جهود الإمارات بأوكرانيا... رؤية ثاقبة وعطاء لا يتوقف
رسائل مهمة ودلالات عدة حملتها زيارة وفد إماراتي رسمي تترأسه مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة لأوكرانيا.
الزيارة تعد أحدث حلقة في جهود دولة الإمارات المتواصلة للدفع بحل سلمي مستدام للأزمة الروسية الأوكرانية، ودعم جهودها الإنسانية المتواصلة للتخفيف من حدة الأزمة .
تأتي تلك الزيارة بعد نجاح جهود دولة الإمارات في إتمام عملية تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي.
كما تأتي بعد أقل من شهر من لقاء الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، في 19 مايو/أيار الماضي، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على هامش أعمال القمة العربية العادية، في دورتها الثانية والثلاثين التي عقدت في المملكة العربية السعودية.
وتتزامن زيارة المهيري ولقاء زيلينسكي وحرمه والمسؤولين الأوكرانيين، في وقت تترأس فيه الإمارات مجلس الأمن الدولي لشهر يونيو/ حزيران الجاري، للمرة الثانية بعد أن ترأسته مارس/آذار من العام الماضي، قادت خلاله المجلس -بالتعاون مع الأعضاء الآخرين- لتطوير استجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية.
جهود استبقها وتخللها إرسال طائرات إغاثية لدعم المتضررين من الأزمة التي طال أمدها.
تفاصيل الزيارة
ضمن أحدث تلك الجهود المتواصلة، استقبل فولوديمير زيلينسكي مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة، على رأس وفد من الإمارات، وذلك في إطار زيارتها الرسمية لأوكرانيا.
جرى خلال اللقاء، بحث علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين، وسبل تعزيزها وتطويرها في مختلف المجالات، إلى جانب تطورات الأوضاع الإنسانية جراء الأزمة الأوكرانية وتداعياتها خاصة على الأطفال، وذلك في إطار الدعم الإنساني الإماراتي للتخفيف من الآثار الإنسانية على المتضررين من الشعب الأوكراني.
وأعرب الرئيس الأوكراني، عن شكره وتقديره لدولة الإمارات وقيادتها على دعمها الإنساني المتواصل للشعب الأوكراني، في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها، منوها بالدور الفاعل للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات من أجل تحقيق السلام والاستقرار حول العالم.
على صعيد متصل، التقت مريم المهيري، خلال الزيارة، السيدة الأولى أولينا زيلينسكا حرم الرئيس الأوكراني رئيسة مؤسسة أولينا زيلينسكا للمنظمات الخيرية، حيث جرى بحث الدعم الإماراتي الإنساني لرعاية الأطفال المتضررين من الأزمة الأوكرانية، وتم عرض مشاريع تأهيلية جديدة لإعادة بناء المستشفيات وترميم المدارس المتضررة، إلى جانب الاطلاع على مستجدات أحد المشاريع التي تعكف عليها المؤسسة تحت مسمى "بيوت الأيتام العائلية"، والتي دعمتها الإمارات بـ 4 ملايين دولار لبناء 10 مبان تحتضن نحو 100 طفل.
وأعربت أولينا زيلينسكا، عن شكرها لدولة الإمارات قيادة وحكومة وشعبا على الدعم الإنساني والإغاثي منذ بداية الأزمة للشعب الأوكراني واللاجئين الأوكرانيين في الدول المجاورة، وأثنت على الدور المحوري لدولة الإمارات في تحقيق السلام والاستقرار حول العالم.
من جانبها، أكدت مريم المهيري، أن دولة الإمارات بتوجيهات قيادتها تواصل جهودها الإنسانية على الساحة الأوكرانية، من خلال تقديم 2500 جهاز كمبيوتر لمساعدة الطلاب في التعليم عن بعد ومواصلة دراستهم بما يسهم في التخفيف من التداعيات الإنسانية للأزمة الراهنة، انطلاقا من قيمها الأخلاقية ونهجها الإنساني الراسخ على الساحة الدولية وتقديم العون والمساعدة لشعوب العالم كافة وفي مختلف الظروف.
وبالتعاون مع سفارة أوكرانيا لدى الإمارات؛ سلمت المهيري، للسيدة الأولى، مجموعة من الرسائل من الأطفال الأوكرانيين المقيمين في دولة الإمارات والتي تعبر عن الأمل لترابط بين الأطفال.
جهود لا تتوقف
تلك الجهود تندرج ضمن منظومة إماراتية متكاملة على مختلف الأصعدة السياسية والبرلمانية والإنسانية، للدفع بحل سياسي سلمي لإنهاء الأزمة الأوكرانية.
وقبل نحو شهر، التقى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة فولوديمير زيلينسكي رئيس جمهورية أوكرانيا، وذلك على هامش أعمال القمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين بالمملكة العربية السعودية 19مايو/ أيار الماضي.
وبحث الجانبان خلال اللقاء علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها بما يخدم مصالحهما المشتركة.
واطلع نائب رئيس الإمارات من الرئيس الأوكراني علي تطورات الأوضاع في بلاده، معربا عن موقف الامارات الثابت و الداعم للسلام والاستقرار عبر الحوار لإيجاد حل سياسي مستدام.
وفي مارس/آذار الماضي ،ترأس الدكتور علي راشد النعيمي رئيس مجموعة الشعبة البرلمانية الإماراتية في الاتحاد البرلماني الدولي، بصفته رئيس فريق الاتحاد المعني بالحل السلمي للأزمة الأوكرانية، الاجتماع الثامن للفريق ضمن أعمال الجمعية 146 للاتحاد، والدورة الـ 211 للمجلس الحاكم الذي عقد في العاصمة البحرينية المنامة.
وكان الدكتور علي راشد النعيمي قد انتخب في أبريل /نيسان من العام الماضي رئيسا لفريق عمل الاتحاد البرلماني الدولي المعني بالحل السلمي للأزمة الأوكرانية، في خطوة تعبر عن ثقة دولية في جهود الإمارات لحل الأزمة.
جهود إنسانية
وتدعم دولة الإمارات جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة بما يخدم الأمن والاستقرار والسلم الإقليمي والدولي.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية والسياسية والبرلمانية المتواصلة لحل الأزمة، تنشط أيضا الجهود الإنسانية للإمارات للتخفيف من وطأة الأزمة.
وفي إطار تلك الجهود جاء إعلان رئيس الإمارات في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي تقديم 100 مليون دولار أمريكي للمدنيين الأوكرانيين إلى جانب إرسال 3 طائرات تحمل إمدادات إغاثية من بينها 2520 مولداً كهربائياً ومستلزمات شخصية.
وقدمت دولة الإمارات أيضا، إمدادات إغاثية عاجلة للمتضررين عبر 11 طائرة إغاثية، وإمدادات طبية شملت 540 طناً من المواد الطبية والغذائية، و94 طناً من المواد غير الغذائية، إلى جانب إرسال 6 سيارات إسعاف لدعم اللاجئين الأوكرانيين في بولندا ومولدوفا وبلغاريا.
وقبل ٣ شهور، استقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني فولودومير زيلينسكي، رئيسة مؤسسة أولينا زيلينسكا للمنظمات الخيرية.
واطلع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال اللقاء على تداعيات الأزمة الأوكرانية على المستوى الإنساني خاصة على الأطفال.
ووجه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتقديم أربعة ملايين دولار مخصصة لرعاية الأطفال المتضررين من الأزمة لصالح أحد المشاريع التي تعمل عليها المؤسسة تحت مسمى "بيوت الأيتام العائلية"، حيث ستسهم في بناء 10 مبان ستحتضن نحو 100 طفل.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن دولة الإمارات لن تدخر جهداً في العمل على التخفيف من الآثار الإنسانية لهذه الأزمة على جميع المستويات، والإسهام الفاعل في أي جهد دولي أو إقليمي يستهدف احتواء هذه الآثار، من منطلق قيمها الأخلاقية ونهجها الإنساني الراسخ على الساحة الدولية.
توجيهات متتابعة تبلور إنسانية قائد ملهم، وتجسد قيم ومبادئ الإمارات الراسخة في مساعدة ودعم الشعوب ونجدة الملهوف والمستغيث.
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، ويقود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وعلى أكثر من صعيد، جهودا للدفع بحل سلمي ينهي الأزمة.
جهود وصلت لمرحلة مهمة بعد إجراء رئيس الإمارات مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته لروسيا في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ومباحثات هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة، وترحيب الزعيمين بوساطة دولة الإمارات لإنهاء الأزمة.
وأثمرت تلك الجهود خطوة مهمة بنجاح وساطة الإمارات لتبادل الأسرى بين البلدين قبل ٤ شهور.
ونجحت وساطة إماراتية في فبراير/ شباط الماضي في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا تم بموجبها، عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
الإمارات في منبر دولي
تتزامن زيارة المهيري لأوكرانيا مع ترؤس الإمارات لمجلس الأمن الدولي لشهر يونيو/حزيران، الذي يعتبر أعلى هيئة دولية معنية بصون الأمن والسلم الدوليين، للمرة الثانية بعد أن ترأسته شهر مارس/آذار من العام الماضي.
وخلال ترؤس دولة الإمارات اجتماعات مجلس الأمن الدولي على مدار شهر مارس/آذار ، قادت المجلس -بالتعاون مع الأعضاء الآخرين- لتطوير الاستجابات للتحديات الأمنية العالمية الملحة، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية.
وعملت دولة الإمارات بكل طاقاتها لخفض التصعيد والتوتر جراء الوضع في أوكرانيا، والعودة إلى الحوار والمفاوضات وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين، واحترام جميع الأطراف للقانون الإنساني الدولي.
وعقدت جلسات بالمجلس لبحث التطورات بشأن أوكرانيا أيام 4 و7 و18 و30 مارس/ آذار، دعت خلالها دولة الإمارات المجتمع الدولي لبذل قصارى الجهود لتخفيف تداعيات الأزمة الإنسانية هناك.
ودعت إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية للمُحتاجين دون تقييد ذلك بأي اتفاقات لوقف إطلاق النار، فضلاً عن ضمان سلامة العاملين في المنظمات الإنسانية.
وحثت بقوة على ضبط النفس والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في كافة أنحاء أوكرانيا، الى جانب تفعيل القنوات الدبلوماسية لإنهاء النزاع بشكلٍ مستدام.
رؤية إماراتية شاملة
جهود متواصلة تبلور رؤية إماراتية شاملة لحل الأزمة الأوكرانية، ترتكز على محاور عدة، بينها إطار عام، وآليات محددة، وإجراءات لخفض التصعيد، والتعبير عن حسن النوايا.
الإطار العام لتلك الرؤية، أكد عليه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلال لقائه الرئيس الروسي، قائلا إن دولة الإمارات تسعى إلى تعزيز أسس السلام والاستقرار في العالم والعمل على خفض التوترات وإيجاد الحلول الدبلوماسية للأزمات التي يشهدها، وعلى رأسها الأزمة الأوكرانية.
أما آليات تحقيق ذلك، فترى دولة الإمارات أنه لا مناص عن الحوار والتفاوض بين أطراف الأزمة طريقًا لحلحلة الوضع الراهن، مع تسخير إمكانياتها للدفع بهذا الحوار.
وهذا ما أشار إليه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والذي أكد أن "سياسة دولة الإمارات الداعمة للسلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية، والداعية إلى ضرورة استمرار المشاورات الجادة لحل الأزمة الأوكرانية، مهما كان مستوى صعوبتها وتعقيدها عبر الحوار والتفاوض والآليات الدبلوماسية للتوصل إلى تسوية سياسية بما يحقق السلم والأمن العالمي".
إلا أن حل الأزمة يتطلب أولا إجراءات لخفض التصعيد والتعبير عن حسن النوايا التي تمهد الطريق لإجراء الحوار والتفاوض، وهو ما أكدت عليه الإمارات أكثر من مرة.
جهود الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لحل الأزمة الأوكرانية تنسجم مع مبادئ الخمسين، التي ترسم المسار الاقتصادي والسياسي والتنموي لدولة الإمارات للخمسين سنة المقبلة.
وينص المبدأ العاشر منها على أن "الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات هو الأساس في السياسة الخارجية لدولة الإمارات، والسعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي يعتبر محركاً أساسياً للسياسة الخارجية".
aXA6IDE4LjE4OC4xMDEuMjUxIA== جزيرة ام اند امز