ذكاء اصطناعي بثياب عسكرية.. كيف تغير «إنيجما» مستقبل المعارك؟

من أعماق الذاكرة الحربية لأوروبا، تنهض «آلة إنيجما» بحلّة رقمية جديدة، لا لتفكّ الشيفرات، بل لتُعيد تشكيل ميدان المعركة قبل أن تندلع شرارته.
الأداة التي طورتها شركة إستونية ضمن مشروع «العقول الرابحة» تستمد روحها من أعظم عمليات الاستخبارات في القرن العشرين، وتُسقطها على خطوط النار الأوكرانية، حيث تعالج في لحظات ما كانت تحتاج أياماً لفك شيفرته، في طفرة استخباراتية لا تكتفي بمراقبة العدو، بل تسبقه إلى خطوته التالية.
فماذا نعرف عنها؟
طور الغرب نسخة حديثة من آلة "إنيجما" الشهيرة، بهدف مساعدة الحلفاء في هزيمة أعدائه، وقد بدأت بالفعل في تقديم الدعم لأوكرانيا.
هذه التقنية المتقدمة، التي طورتها شركة SensusQ الإستونية تحت اسم "العقول الرابحة"، يجري استخدامها حاليا في الخطوط الأمامية للحرب، وتهدف إلى التنبؤ بالهجمات الروسية وصدّها قبل وقوعها، بحسب صحيفة ذا صن.
تعتمد هذه التقنية على تحليل ومعالجة كميات ضخمة من البيانات القادمة من ساحات القتال، مثل معلومات الطائرات المسيّرة، وصور الأقمار الصناعية، وتقارير وسائل التواصل الاجتماعي، وتحويلها إلى معلومات واضحة وسهلة الفهم للقيادات العسكرية.
تجمع هذه الأداة بين خبرات عسكرية واستخباراتية متراكمة وفريق من مهندسي البرمجيات، وتهدف إلى نقل البُعد الاستخباراتي إلى العصر الرقمي بدلاً من الاعتماد فقط على الأساليب التقليدية.
وتستطيع هذه الأداة ربط البيانات المختلفة تلقائيًا، واستخلاص أنماط وتوقعات تساعد في اتخاذ قرارات أسرع وأكثر دقة، ما يعزز من فعالية استخدام الموارد العسكرية ويقلل من الأخطاء البشرية التي قد تكلف أرواحًا.
في أوكرانيا، ساهم هذا النظام منذ بداية الحرب في دعم وحدات عسكرية وأجهزة إنفاذ القانون، حيث يساعد في استيعاب معلومات كانت قد تضيع لولا وجوده. كما يوفر تطبيقاً آمناً يُستخدم على الأرض لجمع تقارير فورية عن الأنشطة العسكرية، مع ضمان بقاء البيانات تحت سيطرة الجهات المحلية دون أن تصل إلى الشركة المطورة، ما يحفظ سرية المعلومات.
ووفقا للتقرير، فأهم مزايا النظام سرعة إعداده وتشغيله، إذ يمكن تهيئته خلال ساعات قليلة، ما يجعله مثالياً لساحات القتال المتغيرة. كما يتضمن خرائط رقمية تساعد على فهم السياق الميداني، وتحديد العلاقات بين الأطراف المختلفة، مما يمكن من التنبؤ بالتحركات والهجمات القادمة بدقة.
كما تستفيد الشركة من الدروس المستقاة من الصراع الأوكراني، الذي شكل نموذجاً فريداً في الابتكار العسكري، حيث تم دمج التكنولوجيا الحديثة مع تكتيكات حرب العصابات لمواجهة جيش أكبر وأفضل تجهيزاً بذكاء وفعالية.
,تؤكد الشركة أن هذه التقنية متاحة لأي دولة حليفة، بما في ذلك بريطانيا، التي قد تواجه تهديدات مماثلة في المستقبل، مع التركيز على تحقيق "هيمنة في اتخاذ القرار" من خلال فهم العدو بشكل أعمق مما يفهم نفسه.
ما هي آلة "إنيجما"؟
أما آلة "إنيجما" الأصلية، فكانت جهاز تشفير ميكانيكي معقد استخدمه النازيون خلال الحرب العالمية الثانية لتشفير رسائلهم، وكانت تُعتبر غير قابلة للكسر حتى تمكن فريق من علماء الحلفاء بقيادة آلان تورينج من فك شيفرتها، ما ساهم في اختصار الحرب وإنقاذ ملايين الأرواح.
وتعتمد آلة إنيجما على دوارات متغيرة وتبديلات معقدة لإنتاج شيفرات يصعب اختراقها، وقد استُخدمت تقنيات رياضية وإحصائية وأجهزة حوسبة مبكرة لفك هذه الشيفرات.
aXA6IDUyLjE1LjIyNS4xMDUg جزيرة ام اند امز