خبراء أوروبيون يتحدثون لـ"العين الإخبارية" عن مصير بوتين وتمرد "فاغنر"
مشاهد غير متوقعة على الأراضي الروسية يرسمها تمرد حركة فاغنر العسكرية، ما يثير كثيرا من التساؤلات حول مستقبل البلاد والحرب بأوكرانيا.
إذ أعلنت حركة فاغنر تمردا في روسيا وجهته في البداية إلى قيادات الجيش الروسي، ما استدعى فرض "نظام عملية لمكافحة الإرهاب" في موسكو ومنطقتها.
وقالت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في بيان: "من أجل منع هجمات محتملة" فرض هذا النظام أيضاً في منطقة فورونيج الواقعة على الحدود مع أوكرانيا.
ووفق "فرانس برس"، يعزز هذا الإجراء صلاحيات الأجهزة الأمنية ويسمح لها بالحد من الحركة، كما يمكن بموجبه القيام بعمليات تفتيش مركبات في الشوارع والتحقق من الهوية ويسمح أيضا بتعليق مؤقت لخدمات الاتصالات إذا لزم الأمر.
في المقابل، أكد قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريغوجين صباح السبت، أنه دخل المقر العام لقيادة الجيش في مدينة روستوف الروسية الذي يشكل مركزا أساسيا للهجوم الروسي على أوكرانيا، وسيطر على مواقع عسكرية من ضمنها مطار.
وقال بريغوجين في مقطع فيديو نشر على تطبيق المراسلة "تلغرام": "إننا في المقر العام، إنها الساعة 7,30 صباحا" (4,30 ت غ)، وأضاف أن "المواقع العسكرية في روستوف تحت السيطرة بما فيها المطار".
بوتين يهدد
وبعد هذا الإعلان بوقت قصير، أقر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بأن الوضع "صعب" في روستوف، وقال "ستُتَّخذ تدابير حاسمة لاستقرار الوضع في روستوف.. ما زال الوضع صعبا".
وأوضح بوتين في كلمة وجهها للشعب الروسي بدا فيها منهكا وغاضبا، أن عمل "هيئات إدارات مدنية وعسكرية معطل بحكم الأمر الواقع" في هذه المدينة الواقعة في جنوب روسيا.
وتعهد بوتين، بمواجهة التمرد، واصفا من يقف خلفه بـ"الخونة"، وقال إنه "تهديد قاتل للدولة الروسية".
الرئيس الروسي قال مشيرا إلى الحرب الأهلية الروسية بعد الحرب العالمية الأولى (1917): "لن ندع هذا يحدث مجددا". وتابع: "كل اضطراب داخلي هو تهديد قاتل لدولتنا وأمتنا. هو ضربة لروسيا ولشعبنا. وستكون إجراءاتنا لحماية الوطن من تهديد مماثل حازمة".
موقف المعارضة
وفي تطور لافت، دعا أحد القادة البارزين في المعارضة الروسية، ميخائيل خودوركوفسكي، المدنيين رافضي الحرب في أوكرانيا، إلى دعم قائد فاغنر في مساعيه ضد القادة في موسكو.
وكتب ميخائيل خودوركوفسكي في تغريدات تابعتها "العين الإخبارية": "أعتقد أن الروس المناهضين للحرب يجب أن يدعموا بريغوجين في هذه اللحظة. إنه ليس حليفًا لنا وهذا الدعم سيكون مؤقتًا ومشروطًا للغاية".
وتابع: "لكن مسيرته ضربة كبيرة لشرعية بوتين، وأي شيء يكسر النظام جيد".
مصير بوتين والحرب
وحول مآلات التطورات الحالية في روسيا خاصة بعد سيطرة فاغنر على روستوف، قال غوستاف غريسل، أهم خبير عسكري أوروبي في الشؤون الروسية، لـ"العين الإخبارية": "روستوف هي المحور اللوجستي المركزي/ C2 لجبهة دونيتسك، ومدينة فورونيش هي المحور المركزي لجبهة خاركيف.. هذه ليست مناطق منزوعة السلاح".
وتابع: "بينما لا أعتقد أن سلطة بوتين في موسكو مهددة (في الوقت الحالي)، يجب أن يكون مستوى خيبة الأمل والإحباط لدى القوات المسلحة مرتفعًا".
وأوضح غريسل الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: "أعتقد أنه من السابق لأوانه الحديث عن الإطاحة ببوتين. هناك الكثير من قوى الأمن داخل روسيا التي لا تزال تبدو موالية له".
وحول تأثير التمرد الحالي على العملية العسكرية في أوكرانيا، قال غريسل الذي تظهر كتاباته في مجلات فورن بوليسي وفورن آفيرز الأمريكيتين وضيف دائم على محطات التلفاز، "تفكك أجزاء من القوات المسلحة أمر وارد خاصة تلك التي تشارك في العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا"، بالإضافة إلى "الإحباط المرتفع المتوقع في صفوف الجيش"، ما يمكن أن يحمل تأثيرا على القوات الروسية في أوكرانيا.
"صدع كبير"
أما الخبيرة في الشؤون الروسية سارة باغونغ، فكتبت في تغريدات تابعتها "العين الإخبارية" على "تويتر": "سيكون لأعمال بريغوجين تأثير حاسم على النظام في روسيا، بغض النظر عن كيفية حدوث ذلك (هناك الكثير من السيناريوهات)".
وتابعت "معارضة هدف بوتين الحربي أصبحت الآن علنية ولا يمكن التغاضي عنها، حتى إن بوتين اعترف بذلك في خطابه".
وأضافت "على الرغم من كلمات بوتين القوية، لا تُظهر الدولة الروسية حتى الآن قوة بل تقاعسًا وفقدانًا للسيطرة"، مضيفة "تقوض الأحداث سردية سلطة الدولة".
ومضت قائلة "قد تقلل هذه الأحداث أيضًا من الخوف من النظام وقوته"، موضحة "بغض النظر عن المدة التي سيستغرقها هذا التمرد وما سيحدث لبريغوجين، توضح الأحداث ضعف النظام وفقدان السيطرة.. يبدو أنه أول صدع كبير".
تهديدات "فاغنر"
ومساء أمس، دعا قائد مجموعة "فاغنر"، إلى انتفاضة على قيادة الجيش الروسي بعدما اتّهمها بقتل عدد كبير من عناصره في قصفٍ استهدف مواقع خلفيّة لهم في أوكرانيا، وهو اتّهام نفته موسكو.
وأكّد قائد فاغنر أنّه وعناصر مجموعته البالغ عددهم 25 ألفا "مُستعدّون للموت" من أجل "الوطن الأمّ" و"تحرير الشعب الروسي" من التسلسل الهرمي العسكري الحالي.
وبنبرة ملؤها الغضب، قال بريغوجين في رسالة صوتيّة نشرها مكتبه "لقد شنّوا ضربات، ضربات صاروخيّة، على معسكراتنا الخلفيّة. قُتل عدد هائل من مقاتلينا".
وتوعّد بريغوجين بـ"الردّ" على هذا القصف الذي أكّد أنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هو الذي أصدر الأمر بتنفيذه.
وأضاف أنّ "هيئة قيادة مجموعة فاغنر قرّرت أنّه ينبغي إيقاف أولئك الذين يتحمّلون المسؤوليّة العسكريّة في البلاد"، مؤكّداً أنّ وزير الدفاع سيتمّ "إيقافه".
وقال بريغوجين في رسالة صوتيّة على تلغرام "نحن جميعا على استعداد للموت، جميعنا الـ25 ألفا... لأننا نموت من أجل الوطن، نموت من أجل الشعب الروسي الذي يجب تحريره من أولئك الذين يقصفون السكّان المدنيّين".
واليوم السبت، تعهّد بريغوجين في مقطع فيديو آخر، بأن "يذهب حتّى النهاية" وأن "يدمّر كل ما يعترض طريقه"، مؤكّدا أنّ قوّاته دخلت الأراضي الروسيّة.