خيارات أمريكية صعبة في أوكرانيا.. الوقت ليس في صالحها
خلص تحليل أمريكي إلى أن الاختيارات بدأت في التلاشي أمام الولايات المتحدة في ضوء تطور القتال في أوكرانيا، بعد 6 أشهر من بداية الحرب.
وقال جورج بيب، المحلل السابق البارز بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، في التحليل المنشور بموقع "ذا هيل" الأمريكي، إنه "رغم أن الأسلحة المعقدة الأمريكية نجحت في عرقلة الجيش الروسي عن تحقيق فوز سريع وكامل في المعارك، إلا أن الجيش الأوكراني لم يستطع حتى الآن تحقيق مكاسب ميدانية أو أن يجبر الجيش الروسي على الانسحاب".
ووفق التحليل، ساعد تسليم أنظمة المدفعية والصواريخ الأمريكية المتقدمة لأوكرانيا بالتأكيد على ضرب خطوط الإمداد ومنصات الأسلحة الروسية، لكن ليس بالمستوى المطلوب لتحقيق انتصار ميداني.
وفي حين يصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على أن هجومه الذي وعد به منذ فترة طويلة ضد القوات الروسية بالقرب من خيرسون سيغير هذه الصورة، إلا أنه من الصعب تخيل انتصار أوكراني على المدى القريب في الحرب.
مساعي فاشلة
وأشار بيب إلى مساعي الولايات المتحدة "لتأديب روسيا اقتصاديا، وعزلها عن المسرح العالمي". قائلا "لا شك في أن العقوبات الغربية تضر بروسيا، لكن بالمقارنة مع انخفاض اقتصادي بنسبة تزيد على 40 في المائة في أوكرانيا، فإن الأمر يبدو غير مجدى".
وتابع "العملة الروسية أقوى اليوم مما كانت عليه قبل الحرب. وعلى الرغم من تعهد الرئيس جو بايدن بتحويل الروبل إلى ركام، نمت أرباح روسيا من صادرات الطاقة بفضل ارتفاع أسعار النفط والإحجام خارج الغرب عن الانضمام إلى العقوبات".
هذا كله إلى جانب التداعيات الاقتصادية السلبية التي تهبط على الغرب نفسه. فيصارع الأمريكيون ارتفاع أسعار البنزين والمواد الغذائية. ولا تواجه أوروبا احتمال الشتاء البارد فحسب، بل تواجه أيضًا اضطرابات كبيرة في الصناعات الرئيسية، حيث يؤثر نقص الغاز الطبيعي والسلع الروسية الأخرى المرتبط بالعقوبات على قطاعات البناء والمعادن والسيارات.
ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على إمدادات الطاقة الروسية، تتجه نحو اضطراب اقتصادي كبير في الأشهر المقبلة، إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
وأعادت هذه الحقائق تشكيل استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لاستخدام طول الصراع لصالح بلاده لاستنزاف أوكرانيا وداعميها. فحتى مع الدعم الغربي المستمر، لا يمكن لأوكرانيا أن تضاهي احتياطيات روسيا من القوة البشرية والذخيرة والمرونة الاقتصادية في حرب الاستنزاف.
ووفق التحليل، قد يكون بوتين غير قادر على إخضاع أوكرانيا بشكل كامل، لكن يمكنه تحويلها إلى جرح ينزف لسنوات قادمة.
اختيارات محدودة
وعدد الكاتب الخيارات التي تتوفر أمام واشنطن والغرب فيما يتعلق بالوضع الحالي. وقال إن تشديد الخناق الاقتصادي حول روسيا لن يكون فعالاً، كما سيكون التصعيد العسكري سعياً لتحقيق نصر أوكراني، مقامرة هائلة.
وتابع "تزويد أوكرانيا بالوسائل التي تحتاجها لتنتصر يتطلب أكثر بكثير من مجرد إرسال أنظمة مدفعية وصواريخ بعيدة المدى. اذ تحتاج أوكرانيا إلى مساعدة هائلة في تشغيل هذه الأنظمة وصيانتها، وتجهيز قواتها الجوية وتزويدها بالجنود، وتدريب وتوسيع قواتها البرية، وهو ما يتطلب وقتا طويلا".
كما أن أولئك الذين يدافعون عن الدعم العسكري الشامل لأوكرانيا يفترضون مسبقًا أن بوتين سيقبل الهزيمة بدلاً من المخاطرة بصدام مباشر - وربما نووي - مع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وفق التحليل ذاته.
وقال الكاتب إن آمال الغرب في الضغط على موسكو حتى يحدث تغييرا سياسيا هو في أحسن الأحوال مسعى طويل الأمد. كما أن نهج واشنطن الحالي المعادي لكل ما هو روسي يدعم طرح بوتين أمام شعبه في أن الحرب مع أمريكا وليس أوكرانيا وأن رغبة واشنطن هي في هزيمة روسيا.
وأمام واشنطن الآن الاختيار بين طريقين صعبين، أولهما تصعيد التورط الغربي والأمريكي على وجه خاص في القتال ومن غير المرجح أن ينتهي بشكل جيد بالنسبة لأوكرانيا أو للولايات المتحدة، أو التحول باتجاه تحقيق تسوية سلمية تقوم على حياد عسكري لكييف.