يوميات أوكرانيا.. كييف تدرب متطوعين وخاركيف تتأهب
أصوات الرصاص البلاستيكي تتردد في جنبات معسكر لتدريب المتطوعين في كييف، فيما تتأهب خاركيف بالخنادق وأكياس الرمل تحسبا لهجوم روسي ثان.
يهتف المدرّب العسكري "أمسكي بالحبل، انظري إليّ!"، مشجعا من أعلى مبنى الشابّة الأوكرانية إيرينا غوروبيوفسكا على الانحدار إلى الأسفل، تتردّد ثم تنزلق بصعوبة إلى الأرض.
تطوعت المحامية الشابة البالغة 28 عاما التي تتخذ "باني" اسما حركيّا، منذ بدء بداية الحرب الروسية الأوكرانية في صفوف وحدات الدفاع الإقليمي، وهي قوة مساندة للجيش مفتوحة لجميع الأوكرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاما.
وعلى غرار كثيرين، لم يكن لإيرينا أي خبرة في استخدام السلاح أو تقديم إسعافات أولية، ومع ذلك لم تتردد في الانضمام إلى صفوف المتطوعين عند حصار موسكو للعاصمة، وذلك عبر إقامة سواتر وتوزيع المساعدات الإنسانية.
ومع تراجع القوات الروسية إلى جنوب أوكرانيا وشرقها، عمدت سلطات كييف إلى تدريب المتطوعين الجدد بشكل مكثف وسريع حتى يكون بوسعهم التصدي للعدو تحسبا لنزاع طويل الأمد.
وأوضح مساعد مدير أجهزة الأمن التابعة للبلدية ميخايلو شتشيربينا: "نجري تدريبات كل أسبوع، شارك فيها منذ مارس (آذار الماضي) ألف إلى 1500 شخص"، معتبرا أنه "جرم أن نرسل أفرادا غير مدربين إلى خط الجبهة، ينبغي توفير حدّ أدنى".
وتابع شتشيربينا، في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية، أن هذا يتخذ أهمية خاصة، لأنه "بعدما اكتفينا بشن عمليات دفاعية، بدأنا بالهجوم"، في إشارة إلى استعادة بلدات في محيط خاركيف شمال شرقي البلاد من القوات الروسية.
وختم: "علينا أن نعلمهم كيف يحررون مدنا".
فرصة
تجري دورة التدريب في عمق الغابة بعيدا عن العاصمة، في مخيم سابق لـ"الرواد" بحسب التسمية السوفيتية لما يشبه الكشّافة.
هناك يتعلم أوكرانيون من كل الآفاق بينهم ميكانيكيون وعمال بناء ومصفّفات شعر، خلال خمسة أيام، كيفيّة التحرّك في حقل ألغام وإجلاء جريح تحت الرصاص وإطلاق النار من أسلحة رشاشة والفرار من نافذة مبنى.
وهذا التدريب الأخير هو الذي شكل تحديا لإيرينا غوروبيوفسكا. وبعد انتهائه، علّقت المرأة الشابة التي طلت أظافرها باللون الكاكي مثل بدلتها "كان مرعبا، لأنني لم أكن أفهم ماذا ينبغي أن أفعل".
خاركيف تستعد
تبقى خاركيف التي صدّت هجوما روسيا في فبراير/ شباط الماضي، متأهبة وتنظم دفاعاتها في ضوء احتمال شن هجوم روسي ثانٍ مع حفر خنادق جديدة حول المدينة ونشر كتل أسمنتية وأكياس رمل ونقاط تفتيش عدة.
تحدد لعبة من قماش بلون وردي مدخل خندق حُفر حديثاً في شمال شرق ثاني مدينة أوكرانية، هناك حيث لا تزال الأرض سوداء ورطبة، فيما يستريح جنود بسترات صيفية في الشمس.
فُك الخناق عن خاركيف، لكن تدرك هذه العاصمة الإقليمية الواقعة على بعد حوالي خمسين كيلومترًا من الحدود الروسية، أنها تبقى تحت تهديد دائم، ولذلك نظمت خط دفاع ثانيا خلف الخطوط الأولى.
وأكد "دكتور" وهو ممرض في الحرس الوطني، أنّه حين بدأت الحرب، "لم تكن لدينا مواقع. استلقى مقاتلونا على جانب الطريق خلف متاريس وأطلقوا النار من هناك. كنا في مواجهة مباشرة".
ومستدركا: "لكن حالياً لدينا خنادق ومناطق محمية بشكل جيد. بالنسبة للروس سيستحيل الاستيلاء على هذه المواقع".
ولا تزال خاركيف في مرمى المدافع، وكل ليلة تسقط قذائف على المدينة، لذلك تعلّم السكان التعايش مع أصوات الانفجارات والمدفعية الروسية والأوكرانية.
وعند مخارج المدينة، يساعد مدنيون من الرجال والنساء القوات المسلحة على ملء أكياس من الرمل لنقاط التفتيش المنتشرة في كل شوارع المدينة مع كتل أسمنتية وجنود.
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xOSA= جزيرة ام اند امز