دراجات و«سلحفاة».. روسيا تفاجئ أوكرانيا بتكتيكات جديدة
وسط تعثر التوصل لاتفاق ينهي أزمة أوكرانيا، واصلت روسيا الضغط في جبهات القتال؛ في محاولة لإجبار كييف على القبول بشروطها، لإحلال السلام.
ضغط روسي، جربت موسكو في سبيل تحقيقه، أساليب متعددة للتغلب على العقبات التي تواجهها في ميادين القتال، وأبرزها الحقول الملغومة والمكشوفة في آن.
فمع انتشار طائرات الاستطلاع بدون طيار في سماء دونباس، أصبحت المركبات المدرعة لكلا الجيشين أهدافا سهلة، مما دفع روسيا إلى الجنوح للدراجات النارية، التي من الصعب إصابتها، مما يوفر لها اختراقًا سريعًا لخطوط القتال، وتدمير الخنادق الأوكرانية، في شرق البلاد، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز».
وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه في أحدث تكتيك لاقتحام الخنادق، تستخدم روسيا الدراجات النارية وعربات الكثبان الرملية لحمل جنودها، بسرعة عبر المساحات المفتوحة،
«لقد تحركوا بسرعة، وانتشروا وانحرفوا»، هذا ما قاله الملازم ميخايلو هوبيتسكي، وهو يصف هجوم الدراجات النارية الروسي الذي شهده، مشيرًا إلى أنه نوع من الهجمات التي انتشرت على طول خط المواجهة هذا الربيع، مضيفة عنصرًا جديدًا إلى القتال العنيف والفوضوي بالفعل.
ويقول القادة الروس، إن الجنود الذين يركبون الدراجات النارية والدراجات الترابية والدراجات الرباعية والعربات التي تسير على الكثبان الرملية يمثلون الآن حوالي نصف جميع الهجمات في بعض مناطق الجبهة، حيث تحاول قوات موسكو استخدام السرعة لعبور المساحات المفتوحة المكشوفة حيث تتواجد مركباتها المدرعة الثقيلة.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن هذه المركبات غير التقليدية ظهرت بوتيرة كبيرة، لدرجة أن بعض الخنادق الأوكرانية أصبحت الآن تطل على ساحات خردة من المركبات المهجورة والمدمرة على الطرق الوعرة، حسبما أظهرت مقاطع فيديو من طائرات استطلاع بدون طيار.
لماذا لجأت روسيا لهذا التكتيك؟
- أحدث تكيف روسي لساحة معركة مليئة بالألغام
- الهروب من المراقبة المستمرة.
- تحقيق مكاسب تكتيكية صغيرة، غالبًا ما تكون بضع مئات من الياردات فقط.
- الحفاظ على المركبات المدرعة الروسية
ويظهر مقطع فيديو قدمه اللواء 80 بالجيش الأوكراني، دراجة نارية تابعة للجيش الروسي بالقرب من خط المواجهة، تم تصويرها بطائرة استطلاع بدون طيار.
وقال الكابتن ياروسلاف، قائد المدفعية في اللواء 80 للهجوم الجوي، والذي كان يطلق في وقت سابق من هذا الأسبوع صواريخ باتجاه الخطوط الروسية: «إننا نخوض حرباً على كل متر».
هل هناك عيوب لهذا التكتيك؟
رغم أنه من الصعب إصابة الدراجات النارية والعربات السريعة الحركة بالمدفعية، فإنها لا توفر أي حماية للجنود الروس، الذين يتعرضون لوابل من نيران المدافع الرشاشة عندما يقتربون من الخنادق.
وفي بعض الأحيان، يتمكن راكبو الدراجات النارية من العبور إذا نجحت قصف المدفعية الروسية في منع الجنود الأوكرانيين من رفع رؤوسهم فوق الخندق.
إلا أن هذا التكتيك، وإن كان ينطوي على مخاطر كبيرة، يعد تحدياً تكتيكياً رئيسياً للحرب في أوكرانيا بالنسبة لكلا الجانبين: كيفية عبور حقل مفتوح مليء بالألغام في ظل مراقبة الطائرات بدون طيار ونيران المدفعية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه إذا نجح الروس في عبور أحد الحقول، يلقي الدراجون دراجاتهم جانبًا، ويدخلون الخندق الأوكراني وينخرطون في قتال متلاحم سيرًا على الأقدام.
وقال الرقيب الأوكراني سابسان، الذي يخدم في اللواء الميكانيكي 47، والذي طلب ذكر اسمه المستعار فقط، تماشياً مع البروتوكولات الأمنية لوحدته: «لقد قفزوا وبدأوا في إطلاق النار. هذه العربات والدراجات النارية سريعة وتطير مباشرة إلى خطوط الأشجار لدينا».
ويقول الجنود الأوكرانيون إن هجمات الدراجات النارية، مثل موجة هجمات المشاة التي استخدمتها روسيا للسيطرة على باخموت العام الماضي، تؤدي إلى خسائر بشرية فادحة. ولم تحل هذه الهجمات محل استخدام الجيش الروسي لميزته الواضحة في أعداد المدفعية وكمية الذخيرة للتقدم.
هل هذا التكتيك هو الوحيد؟
تُنفَّذ تكتيكات الدراجات النارية الجديدة بالتوازي مع شكل آخر غير نمطي من الهجوم يتبنى استراتيجية معاكسة تتلخص في الهجوم الضخم والبطيء؛ فالروس يلحمون دروعاً معدنية بالدبابات للحماية من الطائرات بدون طيار المتفجرة، فيخلقون هياكل مربعة بحجم المنزل، تُعرف باسم «دبابات السلحفاة».
وتصدر المركبات الضخمة صريراً وتزحف فوق الحقول، حتى أصبحت مشهداً غريباً آخر يظهر في ساحات المعارك في دونباس.
هل أثمرت هذه التكتيكات؟
وبمرور الوقت، تزايدت مكاسب موسكو، وأصبح الجيش الروسي الآن قريبًا من خطوط الإمداد والبلدات ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
ومنذ الاستيلاء على مدينة باخموت في مايو/أيار 2023، تقدم الهجوم الروسي باتجاه الغرب حوالي ثلاثة أميال على مدى أكثر من عام، ليتوقف الآن عند قناة مائية بالقرب من بلدة تشاسيف يار.
لكن الروس يهددون الآن بتطويق المواقع الأوكرانية هناك، بينما يقتربون في الوقت نفسه من خط إمداد أوكراني رئيسي، وهو الطريق السريع بوكروفسك-كوستيانتينيفكا.
وتزيد المخاطر التي تهدد طريق الإمداد هذا من إلحاح القتال على طول هذا الجزء من الجبهة، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي تقول إنه إذا سيطر الروس على هذا الطريق، أو حتى هددوه، فسوف يؤدي ذلك إلى إبطاء تدفق الغذاء والأسلحة والذخيرة التي يحتاجها الجيش الأوكراني للقتال في دونباس.
ويهدد التقدم الروسي -أيضًا- مدينتين تسيطر عليهما أوكرانيا، توريتسك ونيويورك، والأخيرة عبارة عن نقطة صغيرة في السهول الأوكرانية أخذت الاسم في القرن التاسع عشر.
وتقول «نيويورك تايمز»، إنه إذا سقطت هذه البلدات، فإن روسيا ستكون مستعدة للضغط نحو أكبر المدن المتبقية التي تسيطر عليها أوكرانيا في المنطقة، وهي كوستيانتينيفكا ودروزكيفكا وكراماتورسك وسلوفيانسك.
وكثفت السلطات هذا الشهر عمليات إجلاء المدنيين من توريتسك ونيويورك، وأخرجت السكان القلائل المتبقين بشاحنات صغيرة وسط قصف عنيف.
ويتم إجلاء السكان على عجل، حيث لا يتاح للسكان سوى بضع دقائق لتحميل كيس أو كيسين في الشاحنات الصغيرة ومغادرة المنازل التي عاشوا فيها طيلة حياتهم.