نظرة أمريكية إلى "عقل بوتين".. استراتيجية القيصر
ألقى تحليل نشره موقع "ذا هيل" الأمريكي الضوء على الحسابات السياسية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في خضم صراعه الحالي مع الغرب.
وبعد أكثر من 4 أشهر على بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قدم التقرير الأمريكي نظرة إلى عقل بوتين، في محاولة لسبر أغوار الخطط الروسية المستقبلية.
وتساءل التحليل عن تأثير سقوط "سيفيرودونتسك" الاستراتيجية في شرق أوكرانيا الأسبوع الماضي، وما الذي يمكن أن يطرحه من أفكار لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وحاول التقرير الإجابة عن أسئلة أخرى ومنها عواقب سياسة بوتين تجاه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي وخطواته التالية؟
كما تساءل التحليل الذي نشر تحت عنوان "ما هي خطوات بوتين التالية؟" عما إذا كانت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي يبالغان في تقدير قدرة أوكرانيا على المقاومة والاستخفاف بتصميم موسكو على الاستمرار والانتصار في هذه الحرب.
ورأى التقرير أن بوتين يتفوق بشكل واضح في عمليته العسكرية ضد أوكرانيا، رغم مقاومة الأخيرة، معتبرا أنها وإن طالت، تظل محدودة، خاصة مع ارتفاع الخسائر واستنفاد مخزون الأسلحة واللوجستيات.
ويعتقد التحليل أن الرئيس الروسي يدرك بعمق نقاط الضعف والعيوب في التحالف الغربي، مشيرا إلى أنه قادر ويعمل بالفعل على استغلالها مع مرور الوقت.
وأوضح أن بوتين يعتزم استغلال أزمتي الطاقة والغذاء للضغط على أعضاء هذا التحالف الغربي وتقسيمهم.
وتعتمد أوروبا على الغاز والنفط الروسي بشكل كبير، كما أن تكلفة البنزين في أمريكا، بافتراض أنها ستظل مرتفعة، تمثل مشكلة كبيرة للرئيس الأمريكي جو بايدن وتلقي بظلالها على نسبة التأييد الداخلي لإدارته، وقد تفاقمت هذه المشكلة بسبب التضخم الذي قد يقيد الإجماع على المدى الطويل لتخصيص عدة مليارات من الدولارات لدعم أوكرانيا.
سلاح الهجرة
وفيما يتعلق بأزمة الغذاء، فقد تعلم بوتين من مشاركته في الأزمة السورية، أن الهجرة قد تكون سلاحًا قويًا.
وانخرط الجيش الروسي في دعم القيادة السورية خلال معركتها ضد الجماعات الإرهابية التي حملت السلاح ضدها منذ ما يزيد على العقد، في أعقاب ما سمي "الربيع العربي".
ويدور التفكير الروسي بحسب النظرة الأمريكية حول التفشي المحتمل لمجاعة عالمية هائلة وفي ظل نقص حاد في الغذاء، يرتب على الأغلب تدفق المهاجرين إلى شواطئ أوروبا.
ومع وجود 5 ملايين أوكراني نازح وأعداد كبيرة تسعى للجوء في بولندا ورومانيا وأماكن أخرى، ستؤدي المجاعة إلى دفع أعداد أكبر من الناس للبحث عن الأمان في أوروبا والولايات المتحدة، وقد لا يتمكن الغرب من التعامل مع هذا الوضع.
كما يلفت التقرير إلى أن اعتقاد بوتين أن الولايات المتحدة اضطرت إلى التخطيط لحرب على جبهتين في الوقت نفسه ضد روسيا والصين.
ويقدر بوتين تمامًا حماقة هذه الاستراتيجية. فقد هُزم نابليون وهتلر في النهاية من خلال الشروع في حروب على جبهتين، لدى غزو روسيا في عام 1812 والاتحاد السوفيتي في عام 1941، على التوالي.
تحديات داخلية أمريكية
وربما يرى بوتين أن الانقسامات في أمريكا حول كل قضية تقريبًا تمثل قيودا إضافية على سلطتها وقدرتها على التأثير في الأحداث.
ويبدو بالفعل أن النظام السياسي الأمريكي يسير في طريق مسدود وغير قادر على العمل، لا سيما مع تفاقم الانقسامات السياسية الداخلية المتراكمة والتي تفجرت بشكل واضح في أعقاب حكم المحكمة العليا بشأن الإجهاض وفشل إدارة بايدن في الانتصار بمعركة وضع تشريع ثوري بشأن حمل السلاح.
وبحسب "ذا هيل"، يتمتع بوتين بنفوذ آخر، فالضجة التي أثارتها ليتوانيا حول منع مرور البضائع الروسية من الوصول إلى كالينينجراد، الجيب الروسي في بحر البلطيق، قد أثارت أيضا تهديدات عسكرية ضمنية من جانب روسيا أدت بالفعل إلى ردود فعل قوية في دول البلطيق.
وأعلنت رئيسة الوزراء الإستونية كاجا كالاس أن استراتيجية الناتو للدفاع عن بلادها يمكن أن "تمحوها من الخريطة".
ومن المتوقع أن يستعرض بوتين الميزة العسكرية الرئيسية والوحيدة لروسيا على الناتو وهو التفوق العددي في الأسلحة النووية قصيرة المدى ربما بالإعلان علنًا عن تمركز المزيد منها في كالينينجراد لتهديد وتقسيم الناتو.
واعتبر التحليل أن مزايا بوتين هذه ليست بالضرورة قوية أو صحيحة كما يعتقد. ومع ذلك، ما لم يفهم الغرب المجتمع الآن في قمة الناتو بمدريد - سبب اعتقاد بوتين أن الوقت في صالحه، ويعمل على عكس هذا التصور، فمن الصعب أن يتفاءل بشأن فرص وجود استراتيجية مضادة قابلة للتطبيق.
aXA6IDMuMTQ5LjIxNC4yMjMg جزيرة ام اند امز