"حرب الكيبورد" بين روسيا وأوكرانيا.. لمن الغلبة؟
في حرب لا ترصدها الكاميرات، رجحت تقارير غربية كفة أوكرانيا في صراع الفضاء الإلكتروني بعد مرور ستة أشهر على بداية العملية العسكرية الروسية.
وبحسب مجلة "بوليتيكو" فإن كييف اقترضت العديد من التكتيكيات الإلكترونية التي كان للكرملين السبق في استخدامها لمهاجمة خصومه، والترويج لنفسه على الساحة العالمية وقتال خصمه الأكبر في الحرب المترسخة على نحو متزايد في أوروبا الشرقية.
ومع احتفال أوكرانيا بيوم الاستقلال الموافق 24 أغسطس/آب، حللت المجلة كيفية استخدام أوكرانيا للأساليب الرقمية والتي حاكت مثيلتها في روسيا، وفي بعض الأحيان جعلت موسكو محرجة ومحاصرة جراء الذكاء الإعلامي للحكومة الأوكرانية واستراتيجية كيفية تسليح الإنترنت والتكنولوجيا.
وتستعرض "بوليتيكو" أربعة أشياء عن التكتيكات الرقمية الأوكرانية:
1- التحكم بالرواية
علم عدد قليل من الناس الكثير عن فولوديمير زيلينسكي قبل الحرب الروسية. لكن الكوميديان الذي أصبح رئيسا استغل وجوده الهائل على الشبكات الاجتماعية – قناته على تليجرام وحدها يتابعها مليون متابع – لتقويض آلة الدعاية الروسية التي تدعمها الدولة.
وفي نداءات عاطفية، تصور باستخدامه هاتفه في مخبأ تحت الأرض أو على الخطوط الأمامية، أوصل الحرب إلى الناس حول العالم وجعلها شخصية حتى لأولئك ممن ليس لديهم صلة مباشرة بأوكرانيا.
وجرى اتباع هذا الأسلوب -كجزء من الدعاية وكجزء من حملة توعية- على نطاق أوسع أيضا، حيث نشر وزراء الحكومة، ووكالات الدولة، وحتى الجنود العاديين لقطات للحرب، بينها جرائم حرب مزعومة ارتكبها جنود روس ضد المدنيين الأوكرانيين.
وكان ذلك بمثابة أداة موازنة ناجحة أمام آلة الدعاية الروسية التي تعتمد بشكل كبير على وسائل الإعلام الحكومية لاتهام زيلينسكي بأنه "نازٍ" والأوكرانيين بشن أهوال مشابهة ضد المدنيين الذين يتحدثون الروسية في شرق البلاد.
وفي حين لا تزال الرسائل المؤيدة لموسكو تكتسب زخما في أمريكا اللاتينية وأفريقيا، أثبت حملة العلاقات العامة التي شنها زيلينسكي نجاحها الكبير في تأطير رؤية الحلفاء الغربيين للحرب الروسية.
2- تقسيم الإنترنت
لطالما كان لروسيا تطلعات لعزل النظام البيئي الرقمي للبلاد عن العالم الأوسع، ومنذ دخول دباباتها إلى أوكرانيا قررت حكومة كييف مد يد العون.
وقاد ميخايلو فيدوروف، وزير التحول الرقمي الأوكراني ويد زيلينسكي اليمنى فيما يتعلق بالتكنولوجيا، جهود ما يسميه "الحصار الرقمي"، لينجح في إقناع مجموعة من شركات التكنولوجيا الغربية بالانسحاب من روسيا خلال الشهور الماضية.
واتخذ الجميع من "أبل" إلى "نتفليكس" خطوات لوقف عرض المنتجات والخدمات في روسيا، ليتبعوا في كثير من الأحيان تشجيع رائد الأعمال الشاب الذي أصبح وزيرا عبر الشبكات الاجتماعية.
ولم تكن الحملة ناجحة بنسبة مائة في المائة. وعندما ناشد فيدوروف شركة "ميتا" لوقف وصول الروس إلى كل من "فيسبوك" و"إنستجرام" رفض عملاق التكنولوجيا. وعللت الشركة ذلك بحاجة الروس إلى الوصول إلى معلومات مستقلة بشأن الحرب. (لكن حظرت موسكو بعد ذلك كلا الخدمتين بموجب "قانون التطرف" في البلاد).
كما قوبلت مناشدات فيدوروف بوقف خدمات الإنترنت في روسيا بالشك من جماعات الحقوق المدنية التي تدعو لإبقاء الخطوط مفتوحة لدعم المعارضة الداخلية الروسية للحرب.
ومع ذلك، تعتبر السرعة التي تمكن بها الوزير الأوكراني من إحداث تحولات استراتيجية بشركات التكنولوجيا لتقليص خدماتها لأسباب سياسية أمر بارز.
3- اتحاد قراصنة العالم
بعد أيام من الحرب، أقدم فيدوروف مجددا على شيء غير مسبوق، دعا المتطوعون، داخل وخارج البلاد، لإنشاء "جيش تكنولوجيا المعلومات" من القراصنة لاستهداف روسيا بهجمات سيبرانية غير متطورة ردا على الحرب.
وبعد مرور ستة أشهر وإغلاق نشطاء القرصنة المحتملين لعشرات المواقع الروسية، هاجموا أيضًا وسائل الإعلام التابعة للدولة وسربوا بيانات حساسة مما أدى إلى إحراج كبير للكرملين.
وفي هذه المعركة السيبرانية، لا تزال القوات السيبرانية الروسية تتفوق على فرقة المتطوعين، وهاجمت الجماعات المرتبطة بالكرملين مرارًا جارتها الغربية ببرمجيات خبيثة وحملات قرصنة، ومؤخرا حاولت إغلاق شبكة الكهرباء في البلاد في أبريل/نيسان.
كما استهدف قراصنة على صلة ببيلاروسيا، حليف مقرب لموسكو، بنجاح مواقع للحكومة الأوكرانية في وقت سابق من هذا العام، بحسب مسؤولين أوكرانيين.
ومن خلال تعهيد جهودها في القرصنة لمجموعات من مهندسي تكنولوجيا المعلومات والداعمين من الخارج، تقترض كييف من استراتيجية روسيا المستمرة منذ سنوات لإطلاق عنان متخصصي الأمن السيبراني المارقين إذا كان الأمر يصب في مصالحهم الجيوسياسية.
4- البيانات
تبنت أوكرانيا الشركتين المثيرتين للجدل "Palantir" و"Clearview AI" - وهي شركتان تكنولوجيتان تطوران تطبيقات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي للقطاعات العسكرية وإنفاذ القانون- في معركتها مع روسيا، إذ تستخدم جميع الأسلحة المتوفرة لديها.
واستخدمت السلطات تقنية التعرف على الوجه لشركة "Clearview AI" لتحديد هوية الجنود الروس الذين قتلوا في المعركة حتى يمكن لكييف إبلاغ عائلاتهم مباشرة، في محاولة لتقويض الروح المعنوية الروسية. ويحذر المنتقدون من أن مثل هذه الممارسات قد تقود إلى خطأ في التعرف على الأشخاص وتمثل انتهاكات محتملة للخصوصية.