«وحش عجوز».. أوكرانيا تتسلم الدفعة الأخيرة من «أبرامز»
تسلّم الجيش الأوكراني آخر دفعة من دبابات أبرامز إم1 إيه ليكتمل بذلك تسليم نحو 80 دبابة تلقت كييف وعودا بالحصول عليها، وفق ما أعلنت الحكومة الأسترالية في 19 ديسمبر/كانون الأول.
وتشمل هذه الدفعة آخر ما تبقّى من أصل 49 دبابة خصصتها أستراليا لأوكرانيا، بعد أن كانت الولايات المتحدة قد سلّمت في أواخر عام 2023 عدد 31 دبابة من الطراز نفسه، دخلت الخدمة القتالية مطلع عام 2024، بحسب مجلة مليتري ووتش.
وتندرج الشحنة الأسترالية ضمن حزمة مساعدات عسكرية تجاوزت قيمتها 1.5 مليار دولار منذ اندلاع الحرب الشاملة في فبراير/شباط 2022، حيث أكدت كانبيرا أن إرسال هذه الدبابات جاء استجابةً لطلب مباشر من كييف.
وقد وصلت الغالبية العظمى من الدبابات الأسترالية إلى أوكرانيا خلال يوليو/تموز 2025، ونُشر عدد منها بالفعل على خطوط التماس، في حين وصلت الدفعة الأخيرة منتصف ديسمبر/ كانون الأول بعد استكمال إجراءات فنية ولوجستية لضمان جاهزيتها العملياتية.

وفي تعليق رسمي على عملية التسليم، قال نائب رئيس الوزراء الأسترالي ريتشارد مارلز إن دبابات أبرامز «ستُقدم إسهامات مهمة في نضال أوكرانيا المستمر ضد الغزو الروسي»، مؤكداً التزام بلاده بدعم كييف حتى تحقيق «سلام عادل ودائم».
وكانت أستراليا قد سحبت هذه الدبابات من الخدمة بعد انتقال قواتها المدرعة إلى النسخة الأحدث أبرامز إم1 إيه2، فيما أُعلن لأول مرة عن نية تزويد أوكرانيا بها في أكتوبر/تشرين الأول 2024، قبل أن تؤدي تعقيدات الحصول على الموافقة الأمريكية إلى تأخير تنفيذ القرار.
«وحش عجوز» متقادم
غير أن الدبابات القادمة من أستراليا تختلف جذرياً عن تلك التي سلّمتها الولايات المتحدة سابقاً، إذ خدمت لعقود طويلة وتُعد متقادمة من الناحية الفنية.

وتشير تقديرات متعددة إلى أن هذا العامل سيؤثر سلباً في جاهزيتها القتالية، ويرفع بشكل كبير من أعباء الصيانة والدعم اللوجستي.
وفي هذا السياق، حذّر مصدر أمريكي مطلع على تفاصيل حزمة المساعدات، في تصريحات لشبكة إيه بي سي نيوز الأمريكية، من أن الجيش الأوكراني سيواجه تحديات كبيرة في الحفاظ على هذه الدبابات في الخدمة الفعلية.
ويأتي تسلّم دبابات أبرامز في وقت تتزايد فيه التحذيرات داخل أوكرانيا من أزمة حادة في قدرات الدروع، نتيجة الخسائر القتالية الكبيرة وصعوبة تعويضها، إلى جانب تعقيدات صيانة الآليات الثقيلة العاملة بالفعل.
وعلى عكس التوقعات الغربية المبكرة التي راهنت على قدرة الدبابات الغربية في قلب موازين المعركة، أظهرت التجربة الميدانية أداءً مخيباً، سواء لدبابات أبرامز الأمريكية أو ليوبارد 2 الألمانية.
وبحلول مطلع يونيو/حزيران 2025، تشير تقديرات إلى أن أوكرانيا فقدت نحو 87 في المئة من دبابات أبرامز الأمريكية الصنع، بعدما تدمير أو الاستيلاء على 27 دبابة من أصل 31.
ولم تنجح إجراءات سحبها المؤقت من الخطوط الأمامية أو تعزيز مستويات حمايتها في وقف وتيرة الخسائر، في ظل كونها من أثقل الدبابات في العالم وأكثرها استهلاكاً للوقود، وهو ما يزيد من هشاشتها التشغيلية في بيئة قتالية كثيفة النيران.

وقد أسهمت هذه النتائج في ترسيخ قناعة متنامية بين محللين عسكريين في الغرب وشرق آسيا بأن فلسفة تصميم الدبابات الأمريكية والأوروبية الحالية أصبحت أكثر تكلفة.
ويعكس هذا التحول قرار الجيش الأمريكي إلغاء خطط التحديث التدريجي لدبابات أبرامز، والتركيز بدلاً من ذلك على إعادة تصميم جذرية ضمن برنامج إم1 إي3.
ويُتوقع أن تعتمد النسخة الجديدة فلسفة أقرب إلى تلك التي تتبناها دبابة «تايب 100» الصينية، مع إعطاء أولوية أكبر للقدرة على المناورة، وكفاءة استهلاك الوقود، والاندماج في شبكات القتال الحديثة، على حساب الاعتماد التقليدي على الدروع الثقيلة والتسليح الرئيسي الضخم.
وفيما لا تزال خطط روسيا لتطوير دبابة الجيل التالي ضمن برنامج تي-14 متعثرة، يتوقع أن تتبنى كوريا الجنوبية النهج نفسه في مشروع دبابة كيه3 المستقبلية، بما يعكس تحوّلاً عالمياً في مفهوم الحرب المدرعة.