حرب أوكرانيا تعيد الشهرة لـ"مخبأ نووي" بكندا.. "هروب النخبة"
بعد فترة قصيرة على بدء الحرب في أوكرانيا، بدأت مديرة متحف الحرب الباردة بكندا في تلقي طلبات لا تشبه أي فترة شهدتها خلال حياتها المهنية.
وقالت كريستين ماكجواير، مديرة "متحف الحرب الباردة في كندا": "كان الناس يسألوننا عما إن كنا لا نزال نعمل كمخبأ نووي، هذا الخوف لا يزال حقيقيا للغاية بالنسبة للناس. يبدو أنه عاد للحالة النفسية العامة".
وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن المتحف لا يزال يتمتع بمعظم سمات المخبأ النووي، إذ إنه بني بالأساس كمخبأ لكبار الشخصيات في الحكومة الكندية والجيش في حال التعرض لهجوم نووي.
لكن المجمع القابع تحت الأرض تغير بعد توقفه عن العمل لفترة عام 1994، وأصبح "متحفا" لفترة الحرب الباردة.
وانطلاقا من تاريخه، أصبح المتحف رمزا قويا لعصر بدا فيه احتمال دمار العالم حقيقيا، وهو الاحتمال الذي عاد إلى أذهان البعض مع بداية الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي.
ويعتبر المتحف الذي تديره جهة خاصة أحد أماكن قليلة في العالم يمكن للزوار التجول فيها داخل ملجأ سابق يعود لفترة الحرب الباردة والذي بني لإيواء الحكومة عند التعرض لهجوم نووي.
وحول هذا التاريخ السابق، المجمع العميق المكون من أربعة طوابق، وتبلغ مساحته 100 ألف قدم، ويضم حوالي 350 حجرة، إلى نقطة جذب سياحية شهيرة على نحو غير متوقع بالرغم من موقعه غير الشهير، ببلدة كارب داخل حدود العاصمة الكندية، أوتاوا.
وكان روبرت بوثويل، أستاذ التاريخ بجامعة تورنتو، عضو بمجلس إدارة منظمة ثقافية في أونتاريو خلال التسعينيات عندما اقترح مجموعة من المتطوعين تحويل المخبأ إلى متحف. وحينها، بحسب قوله، فشلت عدة متاحف أخرى قائمة على المتطوعين في جذب الزوار حتى مع التمويل الوافر.
ومنذ تشييده عام 1959، حصل المخبأ على أسماء رسمية مختلفة، لكنه عرف باسم "ديفنبانكر" نسبة إلى جون ديفنبيكر، رئيس الوزراء الذي أمر بتنفيذه، ليكون بذلك شكلا من أشكال السخرية أكثر منه تكريما.
وعلى مدار عامين تقريبا، وخلال تشييده، تم التمويه والتغطية على المخبأ وعشرة مخابئ أخرى أصغر في شتى أنحاء المدينة، عبر الترويج لها كمراكز اتصالات عسكرية.
لكن صحيفة "تورنتو تليجرام" كشفت حقيقة "ديفنبانكر" عام 1961 مع صورة جوية مفصلة لموقع التشييد الخاص به.
وأظهرت الصورة تركيب عشرات المراحيض، في إشارة على أن المجمع سيكون أكثر من مجرد قاعدة لاسلكية صغيرة. وفوق الصورة، تصدر عنوان: "78 مرحاضا، ولا يزال الجيش لم يعترف بأن. هذا هو ديفنبانكر".
وعلى عكس الولايات المتحدة، لم تنشئ كندا شبكة موسعة من ملاجئ طوارئ لحماية المدنيين، بحسب المؤرخ بمتحف الحرب الكندية أندرو بيرتش، لافتا إلى جزء من السبب في ذلك ببساطة، هو التكلفة.
لكنه قال أيضًا إن الجيش افترض أيضًا أن السوفياتيين احتفظوا بالعدد المحدود آنذاك من الرؤوس الحربية للولايات المتحدة ولن "يهدروها" على أهداف كندية.
وأقر ديفنبيكر بالغرض من المخبأ بعد ظهور الصورة الجوية في الصحف، وتعهد بأنه لن يزوره مطلقا وسيبقى بالمنزل مع زوجته حال هجوم القنابل والصواريخ. لكن ظل الغضب من المخبأ الحصري المخصص لـ565 شخصا، بينهم رئيس الوزراء والـ12 وزيرا الكبار في حكومته.
لكن ما زاد الغضب كان رفض الحكومة الكشف عن تكلفة المخبأ، التي تقدر بـ22 مليون دولار كندي عام 1958، أو ما يساوي حوالي 220 مليونا اليوم.
ووضع تصميم المخبأ بحيث يضم ما يكفي من الطعام ووقود المولدات الكهرباء لدعم الموجودين بعد وقوع هجوم نووي، وحمايتهم حتى انخفاض مستويات الإشعاع.
ويتردد الزوار الآن على المتحف من شتى أنحاء كندا ومن الخارج لإلقاء نظرة على ماضي الحرب الباردة – وربما من أجل شعور بالأمن الذي يتلهف إليه كثر اليوم.
aXA6IDE4LjE5MC4xNjAuNiA=
جزيرة ام اند امز