أوكرانيا تتعثر بالجبهة الجنوبية.. الحرب تطوي آمال الاختراق
حين أعلنت أوكرانيا قبل أكثر من شهر تحرير قرية روبوتينه، بدا أن اختراق الخطوط الروسية بات ممكنا أخيرا على الجبهة الجنوبية.
لكن بعد مرور ستة أسابيع لم يتحقق ذلك، لتتأكد الفجوة الحاصلة بين ما يتم إعلانه وبين مجريات الأمور على الأرض.
ويقول جنود أوكرانيون من اللواء 65 كانوا طلائع القوات التي دخلت المنطقة المغلقة عادة أمام وسائل الإعلام، إنهم يدركون أن هناك نقصا في الرجال والقذائف والطائرات المسيرة.
وبعد أربعة أشهر على بدء الهجوم المضاد يتحدث هؤلاء الجنود عن مدى تصميمهم واستعدادهم للهجوم كل يوم، لكنهم يقولون أيضا إنهم لا يستطيعون تحقيق مكاسب كبيرة في مواجهة الروس الأفضل تسليحا والأقوى تحصينا.
هدف إعلامي
ويقول إيغور كورول، قائد الكتيبة الأولى من اللواء 65، لفرانس برس، في مكان قريب من الجبهة بمنطقة زابوريجيا، إن إعلان السيطرة على روبوتينه هدف إعلامي قبل كل شيء، لأنه من وجهة نظر استراتيجية لا أهمية لهذه المنطقة التي أصبحت الآن مدّمرة.
ويضيف "نحن نحب الإعلانات الكبيرة، الانتصارات السريعة، في الواقع تحدث الأمور بشكل مختلف".
"موت مؤكد 100%"
ويشير كورول إلى أن رجاله لا يستطيعون التحرك بحرّية في هذه المنطقة، رغم استعادة السيطرة عليها رسميا قبل شهر ونصف شهر.
فقط عند الفجر يمكن إرسال مجموعات صغيرة من الجنود لشن هجمات محددة الأهداف ضد مواقع روسية في الغابات التي تنتشر بالمنطقة.
واليوم، هم على حدود قرية نوفوبروكوبيفكا الواقعة على مسافة نحو كيلومترين أو ثلاثة كيلومترات فقط جنوب روبوتينه.
ويوضح كورول، وهو واحد من ثمانية جنود من الكتيبة 65 أجرت فرانس برس مقابلة معهم، أن "التحرك خلال النهار يعني الموت المؤكد بنسبة 100%".
ويشير الضابط إلى أنه "رغم عدم وجود جنود للعدو في روبوتينه" ستكون المنطقة بحكم الأمر الواقع تحت "قوة نيران" الروس. ولذلك من المستحيل تنفيذ عمليات مشاة أو مدرعات كبيرة.
ولدى الجيش الأوكراني هدف طموح على هذه الجبهة الجنوبية يتمثل في قطع الخطوط اللوجستية الروسية والتواصل بين الأراضي المحتلة إضافة إلى الوصول في أفضل الأحوال، إلى بحر آزوف، وقد يجبر انتصار مماثل الجيش الروسي على التراجع.
لذلك، بالنسبة للكرملين، فإن عدم تمكن أوكرانيا من استعادة أكثر من عشرات الكيلومترات المربعة منذ بدء هجومها المضاد في يونيو/حزيران الماضي، هو دليل على أن هذه العملية الواسعة النطاق فشلت.
خنادق وفخاخ
وفي جنوب روبوتينه تقع أول مدينة كبيرة، وهي توكماك على مسافة نحو ثلاثين كيلومترا. أما الساحل فيقع على مسافة 70 كيلومترا منها.
وبين المنطقتين، شبكة واسعة من التحصينات بناها الروس، تشمل ملاجئ تحت الأرض وخنادق وفخاخا مضادة للدبابات وحقول ألغام، ولا يمكن للأوكرانيين التقدم إلا من منحدر إلى آخر، ومن غابة إلى أخرى، تحت نيران روسيا.
ويُطلق على هذه المجموعة "خط سوروفيكين"، لأنه شيّد في نهاية 2022 وخلال 2023، عندما كان الجنرال سيرغي سوروفيكين يقود العمليات في أوكرانيا.
وحتى لو اخترق الجيش الأوكراني الجدران الدفاعية الأولى فستبقى أمامه معظم الدفاعات الروسية لاختراقها. كذلك سيجعل الخريف بأمطاره ووحوله ثم الشتاء بثلوجه وجليده، المهمة أكثر تعقيدا.
وكل ذلك يضاف إلى القنابل الجوية والقذائف والمسيّرات المتفجرة التي تسقط على الجنود الأوكرانيين ممن يحاولون التقدم أو "تنظيف" أحد الخنادق التي حفرها العدو.
ويقول ليونيد، خبير في قاذفات القنابل، إنه لا يمكن الجنود التحرك إلا بين النيران، لمدة "3 إلى 5 دقائق".
ويضيف "لا يوجد قتال عن قرب، بل قذائف هاون من عياري 120 و82 مليمترا ومدفعية عيار 152 مليمترا ومسيّرات وقنابل كاب" الموجهة.
والخسائر كبيرة بحسب الجنود الذين أجرت فرانس برس مقابلات معهم، في حين لم تقدم السلطات الأوكرانية، على غرار السلطات الروسية، أية حصيلة.
ويؤكد جنود اللواء 65 أنه فيما يتعلق بالمدفعية تطلق روسيا عشر قذائف في حين لا يستطيعون إطلاق إلا "واحدة أو اثنتين". والأمر نفسه ينطبق على المسيّرات.
ويقول ألكسندر، جندي يبلغ 27 عاما "نحن نقاتل ضد عدو، ضد بلد ضخم، لديه عدد أكبر من الرجال والمعدات".