أزمة أوكرانيا.. تحذير من "سيناريو 45" ومخاوف من شتاء مظلم طويل
مع دخول الحرب الأوكرانية شهرها التاسع دون حسم بعد، ووسط تصاعد الاتهامات بين كييف وموسكو حول الطائرات المسيرة، اشتدت ضراوة القتال خلال الساعات الـ24 الماضية.
ذلك القتال والذي استخدمت فيه موسكو الصواريخ لضرب البنية التحتية للطاقة، جاء بشكل متواز مع نداءات للسلطات الموالية لروسيا في خيرسون جنوب أوكرانيا، والتي طالبت فيها السكان بمغادرة المدينة الكبيرة "فورا".
فيما تتقدم قوات كييف على طول الضفة الغربية لنهر دنيبر باتجاه مدينة خيرسون الرئيسية، والتي تعد أول مدينة كبيرة سقطت في أيدي قوات موسكو، وستكون استعادتها إحدى أبرز نتائج الهجوم الأوكراني المضاد.
فما تطورات الأوضاع الميدانية؟
قال مسؤولون أوكرانيون إن الجيش الأوكراني تلقى تقارير متزايدة عن أعمال "نهب" و"سطو" في مدينة خيرسون التي تسيطر عليها روسيا.
وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية في بيان: "لقد زاد عدد حالات النهب والأعمال غير القانونية في خيرسون"، مشيرة إلى أن "الركاب يستولون على السيارات من السكان المحليين ويحاولون مغادرة المدينة باستخدام معبر العبارة بالقرب من جسر أنتونيفسكي".
وفي وقت سابق يوم السبت، طلبت الإدارة المدعومة من روسيا المدنيين الإخلاء إلى الضفة الشرقية لنهر دنيبر، فيما يقترب هجوم أوكرانيا المضاد، رغم أن حكومة كييف ترفض المزاعم الروسية بوجود خطر على المواطنين.
إعادة التموضع
ويزعم الجيش الأوكراني أيضا أن القوات الروسية تتراجع عن منطقة خيرسون، تاركة "مستوطنتين" على بعد حوالي 100 كيلومتر (حوالي 60 ميلاً) شمال شرق المدينة. وقال الجيش الأوكراني إنه جرى إجلاء الضباط والعاملين في المجال الطبي من بريسلاف شرقي مدينة خيرسون.
وقال مسؤول محلي إن مدنيين قتلا في منطقة بيلجورود الروسية -بالقرب من الحدود الشرقية لأوكرانيا- بعد أن قصفت القوات الأوكرانية المنطقة.
وأعلن عمدة بيلجورود فياتشيسلاف جلادكوف أن الهجوم أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن آلاف السكان في المنطقة.
ومع اقتراب أسابيع الشتاء، ضربت الصواريخ الروسية والطائرات المسيرة محطات الطاقة الحرارية ومحطات الكهرباء الفرعية والمحولات وخطوط الأنابيب، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي، وتعطيل محطات ضخ المياه وانقطاع الإنترنت على نطاق واسع.
شتاء مظلم طويل
وتصاعدت أعمدة كثيفة من الدخان الأسود من محطة كهرباء في مدينة ريفنا الشمالية الغربية يوم السبت، بعد أن قال مسؤولون أوكرانيون إن صواريخ روسية أصابت المنشأة.
وقال وزير البنية التحتية في أوكرانيا إنه إذا استمرت استراتيجية الكرملين لاستهداف البنية التحتية المدنية، فقد يكون الأوكرانيون في شتاء مظلم طويل.
وقالت وكالة الطاقة الأوكرانية إن الأضرار الناجمة عن موجة الهجمات على منشآت الطاقة الأوكرانية يوم السبت مماثلة -أو قد تكون أسوأ- من الهجمات الروسية في وقت سابق من الشهر.
وأكدت وكالة الطاقة الأوكرانية "فُرضت قيود على إمدادات الطاقة في مناطق كييف، تشيرنيهيف، تشيركاسي، جيتومير، سومي، خاركيف، بولتافا، دنيبروبتروفسك، زابوريجيا، وكيروفوهراد"، مشيرة إلى أن القيود ضرورية لتقليل الحمل على الشبكات وتجنب الحوادث المتكررة بعد تضرر شبكات الكهرباء، جراء الهجمات الصاروخية.
يأتي ذلك في وقت قال فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن روسيا أطلقت ليلا 36 صاروخا في "هجوم كثيف" على أوكرانيا، في أعقاب تقارير عن ضربات على البنية التحتية للطاقة أدت إلى انقطاع في التيار الكهربائي بجميع أنحاء البلاد.
عمليات ترحيل
وفي الأيام الأخيرة، عملت روسيا على نقل سكان المنطقة التي أعلنت ضمّها في سبتمبر/أيلول الماضي، الأمر الذي وصفته كييف بأنه "عمليات ترحيل".
وقالت السلطات الموالية لروسيا في المنطقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي "نظرا للوضع المتوتر على الجبهة، وزيادة خطر القصف المكثف للمدينة وخطر الهجمات الإرهابية، على جميع المدنيين مغادرة المدينة فورا والعبور إلى الضفة اليسرى لنهر دنيبر".
من جانبه، قال كيريل ستريموسوف، نائب حاكم خيرسون المعيّن من موسكو، لوكالة أنباء إنترفاكس الروسية السبت، إن حوالي 25 ألف شخص عبروا النهر.
وقال سيرغي خلان، نائب حاكم منطقة خيرسون الأوكراني، إن الروس أخذوا ممتلكات ووثائق من البنوك ومكتب الجوازات عند انسحابهم.
وأكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أن القوات الروسية تخلت عن بلدتين أخريين في خيرسون، وتقوم بإجلاء العاملين الطبيين من بلدة ثالثة متهمة إياهم بنهب المدنيين المحليين.
سيناريو 45
يأتي ذلك، فيما ندد رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بتصريحات موسكو بشأن الاستخدام المحتمل للسلاح النووي في النزاع الأوكراني، قائلا إن "تهديد روسيا باستخدام الأسلحة النووية يمثل تهديدا خطيرا لسلام وأمن المجتمع الدولي، وهو غير مقبول على الإطلاق".
وأضاف رئيس الوزراء الياباني، الذي يعد آخر زعيم عالمي ينتقد موسكو على حديثها عن استخدام السلاح النووي، أن فترة الـ77 عاما من عدم استخدام الأسلحة النووية "يجب ألا تنتهي".
واليابان هي الدولة الوحيدة التي ضُربت بأسلحة نووية، عندما ألقى الجيش الأمريكي قنبلة ذرية على هيروشيما في 6 أغسطس/آب 1945، ما أدى إلى مقتل 140 ألف شخص، وقنبلة ثانية على ناغازاكي بعد ثلاثة أيام قتلت 74 ألف شخص.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل من أن الجيش الروسي "سيتم القضاء عليه" إذا شنت روسيا مثل هذا الهجوم، فيما حذرت واشنطن موسكو من عواقب "كارثية" إذا استخدمت مثل هذه الأسلحة.
أولوية قصوى
وقال زيلينسكي إن أوكرانيا تعمل مع شركاء دوليين لتمديد العقوبات لتشمل "جميع القائمين على أعمال الدعاية الروسية، ومن يسمون بقادة الرأي، وممثلي الأعمال الفنية الذين يدعمون الإرهاب أو يبررونه".
من ناحية أخرى، قال المسؤول في مكتب الرئاسة الأوكرانية كيريلو تيموشينكو، السبت، إن أكثر من مليون أسرة في أوكرانيا حرمت الكهرباء في أعقاب الضربات الروسية على منشآت الطاقة في أنحاء البلاد.
وأكدت شركة التشغيل الوطنية في وقت سابق أن ضربات روسية جديدة استهدفت البنية التحتية للطاقة في غرب أوكرانيا، مشيرة إلى أن الروس "نفذوا هجوما صاروخيا آخر على منشآت طاقة تتبع الشبكات الرئيسية بالمناطق الغربية في أوكرانيا".
ماذا قالت روسيا؟
أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير منشأة لتخزين النفط في منطقة دنيبروبتروفسك كانت تحتوي على 56000 طن من وقود الديزل للمعدات العسكرية لمجموعة "دنيبر" التابعة للقوات الأوكرانية، مؤكدة تدمير مستودع عتاد لمجموعة "دنيبر" قرب مدينة زابوروجيه، ومستودعين للأسلحة والمعدات العسكرية في دونيتسك وثلاثة مستودعات للذخيرة في خيرسون ومدينة زابوروجيه.
وأوضحت وزارة الدفاع الروسية أن قواتها صدت محاولة هجوم فاشلة نفذتها وحدات أوكرانية على محور كوبيانسك (شمال لوجانسك)، مما أدى إلى مقتل أكثر من 20 جنديا أوكرانيا، مشيرة إلى أن المدفعية الروسية أحبطت هجوما للقوات الأوكرانية في جنوب دونيتسك، حيث قتل 25 جنديا أوكرانيا.
وأكدت الوزارة إحباط محاولات أوكرانية لاختراق الدفاعات على محور نيكولايف-كريفوي روغ، والقضاء على أكثر من 130 جنديا أوكرانيا، مشيرة إلى أنه جرى اعتراض 24 قذيفة من راجمات الصواريخ HIMARS و"أولخا" و"سميرتش"، إضافة إلى ثلاثة صواريخ HARM أمريكية مضادة للرادار.
وأشارت إلى أن إجمالي ما تم تدميره منذ بداية العملية العسكرية الخاصة 325 طائرة، و162 مروحية، و2308 طائرات بدون طيار، 383 منظومة صواريخ مضادة للطائرات، 5967 دبابة ومدرعة أخرى، 874 راجمة صواريخ و3516 قطعة من المدفعية الميدانية ومدافع الهاون، و6709 مركبات عسكرية خاصة.
مفاوضات صعبة
مستشارة رئيس جمهورية لوجانسك الموالية لروسيا آنا سوروكا، قالت إن المفاوضات مع السلطات الأوكرانية حول تبادل أسرى الحرب تجري بشكل صعب.
وقالت سوروكا في تعليقها على إطلاق أوكرانيا سراح عنصرين من شرطة لوجانسك يوم الجمعة: "المفاوضات تسير بشكل صعب، وليس العدد الذي توقعناه. ولكن على الأقل مع بعض الخطوات الصغيرة، نحن نتحرك".
aXA6IDMuMTQyLjI1MC44NiA= جزيرة ام اند امز