140 يوما على حرب أوكرانيا.. "دبلوماسية الحبوب" تخترق جدار الأزمة
مرت 140 يوما على العملية الروسية، والأزمة الأوكرانية على حالها؛ قصف متبادل، وتقدم على الأرض، ومساع دبلوماسية خجولة، وقلق من التداعيات.
مئة وأربعون يوما، حصيلتها من الضحايا أكثر من 5 آلاف مدني، قتلوا في أوكرانيا، و6520 جريحا، منذ العمليات العسكرية الروسية التي بدأت في 24 فبراير/شباط الماضي، بحسب ما أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أمس الثلاثاء.
حصيلة أكدت قتل الآلاف وتشريد الملايين، وأشهر تحولت خلالها مدن أوكرانية إلى أنقاض، منذ أن أرسلت روسيا قواتها إلى أوكرانيا في أكبر عمليات عسكرية تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ضغط غربي متواصل
في المقابل أرسلت الدول الغربية أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي مئات الشحنات من الأسلحة والعتاد، إلى الدولة السوفيتية السابقة، بعد طلبات وإلحاح من السلطات الأوكرانية، لتقديم المساعدة في مواجهة روسيا، التي سيطرت على عدد من المدن في الشرق، وتواصل عمليتها العسكرية.
كما تكثف الدول الحليفة لأوكرانيا الضغط على موسكو، بفرض عقوبات متتالية لضرب الاقتصاد الروسي، ومحاصرة قادة البلاد، في عملية ضغط قوية، لم تؤت أكلها حتى الآن في وقف نزيف الحرب الجارية بأوكرانيا.
وردا على ذلك قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الجمعة الماضي، إن مواصلة سياسة العقوبات ضد بلاده قد يؤدي إلى عواقب كارثية على الأسواق العالمية، مؤكدا أن الهجوم الاقتصادي ضد موسكو فشل، لكنه في نفس الوقت اعترف بأنه تسبب في أضرار.
وأدى نشر روسيا لقواتها المسلحة في أوكرانيا إلى اضطرابات في سوق الحبوب العالمية في ظل تعطل الصادرات الزراعية من أوكرانيا بسبب الحصار الروسي على أوديسا، وهي الميناء الرئيسي لأوكرانيا على البحر الأسود.
وفرضت الولايات المتحدة وأوروبا العديد من العقوبات ضد روسيا استهدفت الرئيس بوتين وكيانات اقتصادية ومجموعة من الأشخاص المقربين من الكرملين، كما استهدفت أيضا قطاع النفط الروسي.
وتضمنت العقوبات المفروضة على روسيا حظرا شاملا من الولايات المتحدة وبريطانيا لاستيراد النفط الروسي، وخطة أوروبية لوقف الاعتماد على واردات الطاقة الروسية مع إصرار موسكو على تسديد ثمنها بالروبل.
وفي مواجهة الارتفاع الحتمي للأسعار وتناقص النفط الروسي في الأسواق، يسعى العالم لتعويض خسائره بسبب ارتفاع الأسعار وشح المعروض. وعلى جانب آخر تسعى موسكو أيضا لتعويض خسائرها الناتجة عن العقوبات، فما خطة الأطراف المختلفة لمواجهة الأزمة التي لا تبدو لها نهاية قريبا.
هدوء يسبق العاصفة؟
ميدانيا تفيد تقارير إعلامية أمريكية بهدوء على الجبهات، حيث ترى وكالة "أسوشيتد برس"، أن روسيا ربما تخفف مؤقتًا هجومها في شرق أوكرانيا، حيث يحاول الجيش إعادة تجميع قواته لشن هجوم كبير -تأمل أن يكون حاسما- في عملياته الفترة القادمة.
قبل هذا الهدوء، حققت روسيا نجاحات ميدانية بالفترة الأخيرة على صعيد القتال فى أوكرانيا، وبدت سيطرة جيشها الكاملة على مدينة ليسيتشانسك الأوكرانية أمرا مفروغا منه، حيث رفرفت الأعلام السوفيتية وانسحبت القوات الأوكرانية.
وقبل أيام، أبلغ وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو الرئيس فلاديمير بوتين بأن منطقة لوهانسك الأوكرانية باتت "محررة" تماما.
ونقلت وكالة "تاس" للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن القوات الروسية وحلفاءها في شرق أوكرانيا سيطروا تماما على مدينة ليسيتشانسك، آخر معقل رئيسي لأوكرانيا في منطقة لوهانسك.
"دبلوماسية الحبوب" تنتصر
وفي ظل غياب وساطة قوية تنهي الحرب في أوكرانيا، تركز الجهود الدولية حاليا على فتح المجال لتصدير الحبوب الأوكرانية، وقد أعلنت كييف أمس الثلاثاء أن 16 سفينة عبرت ممر بيستر الذي أعيد افتتاحه حديثا في نهر الدانوب خلال الأيام الأربعة الماضية وإن إعادة فتح هذا الممر خطوة مهمة لتعجيل صادرات الحبوب.
واليوم الأربعاء تجتمع وفود عسكرية روسية وأوكرانية وتركية مع مسؤولين بالأمم المتحدة في إسطنبول، لإجراء محادثات بخصوص اتفاق محتمل لاستئناف الصادرات الآمنة للحبوب الأوكرانية من ميناء أوديسا الرئيسي على البحر الأسود مع تفاقم أزمة الغذاء العالمية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش للصحفيين أمس "نعمل بجد بالفعل لكن لا يزال أمامنا طريق نقطعه. كثيرون يتحدثون عن ذلك. ونحن نفضل أن نحاول وننجز المهمة".
ويقول دبلوماسيون إن تفاصيل الخطة التي قيد المناقشة تشمل سفنا أوكرانية توجه سفن الحبوب داخل وخارج مياه الموانئ الملغومة، وأن توافق روسيا على هدنة أثناء نقل الشحنات بينما تقوم تركيا، بدعم من الأمم المتحدة، بتفتيش السفن لتهدئة مخاوف روسيا من تهريب أسلحة.
وأثارت أوكرانيا أمس الثلاثاء الآمال في زيادة صادرات الحبوب على الرغم من الحصار الروسي لموانئ البحر الأسود، مشيرة إلى أن السفن بدأت في المرور عبر مصب مهم لنهر الدانوب.
وأدى العملية الروسية والحصار البحري لأوكرانيا، إلى توقف الصادرات وبالتالي علقت عشرات السفن، كما علق أكثر من 20 مليون طن من الحبوب في صوامع بأوديسا.
وعلى صعيد المحاولات الدولية، يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان محادثات ثنائية على هامش قمة في طهران مقررة الأسبوع المقبل، وفق ما أعلن الكرملين أمس الثلاثاء.
وتحاول أنقرة لعب دور الوسيط بين روسيا وأوكرانيا، فيما تنوي طهران، بحسب واشنطن، تزويد موسكو بـ"مئات الطائرات المسيّرة"، في خضم استقطاب دولي كبير، يقوض الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة غير المسبوقة.