بعد إرسال"دبابات" لأوكرانيا.. هل تندلع حرب عالمية ثالثة؟
في تحول خطير بمسار حرب أوكرانيا دخل سلاح الدبابات المتطورة من الغرب لدعم الجيش الأوكراني، كعامل أساسي في مواجهة روسيا.
هذا الأمر اعتبرته موسكو استفزازا وتعهدت بتدمير تلك الآليات، وسط احتمالات عالية بتصعيد القتال بين الطرفين بما يفضي إلى مواجهة أوسع تتحول إلى سيناريو محتمل لحرب عالمية ثالثة، وفق تقدير مراقبين.
المخاوف من انزلاق العالم للحرب العالمية الثالثة كان حاضرا باستمرار في تصريحات المسؤولين والسياسيين الغربين والروس، خاصة مع تجاوز الكثير من الخطوط الحمراء التي وضعت في بداية الحرب بأوكرانيا فبراير/شباط الماضي.
واشنطن وبرلين كشفتا مؤخرا أنهما سترسلان مجموعات من الدبابات إلى أوكرانيا، متراجعتين عن ترددهما الطويل بشأن تزويد كييف بمركبات مدرعة هجومية وإطلاق العنان لأدوات جديدة قوية، في جهود أوكرانيا لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا.
واقترن إعلان المستشار الألماني أولاف شولتز بأنه سيرسل دبابات "ليوبارد 2" بإعلان من الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه سيوفر 31 دبابة "أبرامز" من طراز "أم 1" إلى أوكرانيا، وذلك رغم رفض الأمريكيين طويلاً إرسال دبابات "أبرامز أم 1" بسبب الكلفة العالية لصيانتها وصعوبة تدريب الأوكرانيين عليها.
وقالت مجلة "دير شبيغل" الألمانية إن القرار الألماني يتعلق بمجموعة واحدة على الأقل من دبابات "ليوبارد 2" من طراز "أي 6" سيتم توفيرها من مخازن الجيش، وتتألف المجموعة عادة من 14 دبابة، مضيفة أن حلفاء آخرين، في الدول الاسكندنافية على سبيل المثال، يعتزمون الانضمام إلى ألمانيا في تزويد كييف بدبابات "ليوبارد".
استفزاز للكرملين
وسيؤدي إرسال دبابات "ليوبارد 2" إلى تزويد كييف بمركبات عسكرية حديثة وقوية، حسب مراقبين، بمثابة ضربة للكرملين الذي يشهد حملة متنامية لتزويد القوات الأوكرانية بأنظمة قتالية عالية التقنية مع اقتراب الحرب الروسية من عامها الأول.
ورغم أن أوكرانيا لديها مخزون من الدبابات التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، فإن الدبابات الغربية الحديثة توفر مستوى أعلى من السرعة وخفة الحركة، فضلاً عن أن متطلبات صيانة "ليوبارد" المنخفضة نسبياً، مقارنة بالنماذج الأخرى، تجعل المتخصصين يعتقدون أن الدبابات يمكن أن تساعد أوكرانيا بسرعة في ساحة المعركة.
تلك التطورات أثارت غضب الروس الذين دانوا الخطوة، بل حملت تصريحاتهم تلميحاً إلى جر المعركة إلى المستنقع النووي.
وصرح رئيس الوفد الروسي في محادثات فيينا كونستانتين جافريلوف بأن استخدام كييف قذائف اليورانيوم من دبابات "ليوبارد 2" سيعد استخداما للقنابل النووية القذرة.
وهو تصريح يحمل بين طياته مخاطر بشأن التصعيد الروسي المحتمل في ساحة المعركة مع إلقاء اللوم على الغرب.
وكتب السفير الروسي لدى برلين سيرغي نيتشايف عبر حساب سفارته على "تليغرام" أنه "قرار خطير للغاية من شأنه أن يرفع النزاع إلى مستوى جديد من المواجهة"، متهماً الغربيين باتباع "منطق التصعيد الدائم".
الحرب العالمية الثالثة
المخاوف من انزلاق العالم للحرب العالمية الثالثة، بعد التطورات التي تشهدها الحرب في أوكرانيا، جاءت على لسان العديد من الخبراء والسياسيين الروسي، وأحدثهم نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، الذي قال إن "تسليم كييف آليات مدرعة لن يمنع الحرب العالمية الثالثة، إذا وصلت الحالة إلى حد اندلاعها".
وأشار مدفيديف إلى أن حماية أوكرانيا "لن تفيد أحدا" في أوروبا، ولن تساعد "العالم القديم المتهالك" في تجنب العقاب ودفع الثمن، مشيرا إلى أنه إذا اشتعلت الحرب العالمية الثالثة فلن يتم خوضها، مع كل أسف، بواسطة الدبابات والمقاتلات الجوية، وشدد على أن العالم كله سيتحول في هذه الحالة إلى رماد.
ووجه مدفيديف الانتقاد إلى السلطات البريطانية لإصرارها على ضرورة قيام الناتو بتقديم المساعدات العسكرية إلى كييف فورا، قائلا: مقاتلات ومئات الدبابات وأنظمة صواريخ بعيدة المدى، وهذه هي الطريقة الوحيدة لمنع توسع روسيا لكنها ستؤدي مجددا لنشوب حرب عالمية".
إيمانويل تود، أحد المفكرين الفرنسيين البارزين، وصف المشهد الحالي والتطورات التي تشهدها الحرب بأوكرانيا بأن "الحرب العالمية الثالثة بدأت بالفعل".
وقال في حديثه لمجلة "لوفيغارو" الفرنسية، على عكس الفكرة السائدة بأن روسيا لديها ما تخسره أكثر من خصومها الليبراليين، فقد دخل الغرب أيضاً في صراع "وجودي".
وأضاف: "من الواضح أن الصراع في أوكرانيا الذي بدأ كحرب إقليمية محدودة وتصاعد إلى مواجهة اقتصادية عالمية بين الغرب كله من ناحية، وروسيا والصين من ناحية أخرى، أصبح حرباً عالمية".
وأقر بأن "بوتين أخطأ في التقدير في بداية الصراع على افتراض أن أوكرانيا ستسقط عند أول إشارة للعدوان"، لكنه أوضح أن روسيا نفسها تجاوزت التوقعات، بما في ذلك توقعات شعبها الذي "لم يتوقع" أنه سيكون قادراً على تحمل الضغط الاقتصادي من "الناتو".
ويرى "تود" أنه بمثل روسيا، فإن الولايات المتحدة لا يمكنها الانسحاب من الصراع، ولا يمكنها التخلي عنه، "ولهذا السبب نحن الآن في حرب لا نهاية لها، في مواجهة يجب أن تكون خسارة واحد أو الآخر"، كما أن الاحتمال الإضافي لشن الصين حرباً باردة ضد الغرب سيؤدي إلى صعود دول نامية مثل الهند وتراجع أوروبا، وفق المفكر الفرنسي.