع عينه على دول الاتحاد السوفيتي السابق الأخرى لإعادة بناء ما وصفه بمجال النفوذ القديم للبلاد.
وقال جونسون أمام البرلمان: "ما يريده بوتين بشكل أساسي هو العودة إلى نظام مناطق النفوذ القديم، وليست أوكرانيا وحدها.. التي يضع عينه عليها".
ومن ناحية أخرى، قال جونسون إن "بريطانيا وأعضاء حلف شمال الأطلسي الآخرين يجب أن يحرصوا على عدم إعطاء روسيا مبررا لغزو أوكرانيا"، مضيفا أنه "لا يوجد أعضاء في الحلف على استعداد لإرسال أعداد كبيرة من القوات للقتال في أوكرانيا نفسها".
وأضاف: "علينا أن نحذر من القيام بأشياء.. من شأنها أن تشكل ذريعة (للرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لغزو أوكرانيا".
ومضى يقول "علينا أن نحسب ما نقوم به حسابا دقيقا وأعتقد أن وضع حزمة قوية من العقوبات الاقتصادية، والاستمرار في توفير الأسلحة الدفاعية (لأوكرانيا)، وجميع الأمور الأخرى التي نقوم بها- هذه هي الحزمة الصحيحة".
وأشار رئيس الوزراء البريطاني في هذا الإطار إلى أنه يبحث مع الولايات المتحدة منع روسيا من الوصول إلى نظام المدفوعات العالمي السريع.
ولدى سؤاله عن ذلك النظام وما إذا كانت بريطانيا ستمنع روسيا من الوصول إليه، قال جونسون: "ليس هناك شك في أن ذلك سيكون سلاحا قويا للغاية".
وأضاف للمشرعين: "أخشى أنه لا يمكن فعل ذلك إلا بمساعدة الولايات المتحدة. نحن في مناقشات حيال ذلك".
أوكرانيا تقلل من خطر غزو روسي
وقلل وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، من خطر غزو روسي شامل، وألقى بجزء من اللوم على التوتر المتصاعد في الإعلام الدولي، وأصر على أن "التهديد من الكرملين لم يتغير كثيرا خلال السنوات الثماني الأخيرة".
ورفض ريزنيكوف خطاب الاستعداد للحرب، ودعا للهدوء بينما تحشد روسيا أكثر من 100 ألف جندي ودبابات وأسلحة ثقيلة على الحدود الشرقية لأوكرانيا، حسبما ذكرت وكالة بلومبرج.
وأضاف الوزير أنه بالرغم من تحذيرات الولايات المتحدة من استعداد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو محتمل، لا خطر وشيكا من هجوم بهذا المدى.
وقال ريزنيكوف، في تصريحات صحفية، بعد اجتماع مغلق مع نواب بالبرلمان في كييف: "لم يشكل الجيش الروسي حتى اليوم مجموعة هجوم من شأنها أن تكون قادرة على تنفيذ غزو".
عتاد أمريكي وذخائر إلى أوكرانيا
وهبطت طائرة أمريكية تحمل عتادا عسكريا وذخائر في كييف، الثلاثاء، في ثالث شحنة ضمن حزمة أمنية قيمتها 200 مليون دولار لدعم أوكرانيا في الوقت الذي تستعد فيه لمواجهة هجوم عسكري روسي محتمل.
وقال وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف للصحفيين قبل هبوط الطائرة "شركاؤنا يزيدون من حجم المساعدة العسكرية. واليوم تصلنا الطائرة الثالثة من حكومة الولايات المتحدة كجزء من هذه المساعدة".
والولايات المتحدة أقوى داعم لأوكرانيا في محاولة لتجنب هجوم جديد من جانب روسيا التي حشدت قواتها بالقرب من الحدود الأوكرانية. وتنفي موسكو التخطيط لشن هجوم.
وخصصت الولايات المتحدة أكثر من 650 مليون دولار من المساعدات الأمنية لأوكرانيا العام الماضي وأكثر من 2.7 مليار دولار إجمالا منذ 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وعبرت أوكرانيا عن امتنانها لتلقي المساعدة، غير أنها انتقدت الانسحاب الجزئي لموظفي السفارة الأمريكية وغيرهم من العاملين بالسفارة ووصفت ذلك بأنها خطوة "سابقة لأوانها".
"خطة طوارئ" لحماية إمدادات الطاقة
وحذّرت الولايات المتحدة، الثلاثاء، من أنها قد تفرض عقوبات قاسية على روسيا تشمل قيوداً على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدّمة الأمريكية، فيما أكّدت أنّ محاولات موسكو استخدام قطاعها الضخم للنفط والغاز كـ"سلاح" ستأتي بنتائج عكسية.
وقال مسؤول أمريكي رفيع، طالباً عدم الكشف عن هويته: "نحن على استعداد لفرض عقوبات تحمل تداعيات هائلة" تتجاوز الإجراءات السابقة التي طُبّقت عام 2014 بعدما اجتاحت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية.
وأضاف "ولّى زمن الإجراءات التدريجية"، مؤكداً أنّه في حال قامت روسيا بغزو أوكرانيا مجدداً "فسنبدأ من أعلى سلّم التصعيد".
وتطرّق المسؤول الأمريكي إلى المخاوف السائدة في أوروبا من أن تردّ روسيا على أيّ عقوبات عبر تقليص صادراتها من الطاقة إلى القارة العجوز التي تعتمد عليها بشدة، بالقول إن موسكو ستؤذي نفسها أيضاً في حال أقدمت على خطوة من هذا القبيل.
وأوضح أنّه على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحصل على حوالى 40% من إمداداته من روسيا، إلا أن موسكو تعتمد أيضاً بشكل كبير على عائدات الطاقة في ميزانيتها الوطنية، ما يعني أنّه "اعتماد متبادل".
وتبحث الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون في الأسواق العالمية عن مصادر بديلة للطاقة للتخفيف من تداعيات أي نزاع، في وقت تعاني فيه أوروبا في الأساس من ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير خلال الشتاء.
وقال المسؤول "نعمل مع الدول والشركات حول العالم لضمان أمن الإمدادات وتجنّب أي صدمات في الأسعار" في إطار "خطة طوارئ" تشمل التفاوض مع جهات إمداد في شمال إفريقيا وآسيا "لزيادة إنتاج الغاز بشكل مؤقت".
ولفت إلى أن صهاريج الغاز الطبيعي المسال بدأت بالفعل تغيير مسارها من آسيا، ما "يؤثّر بشكل كبير على صمود إمدادات الطاقة في أوروبا".
وأكّد أنّ حزمة العقوبات الاقتصادية التي تعدّها واشنطن للردّ على أيّ غزو روسي لأوكرانيا ستشمل قيوداً غير مسبوقة على صادرات معدّات التكنولوجيا المتقدمة الأمريكية.
وقال "نتحدّث عن تكنولوجيا متقدّمة نصمّمها وننتجها"، مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمّية وتكنولوجيا صناعة الطيران وهو ما "سيضرب بشدّة طموحات (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين الاستراتيجية لتحويل اقتصاده نحو التصنيع".
وأردف "هذه قطاعات دافع عنها بوتين نفسه على اعتبارها طريق روسيا للمضيّ قدماً في تنويع اقتصادها ليتجاوز النفط والغاز".
وتابع "في العديد من الحالات، إذا كانت روسيا ترغب بتطوير هذه القطاعات، فهي تحتاج إلى استيراد التكنولوجيا والمنتجات التي لا ننتجها إلا نحن وحلفاؤنا وشركاؤنا".
في سياق متصل، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، روسيا لخفض التصعيد فيما يخص الأزمة الأوكرانية.
وأكد الرئيس الفرنسي أن "أوروبا متحدة وجاهزة للدفاع عن أوكرانيا ولكنها لن تتخلى عن الحوار مع روسيا"، لافتا إلى أن "روسيا تزعزع التوازن في أوروبا وفي مناطق أخرى".
ومن جانبه، قال المستشار الألماني، أولاف شولتس، في تصريحات خلال لقاء مع الرئيس الفرنسي، إنه "يتعين علينا أخد التهديدات الروسية ضد أوكرانيا على محمل الجد وسنفعل كل ما بوسعنا لخفض هذا التصعيد".
وأضاف المستشار الألماني: "سنواصل تقديم الدعم إلى أوكرانيا في مواجهة التهديدات الروسية، ونسعى لتعزيز أمن واستقرار أوروبا وندعو لاحترام سيادة ووحدة الدول".
وفي ذات السياق أكد البيت الأبيض، أن "الرئيس بايدن لا يرغب في إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا بخلاف قوات حلف شمال الأطلسي".
يأتي هذا، بينما ناقش وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيرته البريطانية ليز تروس سبل الرد على الحشد العسكري الروسي على الحدود الأوكرانية.
وقالت الخارجية الأمريكية، في بيان، إن "واشنطن تنسق مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي وأوروبا لتشجيع روسيا على تخفيف حدة التوتر والالتزام بمسار الدبلوماسية".