المقاتلات على "قائمة أمنيات" أوكرانيا.. هل يستجيب "سانتا كلوز" الغرب؟
بعد حصولها على الدبابات تريد أوكرانيا غطاء جويا لعملياتها على الخطوط الأمامية للجبهات، وتطلب هذه المرة طائرات مقاتلة.
وفي الواقع، ذهب قرار ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية وآخرين بإرسال دبابات القتال الرئيسية إلى أوكرانيا لأبعد مما اعتقد كثيرون قبل أشهر.
واستبعدت الدول الغربية التي أظهرت اتحادا ورغبة في درء هجوم روسي جديد، المخاوف من أن الأسلحة الأكثر تطورا تهدد باستفزاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حسب تحليل نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وبعد الموافقة على إرسال تلك الدبابات، جدد القادة الأوكرانيون مناشداتهم العلنية للحصول على الطائرات المقاتلة الغربية.
على قائمة الأمنيات
وقال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف هذا الأسبوع لـ"سي إن إن": "أرسلت قائمة أمنيات إلى سانتا كلوز (بابا نويل) العام الماضي، و[كانت] الطائرات المقاتلة أيضا ضمن تلك القائمة".
وتجنب القادة الغربيون، علانية، مناقشة إرسال الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا، ولم تكن رسميا على أجندة الاجتماع بين أوكرانيا وحلفائها في ألمانيا الأسبوع الماضي.
لكن في حين أعلن المتحدث باسم البنتاغون العام الماضي إرسال مقاتلات لتحقيق "زيادة طفيفة في القدرات، في ظل مخاطر عالية"، قال نائب مستشار الأمن القومي جون فينر إنهم "لا يضمنون استبعاد أي أنظمة محددة"، بما في ذلك "إف-16".
وأثارت هولندا أيضا مفاجأة الأسبوع الماضي، عندما أخبر وزير خارجيتها برلمانيا يسأل عن مقاتلات "إف-16" بأنه "عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي يمكن لهولندا إرسالها، لا توجد محظورات".
وطورت مقاتلات "إف-16" للمرة الأولى في السبعينيات، وتتميز بقدرة كبيرة على المناورة، وقادرة على حمل ستة صواريخ جو-جو أو جو-أرض تحت أجنحتها.
وأحيطت الشركة المصنعة للمقاتلات حاليا لوكهيد مارتن علما بالأمر، وأقر كبير مسؤولي العمليات لديها فرانك جون، لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية هذا الأسبوع، بأنه كانت هناك "عدة نقاشات حول نقل طرف ثالث لمقاتلات إف-16"، وأن دخول إصدار جديد منها الإنتاج قد يساعد في إشباع الطلب المحتمل.
إرسال الطائرات
وتعتبر هولندا مثالا مفيدا في فهم المناشدات الأوكرانية لإرسال طائرات "إف-16"، حيث يمكن فهم الأمر على الأقل جزئيا بأنه انتهاز للفرصة للحصول على طائرات تتخلص منها الدول الأوروبية تدريجيا من أجل الحصول على النموذج الأحدث "إف-35"، قبل بيعها إلى شخص آخر.
وبالنسبة للجيش الأوكراني بدا ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 ودعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا تحولا حتميا عن الأسلحة السوفياتية إلى معدات غربية أكثر حداثة.
وهناك فهم سائد على نطاق واسع يفيد بأنه، على المدى الطويل، ستتحول أوكرانيا إلى المقاتلات الغربية بدلا من مقاتلاتها الحالية التي ترجع للحقبة السوفياتية، "ميغ-29" و"سوخوي سو-27".
وقال العقيد المتقاعد في سلاح الجو الهولندي الذي يعمل الآن محللا دفاعيا لدى "سي إن إن" بيتر ويجينجا إن وزير الدفاع الأوكراني "يلعب قليلا، من أجل تنبيه الجميع إلى أن هذا الطلب قد يأتي عاجلا أم آجلا".
وتمتلك هولندا 24 طائرة من طراز "إف-16"، لكنها تخطط للتخلص منها بحلول العام المقابل، مع تحولها إلى الجيل التالي "إف-35"، وفي عام 2021 باعت 12 طائرة مرة أخرى إلى الولايات المتحدة لاستخدامها في التدريب.
وقال ويجينجا "ستكون العديد من طائرات إف-16 متوفرة للبيع إلى الدول الأخرى، أو في هذه الحالة سيتم تسليمها إلى أوكرانيا، أعتقد أنهم ينتظرون اللحظة المناسبة للمضي قدما في طلب رسمي".
درجة الفائدة؟
كما هو الحال مع العديد من الأسلحة الغربية الأخرى التي تم إرسالها حتى الآن، من غير المرجح أن تكون إف-16 "حلا سحريا".
طرح يؤكده مدير الأبحاث في مركز لاهاي للدراسات الاستراتيجية تيم سويج بالقول "لن أقول إنها (المقاتلات) في حد ذاتها ستغير اللعبة، الدبابات، والقوات بالطبع، والأنظمة طويلة المدى مثل هيمارس، ذات القدرة على تعطيل أنظمة الرادار الروسية -مقترنة بـ"إف-16"- يمكن لهذا المزيج مساعدة أوكرانيا في قلب الموازين".
وبحسب الباحث الكبير بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة "روسي" جاستن برونك تتمثل العقبة الرئيسية في الدفاعات الجوية الروسية واسعة النطاق، مشيرا إلى أن "فكرة أن الطائرات المقاتلة الغربية ستسمح لأوكرانيا بتسيير طلعات جوية قتالية فوق الأراضي الروسية بأي شكل من الأشكال العادية هو محض خيال".
وأشار إلى أن الواقع يقول إن المقاتلات الغربية ستكون مقيدة للغاية أيضًا بسبب التهديد الأرض-جو من أنظمة الدفاع الجوي الأرضية الروسية، كما الحال بالنسبة للأوكرانيين حاليا".
وقال إن مقاتلات "إف-16" ستكون في المستقبل القريب سلاحا دفاعيا في الغالب للجيش الأوكراني، مما سيجعلها أفضل في إسقاط الصواريخ الروسية والدفاع ضد أي طلعات جوية روسية نادرة حاليا عبر الخطوط الأمامية.
وحتى استخدامها كسلاح لحماية القوات البرية، حسب قوله، يمكن أن تكون طائرات "إف-16" سلاحا معقدا في ترسانة أوكرانيا، موضحا أنه "يتم تحسين معظم الذخيرة الغربية الجو-أرض للدعم الجوي القريب ليتم إطلاقها من ارتفاع متوسط، وهذا غير قابل للتطبيق قرب الخطوط الأمامية بسبب الدفاعات الجوية الأرضية الروسية".
ويعني وجود الدفاعات المضادة للطائرات الأوكرانية والروسية الكبيرة، بعد مرور حوالي عام على بدء الحرب، أن البلدين لم يكتسبا تفوقا جويا.
ورأى ويجينجا أنه "من أجل تمكن أوكرانيا من استخدام إف-16 بفاعلية سيتعين عليها تحقيق درجة من التفوق الجوي. ويعني ذلك أنه سيتعين عليها تدمير أنظمة الدفاع الجوي الروسي من طراز إس-400 أولا وقبل كل شيء، ويفضل إس-300 أيضا.
وأشار إلى أن القضة لا تكمن في تزويد أوكرانيا بمقاتلات إف-16 فحسب، بل سيتعين على الغرب تمكينها من تحقيق التفوق الجوي بساحة المعركة".
وحتى إذا قررت الدول الغربية تزويد أوكرانيا بمقاتلات "إف-16" سيتعين على المتبرعين التغلب على عقبات لوجيستية كبيرة لتشغيل الطائرات.
وسيحتاج الطيارون الأوكرانيون التدريب أولا على تسيير تلك المقاتلات، ثم ستحتاج أوكرانيا تحديد لكيفية تشغيلها وأين.