جلسة أوكرانيا تصيب مجلس الأمن.. "كرات لهب" دبلوماسية ومطالب إصلاح
مناقشة مفتوحة في مجلس الأمن بشأن "صون السلام والأمن في أوكرانيا"، انقلبت ضد الكيان الدولي، مطالبة بإصلاحه، في إطار "التمسك بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
تلك المناقشة رفيعة المستوى، التي ترأسها رئيس وزراء ألبانيا، إيدي راما، جاءت في إطار بند جدول الأعمال "صون السلام والأمن الدوليين"، وهدفت إلى معالجة تداعيات العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا فيما يتعلق بالتعددية القائمة على القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة، والنظر في جميع الجهود الجماعية اللازمة لتعزيز النظام الدولي القائم على القواعد وتعزيز التعددية.
- اجتماعات الأمم المتحدة.. عدد أعضاء الوفود وأبرز الغائبين
- "العالم أكبر من 5 دول".. أردوغان يتحدث عن هيكلة مجلس الأمن والسلام والإرهاب
كما هدف الاجتماع إلى "التأكيد على ضرورة العمل معًا لمنع حدوث انتهاكات للقانون الدولي في المستقبل، وتعزيز الحل السلمي للصراعات، من خلال الوسائل الدبلوماسية والحوار".
وأكد المشاركون الزعماء وممثلو الدول المشاركون بالجلسة على أهمية "التمسك بالميثاق لتعزيز التعددية الفعالة والدفاع عنها"، معتبرين أن "النظام المتعدد الأطراف القائم على احترام القانون الدولي يواجه تحديا خطيرا بسبب العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا".
تلك الجلسة التي جاءت وسط مطالب بتوسيع مجلس الأمن والنظر في قواعد تكوينه وانضمام دول جديدة إليه، والتي شهدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
"التوتر الجيوسياسي"
وفي مستهل الجلسة، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أن "الحرب الروسية الأوكرانية تفاقم التوتر الجيوسياسي والانقسامات وتهدد الاستقرار الإقليمي وتزيد التهديد النووي وتخلق انقسامات عميقة في عالمنا المتعدد الأقطاب".
وأضاف غوتيريش أن "الحرب الروسية في أوكرانيا ساهمت في زيادة غير مسبوقة في أسعار الغذاء عالميًا".
وتابع: "الحرب الروسية هددت الملايين حول العالم بالجوع والفقر، ونجدد الدعوة لروسيا للخروج من أوكرانيا وتحقيق سلام مستدام".
هجوم أوكراني على المجلس
بدوره، هاجم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مجلس الأمن مطالبا بضرورة "العمل على إصلاحه"، ودعا إلى "تجريد روسيا من حق النقض في مجلس الأمن".
وتابع زيلينسكي: "روسيا تشغل مقعدها في مجلس الأمن بشكل غير قانوني"، بحسب قوله، مشددا على "منح الجمعية العامة للأمم المتحدة قوة حقيقية لتجاوز حق النقض الممنوح للأعضاء".
وفيما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، المعروف بتعليقاته اللاذعة والذي كان مندوبا سابقا لموسكو في الأمم المتحدة، سفير روسيا لدى الأمم المتحدة يجلسان أمامه، قال الرئيس الأوكراني، إن "الغزو الروسي لبلادنا إجرامي، ومعظم العالم يعرف حقيقة هذه الحرب. إنها عدوان إجرامي وغير مبرر من جانب روسيا ضد بلدنا يهدف إلى السيطرة على أراضي أوكرانيا ومواردها"، بحسب قوله.
واستطرد: "بلادي تمارس حق الدفاع عن نفسها ومساعدتها بالأسلحة ومعاقبة روسيا يساعد في الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة".
وأشار الرئيس الأوكراني إلى أن "روسيا قتلت عشرات الآلاف من الأوكرانيين وشردت الملايين في حربها على بلادي، متهما الأمم المتحدة بأنها "عاجزة عن وقف الحرب الروسية في أوكرانيا".
ولفت إلى أن "معادلة السلام الأوكرانية هي الأساس في أي حل، وطموحنا للسلام يجب أن يقود إصلاح مجلس الأمن".
وطالب الرئيس الأوكراني، روسيا بـ"سحب كل قواتها وتشكيلاتها العسكرية والمرتزقة من على أراضينا".
وبين أن "سحب روسيا قواتها واستعادتنا السيطرة على كامل أراضينا ومنطقتنا الاقتصادية سيؤدي إلى وقف شامل للأعمال العدائية".
اتهامات و"انتهاكات"
وفي سياق متصل، اتهم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن روسيا بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية يوميا".
وأشار إلى "روسيا انتهكت المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، والميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وقرارات مجلس الأمن، لأكثر من عام ونصف، وترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يوميا".
ولفت إلى أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لم يقدم أي شيء للتعبير عن رغبته في تحقيق السلام مع أوكرانيا"، مشددا على أن "أوكرانيا لن تستسلم ونحن لن نتخلى عنها".
وأضاف: "من الصعب أن نرى دولة تتمتع بمقعد دائم في مجلس الأمن لا تحترمه ولا تحترم ميثاق الأمم المتحدة".
وأوضح أن "بوتين يراهن أنه إذا تمادى في العنف وارتكبه ضد المزيد من الناس سيتخلى العالم عن مبادئه وستتوقف أوكرانيا عن الدفاع عن نفسها".
روسيا ترد
فيما رد وزير الخارجية الروسي لافروف على الاتهامات، قائلا، إن "النظام الدولي الراهن جاء بعد مأساة الحرب العالمية الثانية، وأساسه ميثاق الأمم المتحدة كان مصدر القانون الدولي المعاصر، وبفضل الأمم المتحدة تمكنا من تفادي حربا عالمية جديدة".
وأضاف: "لسوء الحظ الغرب بعد الحرب الباردة بقيادة الولايات المتحدة قرر أنه سيحدد مصير كافة البشرية وقام باختيار القواعد والمبادئ بشكل انتقائي على أساس احتياجاته الجيوسياسية، وهذا أدى إلى زعزعة الاستقرار العالمي وإثارة مناطق توتر جديدة".
وللحد منها لكي نتمكن من إعادة السلام، أكدت روسيا احترامها للميثاق وكل أحكامه وألا تنطبق بشكل انتقائي بل تنطبق بشكل كامل بما في ذلك سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام سيادتها، ووحدة أراضيها، وحق الشعوب في تقرير المصير.
وأضاف أن "تحركات الولايات المتحدة والحلفاء تشير إلى الاختلال في ميزان الاحتياجات، ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي، والولايات المتحدة وأقمارها الصناعية، تدخلت بشكل مفتوح في الشؤون الداخلية لأوكرانيا، كما اعترفت بذلك فيكتوريا نولاند في 2013، وتم إنفاق 5 مليارات دولار لإخفاء الوقائع".
وبين أن "موضوع اجتماع اليوم، يتيح لنا أن ننظر في ترتيب الوقائع فيما يتعلق بميثاق ومبادئ الأمم المتحدة"، موضحا أنه "في العام 2004 و2005 قامت الولايات المتحدة بفرض قرار على المحكمة العليا الأوكرانية بعمل جولة ثالثة من الانتخابات للإتيان برئيس تابع لها".
ولفت إلى أن "مخاطر نشوب صراع عالمي تتزايد، وعلى وجه التحديد، من أجل منعهم وتوجيه الأحداث في اتجاه سلمي، أصرت روسيا وتصر على احترام جميع أحكام ميثاق الأمم المتحدة وتطبيقها ليس بشكل انتقائي، ولكن في مجملها وترابطها، بما في ذلك مبادئ المساواة في السيادة بين جميع الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، واحترام سلامة أراضيها، وحق الشعوب في تقرير مصيرها".
واستطرد: "اليوم، في خطاب خصومنا، لا نسمع سوى شعارات: الغزو، العدوان، الضم. ولا توجد كلمة واحدة عن الأسباب الكامنة وراء المشكلة، أو كيف رعوا لسنوات عديدة نظاما نازيا علنيا أعاد كتابة نتائج الحرب العالمية الثانية وتاريخ شعبها".
وبين أن "الغرب يتجنب إجراء محادثة موضوعية مبنية على الحقائق واحترام جميع متطلبات الميثاق (الأمم المتحدة). على ما يبدو، ليس لديه أي حجج لإجراء حوار صادق".
وتابع: "فيما يتعلق بالمفاوضات، فإننا لا نتخلى عنها حتى الآن، لقد تحدث الرئيس بوتين عن هذا الأمر عدة مرات، بما في ذلك في الآونة الأخيرة"، لافتا إلى أن "الولايات المتحدة إذا كانت مهتمة بهذه الدرجة، فأعتقد أنه لن يكون من الصعب أن تعطي أمرا لزيلينسكي لإلغاء حوار مرسوم الحظر مع موسكو".
ولفت لافروف إلى أن "هؤلاء المدافعين عن السلامة الإقليمية لأوكرانيا يتظاهرون الآن بأنهم لا يتذكرون معنى اتفاقيات مينسك، والتي كانت تتمثل في إعادة توحيد دونباس مع أوكرانيا مع ضمانات احترام حقوق الإنسان الأساسية".
وشدد على أن: "الغرب الذي أحبط تنفيذها مسؤول بشكل مباشر عن انهيار أوكرانيا والتحريض على الحرب الأهلية هناك".