سيناريوهات حرب أوكرانيا.. هل بات الغرب أكثر استعدادا؟
سيناريوهات مختلفة بأفق الحرب الروسية على أوكرانيا تقف على خط التماس مع ردود فعل الغرب وتستشرف مستقبل المشهد العام.
تحليل منشور بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية يعتبر أن أوكرانيا والعالم كانا أكثر استعدادا للحرب الروسية مقارنة بعام 2014، حين ضمت موسكو شبه جزيرة القرم.
واعتبر التحليل الذي أعدته إستر تترواشفلي، الباحثة بمعهد جورج تاون للتكنولوجيا والقانون والسياسة، أن الرئيس الروسي فلاديمير أخطأ في تقدير مدى سرعة انقلاب الرأي العالمي ضده ومدى الشراسة التي ستكون عليها المقاومة الأوكرانية.
كما أشار إلى أنه أخطأ في تقدير دعم شعبه، وبالتأكيد لم يتخيل الإجراءات الصارمة التي كانت الأطراف المختلفة مستعدة لاتخاذها، حيث احتشدت الحكومات وطبقت حزمة العقوبات الأكثر شمولا وتنسيقا التي يتم فرضها على أي دولة حتى الآن.
لكن يحتاج العالم الديمقراطي إلى التفكير مليا في شكل المخرج الذي يمكن أن تقبله روسيا وأوكرانيا، أو سيتم إجبارهما عليه، وفق المصدر.
ومن أجل حفظ ماء الوجه، سيسعى بوتين لتغيير النظام و/أو نزع السلاح من أوكرانيا، مع عدم وجود خيار عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو الاتحاد الأوروبي، فيما طرح التحليل ثلاثة سيناريوهات قد تنتهي إليها الأوضاع.
جمود
قد تتضمن هزيمة جزئية لبوتين في السيطرة على مقاطعتي دونيتسك ولوهانسك إما باعتبارهما أراض روسية أو منطقتين ذات حكم ذاتي بالإضافة إلى الاعتراف بأن القرم جزء من روسيا.
وسيحتاج العالم للموافقة على الرفع التدريجي للعقوبات مقابل سحب روسيا للقوات، وقد يتم إقناع الشركات الخاصة بالعودة إلى الانخراط في الأعمال التجارية مع روسيا. ثم سيعاقب بوتين المعارضين في البرلمان ودوائره المقربة، وسيتخذ تدابيرا إضافية لتضييق الخناق على المشاعر المناهضة للحكومة.
ومن أجل منع مزيد من الخسائر، سيوافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على وقف إطلاق النار، مما سيترك البلدين مع صراع مجمد آخر، لكن سيحتفظ زيلينسكي بالسيطرة على الحكومة، وربما ستنضم البلاد إلى الاتحاد الأوروبي.
وطبقًا للتحليل، ستحتاج أوكرانيا الدعم لإعادة بناء بنيتها التحتية واقتصادها، وربما سيتبع ذلك تطهير جديد للساسة والمواطنين والنشطاء الموالين لروسيا.
كما سيظل الانضمام إلى الناتو غير ممكن، حيث ستجبر المنطقتان الانفصاليتان دول الناتو على توريط أنفسها في دائرة لا تنتهي من المساهمات العسكرية إذا انضمت أوكرانيا إليه.
وأشار التحليل إلى تقهقر روسيا، وعزلتها تماما عن النظام العالمي، وربما ستوجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب ضد العسكريين والساسة، لافتا إلى صياغة ما يشبه خارطة الطريق لتطبيع العلاقات، لكن من غير الواضح ما ستكون عليه شروطها، أما رفع العقوبات فسيتوقف على ضمانات من بوتين باحترام سيادة أوكرانيا.
"كش ملك"
في السيناريو الذي تلحق فيه روسيا الهزيمة بأوكرانيا وتنصب نظاما صوريا، ستسحق القوات الروسية بوحشية القوات الأوكرانية، بما لا يختلف مع ما فعله الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف في المجر عام 1956، بحسب التحليل.
وبسبب أفعالها، ستستمر عزلة روسيا وستعيد بناء الستار الحديدي حول أوكرانيا وبيلاروسا. ومن المحتمل ألا يذعن الأوكرانيون أبدا لزعيم نصبته روسيا، مما سيسفر عن تمرد طويل الأمد ووحشي.
ثورة في روسيا
قد يحدث تغيير للنظام في روسيا نتيجة انقلاب داخلي أو ثورة شعبية مع شعور الشعب الروسي والنخبة السياسية بضغط العقوبات، وهذا ما من شأنه أن يتسبب في أزمة خلافة.
وبحسب التحليل، إذا حدث ذلك من خلال ثورة شعبية، لا يزال أليكسي نافالني، محبوب الشعبويين الروس، في السجن وقد يتم القضاء عليه قبل أن تتاح له فرصة القيادة.
وبالنسبة لليبراليين، فقد يسعى ميخائيل خودوركوفسكي، الذي يعيش بالمنفى بلندن، إلى العودة لكنه قد لا يحظى باستقبال شعبي. ونظريًا، وطبقًا للدستور، يجب أن يتولى رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين منصب القائم بأعمال الرئيس، وستعقد الانتخابات بعد ثلاثة أشهر، لكن هذا الشكل من الانتقال السلس غير مرجح إلى حد كبير.
ورأى التحليل أن الخليفة الأكثر ترجيحا سيأتي من دائرة بوتين المقربة – ولكن فقط بعد صراع دموي على السلطة، مشيرا إلى أن الأوليغارك سيخوضون الصراع، وكذلك القادة الإقليميون الأقوياء.
وأشار التحليل إلى أنه خلال الأحداث التي سبقت تفكك الاتحاد السوفيتي، حاول ميخائيل جورباتشوف تعزيز الدعم داخل دائرته المقربة قبل أن تنقلب ضده في انقلاب فاشل إلى حد كبير، لكن مهد هذا الانقلاب الطريق أمام وصول بوريس يلتسين، وهو شخصية شعبوية من خارج دائرة جورباتشوف المقربة، إلى السلطة.
وسيستاء الروس من دمار اقتصادهم، بالنظر إلى أنهم أمضوا العقدين الماضيين في إعادة بناء الشعور بالهوية والفخر الوطني، ومن المرجح أن يتجهوا إلى الشعبوية الشرسة والقومية لإعادة البناء.
ورأى التحليل أن الغرب يحتاج لبدء اتخاذ قراره الآن بشأن الاحتمالات المستقبلية، حيث أن الهزيمة الجزئية هي النتيجة الأكثر ترجيحا للحرب، حيث تقلل خسائر الأوكرانيين بينما تلقي بشريان حياة للمواطنين الروس العاديين.
وسيتطلب تحقيق ذلك جهودا دبلوماسية متعددة الجوانب؛ حيث يحتاج الأوروبيون للموافقة على الترحيب بأوكرانيا في الاتحاد الأوروبي، ورفع العقوبات عن بوتين مقابل خفض تصعيد العنف، والتفاوض على معاهدة تمنح موسكو بعد الضمانات حول تلبية مصالحها الاقتصادية والأمنية.