"أفغنة أوكرانيا".. أوروبا تحاول الهروب من السيناريو الأسوأ
تتسارع وتيرة التطورات فى حرب أوكرانيا، وتزداد المخاوف من أن ينفلت مسار الصراع إلى "كوارث نووية" أو حتى اشتعال حرب أوسع عن طريق الخطأ.
ويوم الخميس أفادت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية بأن 6 دول أوروبية كبرى لم تقطع على نفسها تعهدات جديدة بتقديم الأسلحة والمساعدات العسكرية لأوكرانيا في يوليو/تموز الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المساعدات العسكرية لكييف تتقلص في اللحظة التي أعلن فيها الجيش الأوكراني عن "هجوم مضاد حاسم".
ويشير المحللون إلى أن الدول الأوروبية الكبرى لا تلحق بالولايات المتحدة وبريطانيا وبولندا في تقديم المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
تصدع في وحدة الموقف الغربي
المتابع للتطورات يرى رغبة أوروبية لا يمكن إخفاؤها في إنهاء هذا الصراع، وهذه الحرب، في أقرب وقت ممكن؛ فالتداعيات الاقتصادية المؤلمة باتت تنال من سمعة الساسة وتهدد مستقبلهم السياسي.
كما أن فاتورة الحرب عالية جدا.. ولا تستطيع الاقتصادات الأوروبية المرهقة بسبب أسعار الطاقة أن تقاومها، وتمضي في تزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة المتقدمة التي لا تحسم الصراع أبدا لصالح كييف، ولا تثني روسيا عن خوض القتال بشراسة.
ويتحدث القادة الأوروبيون علنا عن ضرورة التوصل لاتفاق سياسي ينهي الحرب، كما أن البعض منهم -وفقا لتقارير- يسعى بالفعل لإقناع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للتنازل عن أراضٍ في مقابل إنهاء الحرب.
ويرفض البعض جهرا فرض عقوبات شاملة على روسيا، مثل رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان، فيما يتزعم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدعوة إلى ضرورة التفاوض لإنهاء الحرب.
فب المقابل، فإن أمريكا لا خيار أمامها سوى الانتصار في هذه الحرب. فبحسب محللين، ربطت الولايات المتحدة سمعتها بنتيجة الصراع.
ووصف الرئيس الأمريكي جو بايدن عملية روسيا في أوكرانيا بأنها "إبادة جماعية" واتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مجرم حرب" يجب أن يواجه "محاكمة جرائم حرب".
ومثل هذه التصريحات الرئاسية تجعل من الصعب تخيل تراجع واشنطن؛ في المقابل إذا انتصرت روسيا في أوكرانيا، فإن مكانة الولايات المتحدة في العالم ستتعرض لضربة قوية.
الدرس الأفغاني
وبالعودة إلى ما كشفت عنه صحيفة "بوليتيكو"، فيبدو أن أوروبا لم تشأ أن تظهر في موقع غامض أو رمادي، أو حتى أن تنصاع الى الإرادة الأمريكية، فمقتضيات المصالح الأوروبية تفترض ألا تقوم هذه البلدان بأي دور من شأنه إطالة أمد الصراع.
وربما لا يزال الدرس الأفغاني حيا في الذاكرة السياسية والشعبية للأوروبيين، فقد تضامنت الجيوش الأوروبية مع الجيش الأمريكي ضمن تحالف عسكري غربي من دول الناتو وبقيادة الولايات المتحدة في حرب استمرت لمدة عشرين عاما. وانتهت الحرب وانسحبت الجيوش دون تحقيق نتائج سياسية تذكر.
فلا الجيوش الغربية قضت على حركة طالبان، ولا حتى نجحت في حماية المواطنين الأفغان الذين ساعدوها طوال فترة وجودها في بلادهم. وكلفت الحرب التي استمرت عقدين الميزانيات الأوروبية مبالغ طائلة، ولم تنته إلى أي شيء بالنهاية.
ولا يبدو الآن أن أوروبا تريد أن تتورط في حرب، لا يعرف متى ستنتهي.. ولا حتى تريد أن تبقي هذا الصراع مستمرا لفترة طويلة. وقد باتت تدرك أن إصرار الولايات المتحدة على الفوز في أوكرانيا لا ناقة لأوروبا فيه ولا جمل.
بل إنه بحسب محللين، فإن أوروبا ودول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، والاتحاد الأوروبي يكثفون الجهود لوقف ما يجري بأوكرانيا، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2024.
ونقلت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية عن المحلل السياسي يوري فلشتينسكي، أن المشهد السياسي العالمي، يمكن أن يتغير قريبًا، إذا أعيد انتخاب دونالد ترامب، رئيسًا للولايات المتحدة، في عام 2024.
وحذر فيلشتينسكي من قيام الرئيس الأمريكي السابق في حال عودته إلى البيت الأبيض رئيسا، بسحب الولايات المتحدة من "الناتو"، تاركًا أوروبا وحيدة تمامًا ضد روسيا.
وفي وقت سابق، أثار ترامب مجددا الجدل حول حرب أوكرانيا، وقال إن واشنطن تخصص الكثير من الأموال لكييف.
وخلال مؤتمر طلابي بفلوريدا قال الملياردير الجمهوري: "إذا نظرت إلى أوكرانيا، فقد أعطيناها أكثر من 60 مليار دولار. ومن الواضح أن الدول الأوروبية، أعطت جزءا صغيرا فقط من هذا المبلغ. لكن لدينا 35 تريليون دولار من الديون".
وشدد ترامب في لغته على انتقاد إدارة بايدن قائلا: "لدينا مشاكل ونحن نسحب المال"، مكررا القول إن "الصراع في أوكرانيا لم يكن ليحدث لو كنت الآن رئيسا للولايات المتحدة".
aXA6IDE4LjIyMC4xMTIuMjEwIA== جزيرة ام اند امز