أوكرانيا تترقب دبابات الحلفاء.. هل تستعيد "ملكة الحروب" عرشها؟
كلمات يتردد صداها من واشنطن إلى لندن ومن باريس إلى وارسو: أوكرانيا بحاجة إلى دبابات لـ"إنهاء الحرب".
فهل بالفعل يمكن لتلك الآلات التي لطالما وصفت بالقديمة والتقليدية أن تحسم النزاع شرقي أوروبا بعد نحو عام من اندلاعه؟
المؤكد أن الإجابة تمر وجوبا عبر استكشاف دور الدبابات في الحروب الحديثة والاطلاع على ما يمكن أن تقدمه لكييف، من أجل تحقيق هدفها بقلب موازين القوى ضد روسيا ووضع نقطة النهاية.
كما أن قراءة في التطورات الأخيرة قد تفسر التمسك الأوكراني اللافت بالحصول على دبابات الجيل التالي، في منعطف يؤكد تغير بيئة العمليات وظروف الحرب الحديثة بشكل عميق.
وبالنسبة لخبراء، فإن تمسك كييف بمطلبها لا يأتي من فراغ، في وقت تعمل فيه العديد من البلدان على تطوير الدبابات والعربات المدرعة من أجل تحسين قوتها النارية والفتك، وتجهيز أنظمة الحماية وتعزيز التنقل والقيادة والسيطرة والاتصال، ما يرشحها لأن تكون الأسلحة الأساسية للجيوش بالعقود القادمة.
ونظرا لدورها المهم في توفير نيران داعمة للمشاة، لا تزال العديد من الدول تستثمر في تطوير الدبابات على الرغم من وصفها بأنها "آلات حرب" قديمة.
الحسم في رامشتاين
قرار بشأن تزويدها بالدبابات تنتظره كييف في اجتماع أمني وعسكري يعقده، الجمعة، في قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية بألمانيا، حلفاء كييف.
واستبق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاجتماع بالقول في وقت متأخر أمس الخميس "بينما نستعد لاجتماع رامشتاين (…) فإننا نتوقع قرارات قوية، نتوقع حزمة دعم عسكري قوية من الولايات المتحدة".
وقبيل الاجتماع، أعلنت واشنطن عن شريحة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة 2.5 مليار دولار، تشمل خصوصا مئات المركبات المدرعة من أنواع مختلفة، لكنها لا تضم دبابات ثقيلة من طراز أبرامز.
في غضون ذلك، تزايدت الضغوط على برلين للموافقة على تزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" التي يسعى المسؤولون في كييف بشدة للحصول عليها لشن هجمات ضد القوات الروسية.
ومع أن أوكرانيا تحدثت ضمنيا عن حاجتها الماسة لدبابات، لكن تصريحات زيلينسكي الأخيرة تعتبر أوضح مناشدة حتى الآن بشأن الدبابات التي تدرس ألمانيا إرسالها لكنها تتردد في ذلك.
وتجاوز الرئيس الأوكراني التلميح إلى التصريح مباشرة بالقول: "هل يمكنكم إرسال دبابات ليوبارد أم لا؟ سلموها إذن"، في إشارة واضحة إلى نفاد الصبر في وقت تبدي فيه برلين ترددا حيال الأمر.
كما أن بولندا وفنلندا تحتاجان إلى الضوء الأخضر للقيام بالخطوة وإرسال الدبابات الألمانية الصنع إلى أوكرانيا، وهذا ما يثير حفيظة كييف.
ومساء الخميس، أعلن وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس أن "بضع دول" سترسل دبابات ليوبارد إلى كييف.
وقال أنوسوسكاس في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية إن "بضع دول سترسل" دبابات ليوبارد، واعدا بـ"معلومات أخرى" الجمعة خلال اجتماع رامشتاين.
ملكة حرب
هل يمكن بالفعل للدبابات حسم حرب أوكرانيا والقيام بما عجزت عنه أعتى المنظومات الصاروخية والأسلحة المتطورة؟
قد يحدث ذلك، فهذة الآلات تعتبر رغم كل شيء أداة قتالية لا غنى عنها في الحرب الحديثة، خصوصا مع تطويرها لتنسجم مع تكتيكات النزاعات الراهنة.
خبراء يعتقدون أن قواعد الحرب تتطلب تغيير السلاح في حال عدم إحراز تقدم على الأرض، وهذا ما يبدو أن كييف تخطط له من خلال إلحاحها في الحصول على الدبابات.
ففي الزمن الحديث، بات تطوير الدبابات اتجاها رئيسيا في جميع أنحاء العالم، لجعلها قادرة على أداء أدوار متعددة وتزويدها بقوة نيران فائقة، وقدرة على البقاء والتنقل، والعمل بتضاريس مختلفة في أي ظروف جوية.
وأظهرت الدبابات قوتها الحقيقية في الحرب العالمية الثانية عندما اجتاحت حشود من الدروع الألمانية الكثير من أوروبا وأجزاء من شمال أفريقيا باستخدام أسلوب الحرب الخاطفة، أي حرب البرق.
وقاد ذلك إلى اشتباكات شرسة في فرنسا وبلجيكا وأوروبا الشرقية، بما في ذلك معركة كورسك الشهيرة في غرب روسيا، والتي شاركت فيها نحو 6 آلاف دبابة ألمانية وسوفياتية.
ولم يكن ذلك النجاح الوحيد في رصيد الدبابات، فقد تم استخدامها بنجاح مرة أخرى في آسيا والشرق الأوسط، لكن جاءت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 لتثير صدمة حول ما إذا كانت الدبابة قد عفا عليها الزمن.
وحينها، سرى طرح بأن الدبابات باتت عتيقة بشكل متزايد، وأنها أصبحت خارج معادلة الحروب، لكن جاك واتلينج، زميل باحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، يرى أن أساس تلك الحجة يكمن في أن الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات أصبحت فعالة جدا.
فعالية أوضح، في حديث لإعلام غربي، أنها بلغت لدرجة أن مستوى الحماية المطلوب لجعل الدبابة فعالة تجعلها ثقيلة جدان حيث لا يمكن تحريكها عمليا عبر المسافات ذات الصلة.
وتابع الخبير أنه مع اعتماد المركبات على أنظمة متطورة بشكل متزايد، تناقصت القدرة على إصلاحها في الميدان، وبسبب هذه التكلفة المتزايدة تتطلع العديد من الدول إلى تقليل أساطيل دباباتها لصالح المركبات التي تحمل صواريخ أقل حماية.
aXA6IDMuMTQ3LjIwNS4xOSA=
جزيرة ام اند امز