السلام في أوكرانيا؟ خطط عديدة وفجوة قائمة وعين على ترامب
بعد نحو 3 سنوات على الحرب في أوكرانيا، يستعد دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، متعهدا بإنهاء القتال، ما يثير كثير من الغموض حول آلية تنفيذ ذلك.
ورغم مرور أكثر من ألف يوم على الحرب، إلا أنه لم يقترب أي من الجانبين من تحقيق أهدافه العسكرية، حيث تعثرت الخطة الأصلية التي وضعها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاقتحام كييف.
كما أن أوكرانيا بعيدة كل البعد عن أملها في استعادة أراضيها.
وفي تصريحات لوكالة "كيودو" اليابانية، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مؤخرا، "جيشنا يفتقر إلى القوة.. يتعين علينا إيجاد حلول دبلوماسية".
لكن التوصل إلى اتفاق سلام قابل للتطبيق، أمر صعب، بسبب العراقيل المختلفة. ومع ذلك، هناك الكثير من الأفكار الرئيسية لإنهاء القتال، وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
أهداف أوكرانيا
تهدف أوكرانيا من الحرب إلى استعادة حدودها قبل عام 2014، مما يعني استعادة السيطرة على المدن الشرقية مثل دونيتسك ولوغانسك، وشبه جزيرة القرم.
كما أنها تريد ضمانات أمنية مثل عضوية حلف شمال الأطلسي (ناتو)، أو ضمانات صارمة من حلفائها لضمان ألا تكرر روسيا هجومها.
وفي مؤتمر صحفي الأحد، قال زيلينسكي، "إذا تم تجميد الصراع دون أي موقف قوي لأوكرانيا، فسيأتي بوتين في غضون عامين أو ثلاثة أو خمسة أعوام... سيعود وسيدمرنا تمامًا وكاملًا".
وكان زيلينسكي قد وضع خطة من 5 نقاط تتضمن دعوة للانضمام إلى "الناتو"، والحصول على المزيد من الأسلحة، دون قيود على استخدامها والقدرة على ردع أي هجوم روسي في المستقبل وتطوير الموارد الاقتصادية لأوكرانيا مع حلفائها وتعزيز أمن أوروبا بعد الحرب.
ولدى زيلينسكي أيضًا خطة سلام من 10 نقاط تغطي قضايا مثل السلامة النووية، والأمن الغذائي، والطاقة، والإفراج عن جميع السجناء، واستعادة الحدود، وانسحاب القوات الروسية، ومعاقبة مرتكبي جرائم الحرب، وحماية البيئة، وضمانات الأمن ومعاهدة موقعة لإنهاء الصراع.
وقام زيلينسكي بجولة حول العالم بخططه، وتلقى كلمات تشجيع دافئة من الحلفاء، لكن "الناتو" لم يقدم دعوة لكييف للانضمام. كما تشعر روسيا بالقلق من دعوات إنهاء القتال لمنح أوكرانيا الوقت لاستعادة قدراتها.
أهداف روسيا
لم تتزحزح أهداف روسيا التي تعني شروطها لإنهاء الحرب استسلام أوكرانيا، إذ يتعين على الأخيرة، الانسحاب من المناطق التي تطالب بها موسكو، والتخلي عن الانضمام لـ"الناتو"، والتحول إلى دولة محايدة، وضمان حقوق الناطقين بالروسية، ونزع السلاح و"إزالة النازية".
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "بالنسبة لنا، لا يوجد بديل على الإطلاق عن تحقيق أهدافنا. وبمجرد تحقيق هذه الأهداف بطريقة أو بأخرى، ستكتمل العملية العسكرية الخاصة".
خطة ترامب
لكن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، تعهد بإنهاء الصراع في غضون يوم واحد من توليه منصبه، وعين كيث كيلوغ مبعوثًا خاصًا لروسيا وأوكرانيا للتفاوض على هدنة.
وفي يوليو/تموز، قدم كيلوغ، خطة لترامب تضمنت إنذارات نهائية لكل من كييف وموسكو لإجبارهما على التفاوض، حيث تواصل الولايات المتحدة توريد الأسلحة إلى كييف فقط إذا وافقت على المفاوضات، كما أنها ستعلق عضوية الأخيرة في "الناتو" مقابل صفقة أمنية.
في المقابل، فإن أي رفض روسي للتفاوض سيؤدي إلى زيادة الدعم العسكري الأمريكي.
وفي مقال رأي في أبريل/نيسان الماضي، قال كيلوج إن العقوبات المفروضة على روسيا ستُرفع بعد توقيع اتفاق سلام يرضي أوكرانيا، وستسدد الضريبة على صادرات الطاقة الروسية، تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا، ولن يُطلب من كييف التخلي عن الأراضي التي سيطرت عليها موسكو، لكن ستتم متابعة القضية من خلال الدبلوماسية.
ولم تعلق كييف على خطط ترامب التي قالت روسيا إنها منفتحة عليها.
لكن كونستانتين مالوفييف، قطب الأعمال الروسي الخاضع لعقوبات غربية، رجح أن يرفض بوتين خطة كيلوج ما لم تأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية الأوسع نطاقًا لروسيا.
الخطة البرازيلية الصينية
في مايو/أيار الماضي، قدمت الصين والبرازيل مبادرة مشتركة تدعو إلى تجميد ساحة المعركة دون تصعيد أو استفزازات وخفض التصعيد كبداية لوقف إطلاق النار يتبعه مؤتمر سلام دولي.
كما تدعو المبادرة إلى المساعدة الإنسانية وتبادل أسرى الحرب وعدم استخدام أسلحة الدمار الشامل وعدم استهداف محطات الطاقة النووية وتعزيز التعاون الدولي.
وانضمت مجموعة من 17 دولة إلى المبادرة، وكانت تركيا العضو الوحيد من "الناتو"، ضمن المجموعة.
وصف زيلينسكي الخطة بأنها "مدمرة" لأنها لم تطالب بانسحاب القوات الروسية. ومع ذلك، قال رئيس المكتب الرئاسي أندريه يرماك في أكتوبر/تشرين الأول، إن الرئيس سيكون على استعداد لدمج بعض عناصرها في جهود أوكرانيا.
في المقابل، قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروس]، "تحتوي تلك الأحكام التي اقترحتها الصين والبرازيل على كل الكلمات الصحيحة، مثل دعوات السلام والعدالة والامتثال للقانون الدولي.. لكن كيف يخططون بالضبط للتحرك نحو السلام؟ لم يتم إبلاغي بعد."
نموذج إسرائيل
وسط مقاومة دول مثل ألمانيا لانضمام أوكرانيا لـ"الناتو"، طرح الدبلوماسيون الغربيون، وحتى الرئيس الأمريكي جو بايدن، فكرة نسخ نموذج إسرائيل، وفق "بوليتيكو".
وإسرائيل ليست رسميًا جزءًا من "الناتو"، لكنها حليف وثيق للولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية، التي تزودها بكميات هائلة من الأسلحة وتوفر أيضًا الدعم الدبلوماسي.
وميزة هذا النموذج هو عدم ربط أوكرانيا بتحالف يمكن أن يجر دولًا أخرى إلى حرب مع روسيا، لكنه يخاطر بأن تعيش أوكرانيا في خطر دائم من الحرب مما يجعلها دولة هشة غير قادرة على الوقوف بمفردها.
ويمكن تخفيف ذلك إذا سمح الاتحاد الأوروبي لها بالانضمام.
كما أن روسيا حذرت من أن تزويد أوكرانيا بالأسلحة "يحمل إمكانية التصعيد الذي لا يمكن السيطرة عليه".
نموذج ألمانيا
اقترحت الدول الاسكندنافية أن نموذج تقسيم ألمانيا خلال الحرب الباردة، يمكن أن يصبح نموذجًا يحتذى به، حيث يتحالف غرب أوكرانيا مع الغرب، وقد ينضم لـ"الناتو" في حين تبقى المقاطعات التي تسيطر عليها روسيا حاليا في الشرق خارج أوكرانيا، وفق المجلة الأمركيية.
ويبدو أن زيلينسكي يدعم هذه الفكرة الآن، إذ قال لشبكة "سكاي نيوز": "إذا أردنا وقف المرحلة الساخنة من الحرب، فنحن بحاجة إلى وضع أراضي أوكرانيا التي نسيطر عليها تحت مظلة الناتو".
لكن الكرملين يصر على أنه لا يمكن لأي جزء من أوكرانيا الانضمام إلى الحلف، وأن ذلك "سيشكل تهديدًا غير مقبول لوجود روسيا".
نموذج فنلندا
تعرضت فنلندا لهجوم من الاتحاد السوفييتي عام 1939 واضطرت إلى التنازل عن بعض الأراضي والموافقة على البقاء على الحياد لتجنب ابتلاعها بالكامل، وظلت جزءًا من الغرب أثناء الحرب الباردة، لكن بسيادة محدودة واقتصاد مرتبط بالاتحاد السوفييتي قبل أن تلغي حيادها العام الماضي لتنضم إلى "الناتو".
وتنتشر الفكرة في بعض مراكز الفكر ووجدت بعض الشعبية الأولية في برلين، رغم أن المسؤولين الألمان ينأون بأنفسهم الآن عن المفهوم.
وقالت وزيرة الخارجية الفنلندية، إلينا فالتونين، الشهر الماضي "كانت أوكرانيا محايدة قبل أن تهاجمها روسيا.. هذا ليس شيئًا كنت لأفرضه على أوكرانيا.. بالتأكيد ليس كبديل أول".
aXA6IDE4LjE5MC4yMzkuMTMyIA==
جزيرة ام اند امز