حرب أوكرانيا تنشد "فجوة في الجدار".. المفاوضات بدل المعارك
كمعظم الحروب، يبدو أن حسم النزاع الأوكراني الروسي لن يكون في الجبهات وإنما عبر مفاوضات يرجح أنها وحدها القادرة على وضع نقطة نهاية.
سيناريو سبق أن استشرفه عسكريون وخبراء ممن رأوا أن الحرب التي اندلعت منذ نحو عام شرقي أوروبا لن تضع أوزارها إلا على طاولة مفاوضات، تماما كما انتهى الأمر بغالبية حروب المعمورة.
وأكد الطرح رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارك ميلي، بالقول إن الحرب الروسية في أوكرانيا "من المرجح أن تنتهي بمفاوضات وليس في ساحة المعركة".
وأضاف ميلي، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع لحلفاء أوكرانيا استضافته الولايات المتحدة، الجمعة في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا: "من وجهة نظر عسكرية، ما زلت أصر على أنه سيكون من الصعب جدا جدا خلال هذا العام إخراج القوات الروسية من كل شبر تحتله روسيا في أوكرانيا".
وتابع: "ما يمكن أن يحدث هو الاستمرار في الدفاع وتحقيق الاستقرار في جبهة القتال، وأعتقد أنه من الممكن القيام بذلك، ويعتمد هذا على تسليم وتدريب كل هذه المعدات (المساعدات العسكرية التي تتلقاها كييف من الحلفاء)".
وأعرب المسؤول العسكري الأمريكي عن اعتقاده بأنه "من الممكن جدا جدا للأوكرانيين أن يشنوا عملية هجومية لتحرير أكبر قدر ممكن من الأراضي".
الناتو يرجح
ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، رجح أيضا قبل أيام، أن "تنتهي هذه الحرب على طاولة المفاوضات كغالبية الحروب".
وشدد ستولتنبرغ، في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية، على أن "أي حل يجب أن يضمن لأوكرانيا أن تبقى دولة سيدة ومستقلة"، واصفا هذه المرحلة بالمفصلية والأزمة الأمنية بأنها الأخطر التي تعرفها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
من جانبها، اعتبرت إيما آشفورد، الباحثة في مركز ستيمسون والأستاذة المساعدة في جامعة جورج تاون، في قراءة سابقة لمستقبل النزاع شرقي أوروبا، أن اهتمام الغرب بالحرب الروسية في أوكرانيا بدأ بالانحسار منذ أواخر أغسطس/آب الماضي.
وأضافت في حديث إعلامي، أن طرفي الصراع وصلا إلى طريق طويل مسدود، مما أعفى القادة الغربيين من تبني خيارات صعبة أو التفكير الجاد بشأن مستقبل الأزمة.
وأشارت الباحثة إلى أن كل الحروب تقريبا تنتهي بالمفاوضات، مضيفة أنه حتى لو بدا التفاوض من أجل إنهاء الحرب مستحيلا، فإن على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الشروع في طرح الأسئلة الصعبة على الملأ وعلى شركائها، مما يقتضيه مثل هذا النهج من التعامل مع الأزمة.
ودعت واشنطن إلى اختيار الوقت المناسب للضغط من أجل بدء المفاوضات، واستشراف المرحلة التي ستفوق فيها تكاليف الاستمرار في القتال الفوائد.
من أجل الحوار
يعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من أوائل قادة العالم الذين حملوا شعار "الحوار الحازم" وذلك قبل حتى اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا.
وعكس الشعار الفرنسي رؤية باريس لضرورة معالجة الأزمة قبل السقوط في هوة الحرب بأوروبا وتداعياتها على العالم أجمع في ضوء الإصرار الغربي على الذهاب بعيدا بفرض عقوبات غير مسبوقة على موسكو.
وماكرون من بين قادة قلائل أيضا التقوا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل الحرب، ولا تزال صورة الطاولة الممتدة التي باعدت إلى أقصى حد بين الضيف الفرنسي ومضيفه الروسي عالقة في الأذهان.
ورغم اندلاع الحرب في 24 فبراير/ شباط الماضي، إلا أن ماكرون حافظ على خط اتصال مع الرئيس الروسي، لكن الشكوك التي أحاطت بمسلكه في عواصم غربية ربما دفعته للتراجع.
وفي غضون ذلك، سعت تركيا، الدولة العضو في حلف الناتو، لقيادة وساطة سلام بين موسكو وكييف، معولة في ذلك على علاقاتها مع روسيا والبيئة الجيوسياسية التي تتحرك فيها.
ورغم الفشل في وضع نهاية للعملية الروسية، إلا أن اجتماعات إسطنبول حققت نجاحا في زاوية مختلفة، وأثمرت اتفاقا بشأن نقل الحبوب إلى العالم، في خطوة مصيرية خففت تداعيات الحرب على البلدان النامية.
ولم يستمر السكون طويلا بعد ذلك، حيث سرعان ما ظهر بريق أمل مع إعلان أوكرانيا عن خطة لعقد مؤتمر للسلام في فبراير/ شباط المقبل.
وفي تصريحات سابقة، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إن كييف ترغب في عقد "قمة سلام" بمقر الأمم المتحدة مع الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش كوسيط محتمل.