رسائل على أجنحة صواريخ.. لافروف يودع بالي و"يحط" في أوكرانيا
"حان وقت إنهاء الحرب الأوكرانية"، شعار رفعته قمة العشرين أملا في إنهاء أزمة الـ9 أشهر، إلا أن الحل يبدو أنه بعيد المنال ولو مؤقتا.
فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والذي غاب عن قمة العشرين التي تعقد في جزيرة بالي بإندونيسيا، اكتفى بإيفاد وزير خارجيته سيرجي لافروف، إلا أن الوزير الذي حضر ممثلا لبلاده، غادرت طائرته والوفد الذي صاحبه جزيرة بالي حيث تعقد قمة مجموعة العشرين قبل نهايتها وقبل الموافقة الرسمية على البيان الختامي.
إشارات تصعيدية
عدم حضور بوتين ومغادرة لافروف، إشارة فسرت على عدم رغبة موسكو على وقف هجماتها، وهو ما ترجم على الأرض بأمرين؛ أولهما تصريحات الوزير الروسي، والتي اتهم فيها أوكرانيا بمنع انعقاد مفاوضات سلام مع مطالبة القوات الروسية بمغادرة أراضيها، قائلا: "إن كل المشاكل ترتبط بالجانب الأوكراني الذي يرفض بشكل قاطع المفاوضات ويطرح شروطا من الواضح أنها غير واقعية".
الأمر الثاني، كان ما تعرضت له العاصمة الأوكرانية ومدن أخرى الثلاثاء لقصف روسي هو الأول منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أيام قليلة من انسحاب قواتها من خيرسون في جنوب البلاد.
وتعود الضربات الجوية السابقة التي استهدفت العاصمة الأوكرانية إلى 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي و17 منه، والتي استهدفت البنى التحتية للطاقة الأوكرانية.
وانطلقت صفارات الإنذار في كل أنحاء أوكرانيا قبيل الساعة 15,30 (13,30 ت غ). وبعد دقائق، سُمع دوي انفجارات في كييف ولفيف (غرب) وخاركيف (شمال شرق)، مما أدى إلى انقطاع الكهرباء في العديد من المناطق، بحسب السلطات الأوكرانية.
100 صاروخ
وعن تلك الانفجارات، قال متحدث باسم سلاح الجو الأوكراني، إن روسيا أطلقت الثلاثاء، "نحو" مئة صاروخ على أوكرانيا، أصابت عدداً من البنى التحتية الرئيسية للطاقة في مناطق عدة.
وقال يوري إيجنات في حديث للتلفزيون الأوكراني: "أُطلق نحو مئة صاروخ من بحر قزوين، منطقة روستوف (الروسية) ، ومن البحر الأسود"، موضحاً أن "في هذه المرحلة لم يسجل بعد استخدام مسيرات هجومية".
وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو في بيان على وسائل التواصل الاجتماعي: "هناك هجوم على العاصمة. وفقا للمعلومات الأولية، أصيب مبنيان سكنيان في منطقة بيتشيرسك"، مضيفًا أن "المضادات الجوية أسقطت العديد من الصواريخ فوق كييف. هناك مسعفون ومنقذون في موقع الضربات الجوية".
وأضاف، أن "ما لا يقل عن" نصف سكان كييف بلا كهرباء حاليا مشيرا إلى أن "عمال الإنقاذ عثروا على جثة".
من جهته، قال نائب رئيس مكتب الرئيس كيريلو تيموشنكو، إن الصواريخ أطلقتها القوات الروسية، مشيرًا إلى أن وضع شبكة الكهرباء "حرج" بعدما استهدفها القصف.
وعن أسباب التصعيد الروسي، اعتبر وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الهجمات الروسية بأنها رد من موسكو على الدعوات لإجراء محادثات سلام.
وقال الوزير الأوكراني على تويتر: "الصواريخ الروسية تقتل الناس وتدمر البنية التحتية في أنحاء أوكرانيا حاليا. هذا هو رد روسيا على مسألة محادثات السلام. توقفوا عن اقتراح أن ترضخ أوكرانيا للإنذارات الروسية! فهذا الإرهاب لا يمكن وقفه إلا بقوة أسلحتنا ومبادئنا".
كواليس التصعيد
التصعيد الروسي يأتي بعد أربعة أيام من انسحاب القوات الروسية من شمال منطقة خيرسون الواقعة في جنوب البلاد، بما في ذلك عاصمتها، بعد قرابة تسعة أشهر من سيطرتها عليها.
وتقول "فرانس برس"، إنه كان على الكرملين أن يتّخذ ذلك القرار بسبب الهجوم المضاد الأوكراني المعزّز بالأسلحة التي يرسلها الغرب، مشيرة إلى أن الانسحاب دليل على الصعوبات الميدانية.
وتقع هذه المدينة على الضفة اليسرى (الشرقية) لنهر دنيبرو، حيث انسحبت القوات الروسية الأسبوع الماضي لعدم تمكنها من السيطرة على الضفة اليمنى (الغربية) من النهر.
وقالت الإدارة المعيّنة من الكرملين، إنه بعد الانسحاب الروسي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني من الضفة اليمنى لنهر دنيبرو، تعرّضت نوفا كاخوفكا لنيران مباشرة من المدفعية الثقيلة للقوات الأوكرانية وقذائف الهاون"، مضيفة أن "الحياة في المدينة أصبحت خطرة" مشيرة إلى أن "الآلاف" من السكان غادروها.
من جهة ثانية، أعلن وزيرا الدفاع الألماني والإسباني الثلاثاء خططا لتدريب آلاف الأفراد العسكريين الأوكرانيين في إطار برنامج الاتحاد الأوروبي للمساعدة في دعم قوات كييف في التصدي لروسيا.
تلك الضربات أدانتها الولايات المتحدة الثلاثاء "بحزم"، معتبرة أنها "تعمّق مخاوف" دول مجموعة العشرين المجتمعة في اندونيسيا.
وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان في بيان إن "الضربات الروسية تعمّق المخاوف في مجموعة العشرين بشأن التأثير المزعزع للاستقرار لحرب (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".
ضغوط دولية
ورغم الانقسامات بين دول مجموعة العشرين حول العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا، إلا أن الضغوط تصاعدت على موسكو الثلاثاء خلال قمة العشرين، من أجل إنهاء الحرب ذات التكاليف المادية والبشرية الباهظة.
واتفق أعضاء مجموعة العشرين، على مسودة بيان تتحدث عن التداعيات السلبية لـ"الحرب في أوكرانيا"، لكن احتمال اعتمادها ضعيف نظرًا للانقسامات التي برزت في الأيام الأخيرة وضرورة موافقة موسكو عليها.
وتتحدث هذه الوثيقة، في حال تبنّاها القادة، عن التداعيات السلبية لـ"الحرب في أوكرانيا"، متناولة مصطلح "الحرب" الذي لا تزال ترفضه موسكو التي تتحدث عن "عملية عسكرية خاصة".
وتشير الوثيقة إلى أن "معظم الأعضاء ... يدينون بشدة" النزاع، معتبرين استخدام السلاح النووي أو التهديد به "غير مقبول"، مع الدعوة إلى تمديد اتفاقية تصدير الحبوب.
وتنتهي الجمعة الاتفاقية الموقعة في يوليو/تموز الماضي، برعاية تركيا، والتي سمحت بتصدير نحو عشرة ملايين طنّ من الحبوب الأوكرانية، ولا تزال موسكو تثير الشكوك حول نيتها بشأن تمديد الاتفاقية من عدمه، ما يثير مخاوف الأمم المتحدة من حصول مجاعة.