مسيّرة فوق قصر زيلينسكي.. رسالة روسية أم اختبار قوة؟
دوي انفجارات قوية سُمعت في القصر الرئاسي بأوكرانيا، خلال أول زيارة رسمية لرئيس الوزراء البريطاني إلى كييف منذ توليه منصبه.
تلك الانفجارات كان مصدرها نيران مضادة للطائرات أطلقتها الدفاعات الجوية الأوكرانية في محاولة لإسقاط طائرة دون طيار، حلقت فوق القصر الرئاسي أثناء إجراء كير ستارمر محادثات مع فولوديمير زيلينسكي.
ويمكن رؤية الطائرة -التي ربما كانت خدعة روسية- وسماع صوتها وهي تحلق فوق قصر مارينسكي، على مقربة من مكتب الرئيس، ولم يتضح على الفور ما إذا كانت الطائرة دون طيار قد أسقطت بنجاح.
جاء الهجوم في الوقت الذي سافر فيه ستارمر إلى أوكرانيا للقاء زيلينسكي لأول مرة منذ دخوله داونينغ ستريت، حيث أشاد بشراكة «أقرب من أي وقت مضى» قبل أيام من عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ومن المقرر أن توقع الدولتان اتفاقية شراكة لتعميق العلاقات الدفاعية القائمة، مع تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لكييف وسط مخاوف من أن الولايات المتحدة قد تبدأ في تقليص دعمها.
وقد كرر ترامب، الذي سيتولى منصبه مجددا يوم الإثنين المقبل، وعده بإنهاء الصراع في أوكرانيا بسرعة. ومن المتوقع أن يلتقي الزعيم الروسي فلاديمير بوتن في وقت مبكر من رئاسته.
وحث زيلينسكي حلفاء أوكرانيا الغربيين على «عدم التخلي عن الدعم»، ومواصلة تقديم الدعم العسكري طويل الأمد لبلاده المحاصرة، محذرا من أن الانسحاب «لن يؤدي إلا إلى مزيد من العدوان والفوضى والحرب».
ضمانات أمنية
ومن المتوقع أن يناقش ستارمر الضمانات الأمنية التي يمكن أن تقدمها المملكة المتحدة لكييف، بما في ذلك إمكانية أن تكون القوات البريطانية جزءا من قوة حفظ السلام بعد الحرب.
وقال ستارمر «إن طموح الرئيس الروسي فلاديير بوتين لانتزاع أوكرانيا من أقرب شركائها كان بمثابة فشل استراتيجي هائل. وبدلاً من ذلك أصبحنا أقرب من أي وقت مضى، وستأخذ هذه الشراكة هذه الصداقة إلى المستوى التالي».
فـ«قوة صداقاتنا الطويلة الأمد لا ينبغي الاستهانة بها، إن دعم أوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد العملية العسكرية الروسية وإعادة بناء مستقبل مزدهر وسيادي أمر حيوي لأساس أمن هذه الحكومة وخطتنا للتغيير» يضيف ستارمر.
لكن من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تتقاسم التزام المملكة المتحدة القوي والمفتوح. فقد ألقى ترامب مؤخرا باللوم على جو بايدن في الصراع، قائلا -في إشارة إلى خطاب الكرملين- إنه يستطيع «أن يفهم» سبب عدم رضا روسيا عن توسع حلف شمال الأطلسي.
في غضون ذلك، لم يبد فلاديمير بوتن أي إشارة إلى استعداده للتخلي عن مطالبه، وتشمل هذه المطالب تسليم أربع مناطق أوكرانية «ضمها» في عام 2022 بما في ذلك الأراضي التي لا تسيطر عليها موسكو، واستخدام حق النقض ضد عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي.
ويبدو أن حسابات الرئيس الروسي تتلخص في أن ترامب سوف ينهي سريعا المساعدات العسكرية لأوكرانيا، ما من شأنه أن يمكن موسكو من تحقيق المزيد من المكاسب، فقد بدأت القوات الروسية تقترب للمرة الأولى من منطقة دنيبروبيتروفسك، مركز الإنتاج الدفاعي الأوكراني.
دعم أمريكي؟
وقال زيلينسكي في وقت سابق من هذا الشهر إن الضمانات الأمنية لكييف لن تكون فعالة إلا إذا قدمتها واشنطن، وأن وقف إطلاق النار دون مثل هذه الضمانات لن يؤدي إلا إلى منح روسيا الوقت لإعادة التسليح.
تأتي زيارة ستارمر بعد مناقشته لاتجاه الصراع بعد عودة ترامب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تشيكرز الأسبوع الماضي. وناقش الزعيمان أهمية تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا، وفقا لمصادر فرنسية.
وتهدف «الشراكة التي تمتد لـ100 عام» بين أوكرانيا والمملكة المتحدة -أيضا- إلى تعزيز الروابط الاقتصادية في المجالات غير العسكرية مثل العلوم والتكنولوجيا. ومن المقرر أن يعلن ستارمر عن تخصيص 40 مليون جنيه استرليني للتعافي الاقتصادي، وهو ما قالت الحكومة إنه سيخلق فرصا للشركات البريطانية.
وسوف يستهدف التمويل الشركات التي تدعم الاقتصاد الأخضر، والمجموعات المهمشة بمن في ذلك النساء والمحاربين القدامى. ويستند هذا التمويل إلى 12.8 مليار جنيه استرليني من الدعم الذي قدمته المملكة المتحدة بالفعل لأوكرانيا، بما في ذلك 7.8 مليار جنيه استرليني من المساعدات العسكرية ودعم البنية التحتية للطاقة المستمر.
في فبراير/شباط 2023، سافر رئيس الوزراء إلى كييف بصفته زعيما للمعارضة، حيث طمأن زيلينسكي بأن سياسة حزب العمال ستظل دون تغيير إذا فاز في الانتخابات العامة، كما قام ستارمر بجولة في مدينتي بوتشا وإيربين التابعتين لكييف، حيث أعدمت القوات الروسية مئات المدنيين في ربيع عام 2022.
أسلحة بريطانية
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أعرب مسؤول أوكراني رفيع المستوى عن إحباطه من حكومة ستارمر الجديدة، وأشار إلى أن العلاقات مع المملكة المتحدة "تراجعت". وقال المسؤول إن إمدادات صواريخ ستورم شادو البريطانية بعيدة المدى توقفت، مضيفا أن ستارمر أرجأ زيارته إلى كييف عدة مرات.
وقال المسؤول لصحيفة الغارديان «هذا لن يحدث.. ستارمر لا يزودنا بأسلحة بعيدة المدى، الوضع ليس كما كان عندما كان ريشي سوناك رئيسا للوزراء. لقد ساءت العلاقة»، ورد داونينغ ستريت على التعليقات بانزعاج ورفض التعليق على المسائل التشغيلية.
وفي وقت لاحق، استخدمت أوكرانيا صواريخ ستورم شادو ضد أهداف ذات قيمة عالية، بما في ذلك في مقاطعة كورسك. كما شنت القوات الأوكرانية هجوما مضادا صغيرا قبل خمسة أشهر على منطقة الحدود الروسية وأسرت مؤخرا جنديين من كوريا الشمالية.
aXA6IDE4LjIyNi45OC4yNDQg جزيرة ام اند امز