لغز الشرق.. زحف الروس يضغط الأوكران
تلمح أوكرانيا منذ يوم أمس الجمعة إلى انسحاب قواتها من آخر جيب لها في لوجانسك مع التقدم السريع الذي تحققه القوات الروسية في الشرق.
التلميح الأوكراني يمس تغييرا كبيرا يجري حاليا في تطورات الحرب الدائرة منذ فبراير/شباط الماضي.
وربما يُقرب الانسحاب الأوكراني الرئيس فلاديمير بوتين من هدفه المعلن المتمثل في السيطرة على منطقتي دونيتسك ولوجانسك في شرق أوكرانيا بالكامل.
وفي الفترة الماضية حققت القوات الروسية مكاسب ميدانية في المنطقتين اللتين تكونان معا حوض دونباس، بعد تركيز موسكو على مناطق الشرق بشكل أساسي.
منطقة لوجانسك
وقال سيرهي جايداي، حاكم منطقة لوجانسك بشرق أوكرانيا، إن القوات الروسية دخلت سيفيرودونتسك، أكبر مدينة تسيطر عليها أوكرانيا في منطقة دونباس الشرقية، بعد محاولة مستمرة منذ أيام لمحاصرة القوات الأوكرانية في المدينة التي قال جايداي سابقا إن 90 بالمئة من مبانيها تعرضت للدمار.
وقال جايداي على تليجرام: "لن يتمكن الروس من السيطرة على منطقة لوجانسك في الأيام المقبلة كما توقع المحللون"، في إشارة إلى سيفيرودونتسك وليسيتشانسك الواقعتين على الجانب الآخر من نهر سفريسكي دونيتس.
وأضاف "سيكون لدينا ما يكفي من القوة والموارد للدفاع عن أنفسنا. ولكن من الممكن أن نتراجع حتى نتجنب تطويقنا".
وقال الانفصاليون الموالون لموسكو، إنهم يسيطرون الآن على ليمان، وهي مركز رئيسي للسكك الحديدية إلى الغرب من سيفيرودونتسك.
فيما قال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا سيطرت على معظم المدينة، لكنهم أضافوا أن القوات الأوكرانية تعرقل التقدم إلى سلوفيانسك، وهي مدينة تبعد نصف ساعة بالسيارة عن ليمان صوب الجنوب الغربي.
بدوره، قال الرئيس فولوديمير زيلينسكي إن أوكرانيا تحمي أراضيها "بقدر ما تسمح به مواردنا الدفاعية الحالية"، مضيفا أن الجيش صد ثماني هجمات في دونيتسك ولوجانسك يوم الجمعة ودمر دبابات وعربات مدرعة.
وأضاف زيلينسكي في كلمة "إذا اعتقد الروس أن ليمان وسيفيرودونيتسك ستكونان لهما، فهم مخطئون.. دونباس ستكون أوكرانية".
ثمن باهظ
وأمس الجمعة، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لتلفزيون بلومبرج إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يواصل التقدم في دونباس بثمن باهظ عليه وعلى الجيش الروسي".
وتقدمت القوات الروسية في دونباس بعد اختراق الخطوط الأوكرانية الأسبوع الماضي في مدينة بوباسنا الواقعة جنوبي سيفيرودونتسك.
وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن القوات البرية الروسية بسطت سيطرتها على عدة قرى شمال غربي بوباسنا.
وتحولت بوباسنا، التي وصل إليها صحفيو "رويترز" في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، يوم الخميس، إلى أرض قاحلة محترقة. وشوهدت جثة منتفخة لرجل في زي عسكري ترقد في فناء.
ويأتي التقدم الروسي في الشرق في أعقاب هجوم أوكراني مضاد دفع قوات بوتين للتراجع بعيدا عن خاركيف هذا الشهر.
لكن موسكو منعت القوات الأوكرانية من مهاجمة الصفوف الخلفية من خطوط الإمداد الروسية لدونباس.
وقصفت القوات الروسية يوم الخميس أجزاء من مدينة خاركيف نفسها لأول مرة منذ أيام، وقالت السلطات المحلية إن تسعة أشخاص قُتلوا، لكن الكرملين ينفي دائما استهداف المدنيين.
وفي الجنوب، حيث سيطرت موسكو أيضا على مساحات من الأراضي منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط، يعتقد مسؤولون أوكرانيون أن روسيا تهدف إلى فرض حكم دائم.
صعوبات إنسانية
وقال هينادي لاجوتا حاكم منطقة خيرسون، الواقعة شمالي شبه جزيرة القرم، في إفادة صحفية إن القوات الروسية تحصن دفاعاتها في المنطقة وتقصف المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا بشكل يومي.
وأضاف أن الوضع الإنساني حرج في بعض المناطق، وأن الناس يواجهون صعوبة بالغة في مغادرة الأراضي المحتلة باستثناء قافلة مؤلفة من 200 سيارة غادرت يوم الأربعاء.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، قال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن اتفاقا قد يتم التوصل إليه بحلول يوم الأحد لحظر شحنات النفط الروسي عبر البحر التي تشكل نحو 75% من إمدادات التكتل، لكن ليس عبر خطوط الأنابيب، وهو حل وسط لإقناع المجر وبدء جولة جديدة من العقوبات على روسيا.
وانتقد زيلينسكي الاتحاد الأوروبي بسبب تردده في فرض حظر على واردات الطاقة الروسية، قائلا إن الاتحاد يمول جهود موسكو الحربية بمليار يورو يوميا.
وأضاف "كل يوم من المماطلة أو الضعف أو النزاعات المختلفة أو الاقتراحات ’لتهدئة’ المعتدي على حساب الضحية.. يعني فقط مقتل المزيد من الأوكرانيين"، حسب تعبيره.
أزمة الغذاء
وفي مكالمة هاتفية مع المستشار النمساوي كارل نيهامر تمسك بوتين بموقفه بأن أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن الصراع لا يمكن حلها إلا إذا رفع الغرب العقوبات.
وقال نيهامر، الذي زار روسيا في أبريل/نيسان، إن بوتين عبر عن استعداده لمناقشة تبادل الأسرى مع أوكرانيا، لكنه أضاف "هل هو مستعد حقا للتفاوض؟ هذا سؤال معقد".
وأدى الحصار الذي تفرضه روسيا على الموانئ الأوكرانية إلى توقف شحنات الحبوب، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار العالمية، خصوصا أن البلدين من مصدري الحبوب الرئيسيين في العالم.
وتتهم روسيا أوكرانيا بزرع الألغام في الموانئ، في حين تصف أوكرانيا الموقف الروسي بأنه "ابتزاز".
وشنت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا للقضاء على من تصفهم بـ"نازيين" هناك، ومنع أوكرانيا من الانضمام لحلف شمال الأطلسي الذي تقوده الولايات المتحدة.
لكن الحرب دفعت السويد وفنلندا، اللتين التزمتا الحياد خلال الحرب الباردة، إلى التقدم بطلب الانضمام لحلف شمال الأطلسي، في أكبر تغيير في الوضع الأمني الأوروبي منذ عقود.
aXA6IDE4LjIxOC4zOC42NyA= جزيرة ام اند امز