أزمة روسيا وأوكرانيا.. رابحون وخاسرون في ميزان الأسواق
في ميزان الربح والخسارة، فإن الأسواق العالمية تضررت فعلا من التوترات القائمة بشأن الأزمة الأوكرانية.. فمن المستفيد؟
ظهرت مخاوف أوكرانية من خطوة أمريكية قامت بها الأخيرة، خلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، شملت سحب الولايات المتحدة بعض دبلوماسييها من كييف خشية تنامي التوتر بين أوكرانيا وروسيا.
ومنذ نهاية العام الماضي، تحذر الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، من أن روسيا تمهد الطريق لغزو أوكرانيا، حيث نشرت مسبقا أكثر من 100 ألف جندي على حدودها مع أوكرانيا، إلى جانب عمليات انتشار كبيرة للمدفعية والدبابات.
- الدولار "يدهس" الروبل الروسي بعد تصاعد نذر الحرب في أوكرانيا
- أسعار العملات الرقمية.. الدب الروسي يوجه ضربة قاتلة لـ"بيتكوين"
من جهتها، رفضت روسيا الاتهامات بشأن تحركات قواتها داخل أراضيها، ونفت وجود أي خطط "عدوانية" لديها تجاه أوكرانيا قائلة إن قواتها موجودة هناك لإجراء تدريبات منتظمة.
لكن في ميزان الربح والخسارة، فإن الأسواق الروسية والأوكرانية والأوروبية كذلك، تضررت فعلا من هذه التوترات القائمة، والمخاوف من قيام روسيا بضم أوكرانيا إليها بشكل كامل.
** أسعار الذهب
وبدأت أسعار الذهب تستعيد تعافيها فوق حاجز 1800 دولار للأوقية خلال الأسبوعين الماضيين، وسط توجه شريحة من المستثمرين في أوروبا بما فيها روسيا، إلى الصناديق المقومة بالمعدن الأصفر، تجنبا لأية خسائر من خطوة روسية محتملة.
ويراوح سعر أونصة الذهب في تعاملات الأسبوع الجاري بين 1825 و1845 دولارا لأوقية في تعاملات العقود الآجلة، تسليم مارس/آذار المقبل.
** أسعار الطاقة
وفي وقت صعد فيه سعر الغاز الطبيعي في أوروبا لمستويات تاريخية خلال وقت سابق من الشهر الجاري، بالتزامن مع ارتفاع حاد للطلب على الغاز من دول القارة، فإن أية خطوة من روسيا لضم أوكرانيا من شأنه أن يزيد الأسعار والأعباء على دول أوروبا.
وتزود روسيا، أوروبا، بأكثر من 30% من حاجتها من الغاز الطبيعي، فيما تعتبر أوكرانيا مستفيدة جزئيا من عقود الغاز الموقعة بين موسكو وبروكسل.
وقد تستخدم روسيا ورقة الغاز الطبيعي للضغط على أية خطوات قد تتبعها دول أوروبا، أو تعميق العقوبات المفروضة عليها، من خلال خفض كميات إمدادات الغاز الروسي.
كذلك، تعتبر روسيا ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بمتوسط إنتاج يومي 10.2 ملايين برميل يوميا، وتزود أوروبا بكميات متوسط 4 ملايين برميل يوميا من النفط الخام.
** أسعار الحبوب
وتعتبر كل من روسيا وأوكرانيا إلى جانب كازاخستان من كبار مصدري الحبوب حول العالم، في وقت يتجه أي نزاع عسكري مرتقب لعرقلة الإمدادات، بينما أسعار الحبوب سجلت زيادات حادة في عام 2021.
ومن المحتمل أن يكون لأي انقطاع في تدفق الحبوب من منطقة البحر الأسود، تأثير كبير على الأسعار ويضيف مزيدا من الوقود إلى تضخم الغذاء في وقت تشكل فيه القدرة على تحمل التكاليف، مصدر قلق كبير في جميع أنحاء العالم.
هناك أربع دول مصدرة رئيسية - أوكرانيا وروسيا وكازاخستان ورومانيا - تشحن الحبوب من موانئ البحر الأسود والتي قد تواجه اضطرابات بسبب أي عمل عسكري أو عقوبات.
ومن المتوقع أن تكون أوكرانيا ثالث أكبر مصدر للذرة في العالم في موسم 2021/22 ورابع أكبر مصدر للقمح، وفقًا لبيانات مجلس الحبوب الدولي، بينما روسيا هي فعليا اليوم أكبر مصدر للقمح في العالم.
** الأسواق والعملات
ونشرت وكالة رويترز خلال الأيام الماضية، أن الأصول الروسية والأوكرانية قد تكون في طليعة أية تداعيات للأسواق من عمل عسكري محتمل.
وكان أداء السندات الدولارية لكلا البلدين دون نظيراتها في الأشهر الأخيرة، حيث قلص المستثمرون الانكشاف وسط التوترات المتصاعدة بين واشنطن وحلفائها وموسكو.
تعد أسواق الدخل الثابت في أوكرانيا من اختصاص مستثمري الأسواق الناشئة بشكل رئيسي، في حين تقلص مكانة روسيا بشكل عام في أسواق رأس المال في السنوات الأخيرة وسط حالة من الحرمان.
والإثنين، قرر البنك المركزي الروسي "بنك روسيا" تعليق شراء العملة الأجنبية الاستراتيجية حاليا في ضوء ضعف الروبل والتوترات بشأن أوكرانيا. وأعلن البنك المركزي وقف عمليات شراء العملة إلى أجل غير مسمى.
وقال بيان إن هذا التعليق يستهدف مواجهة "التقلبات في الأسواق المالية".
وتأتي هذه الخطوة في ضوء ضعف العملة الروسية بسبب الأزمة على الحدود الأوكرانية، حيث تحشد روسيا مزيدا من القوات. وهناك مخاوف من غزو روسي لأوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو.
** المستفيدون
في فقرتين اثنتين، يمكن تلخيص المستفيدين من أي تصعيد روسي لأوكرانيا، وهم كبار مصدري الحبوب الآخرين في العالم، وشركات الطاقة حول العالم العاملة في قطاعي النفط والغاز الطبيعي.
كذلك، ستكون الاستثمارات الصاعدة في الذهب ملاذا للمستثمرين الهاربين من أية خسائر، إلى جانب الاستثمار في السندات، المصنفة كأكبر محافظ على قيمتها حول العالم.