شفرة الحرب العالمية الثانية.. كيف اخترق الذكاء الاصطناعي أسرار إنيغما؟

كانت شفرة إنيغما، التي استخدمها الجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية، واحدة من أعقد الشفرات في القرن العشرين.
استغرق فك هذه الشفرة وقتا طويلا وجهدا طائلا بقيادة عالم الرياضيات البريطاني آلان تورينغ وفريق العلماء في بريطانيا.
ورغم أن فك الشفرة أصبح الآن جزءا من التاريخ العسكري الذي ساهم في اختصار الحرب العالمية الثانية لمدة تصل إلى عامين، يقول الخبراء اليوم إنه لو كانت الشفرة موجودة في عصرنا الحديث، لما استغرق فكها سوى وقت قليل بفضل التقدم الهائل في تكنولوجيا الحوسبة.
وتم تطوير آلة إنجما من قبل الألمان في بداية القرن العشرين، وكانت عبارة عن جهاز كهربائي ميكانيكي يشبه الآلة الكاتبة. يتكون الجهاز من ثلاث دوارات، كل منها يحتوي على 26 وضعا مختلفا يمكن تغييرها لتوليد مزيج هائل من الرموز.
إضافة إلى ذلك، كانت آلة إنجما تغير إعداداتها كل 24 ساعة، مما جعل من المستحيل فحص جميع الاحتمالات يدويا. وكانت الشفرة تستخدم لتشفير الرسائل العسكرية بين قادة الجيش النازي، وكانت تعتبر واحدة من أروع الابتكارات في علم التشفير في ذلك الوقت.
في أوائل الثلاثينيات، تمكن فريق من الخبراء البولنديين من فك بعض الإصدارات المبكرة للشفرة. ومع ذلك، قام الألمان بتطوير الإعدادات بشكل مستمر، ما جعل الشفرة أكثر تعقيدًا. حينها، تولى آلان تورينغ، عالم الرياضيات البريطاني، مسؤولية فك الشفرة في بريطانيا، حيث طور جهاز "القنبلة"وهو جهاز ميكانيكي مخصص لفك الشفرات المعقدة. بحلول عام 1943، كان الجهاز قادر على فك رسالتين كل دقيقة.
كيف كان فك الشفرة يتم في الماضي؟
تتمثل معركة فك شفرة إنيغما في اختبار آلاف، بل ملايين، من التراكيب المختلفة باستخدام أجهزة "القنبلة" التي كانت تعمل عبر آلية ميكانيكية غير معقدة نسبيًا مقارنةً بتقنيات اليوم.
وقد استغرق فك الشفرة بواسطة هذه الآلات شهورًا طويلة، لكن بفضل هذه الجهود تمكّن الحلفاء من الحصول على معلومات حيوية حول تحركات القوات الألمانية في ساحة المعركة.
لكن مع التقدم الكبير في تكنولوجيا الحوسبة، أصبح فك شفرة إنيغما أمرا يسيرا مقارنة بالجهود التي بذلها تورينغ وفريقه.
ويقول مايكل وولدريدج، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة أكسفورد في تقرير نشرته الجارديان إن "إنيغما لن تصمد أمام الحوسبة الحديثة والإحصائيات".
ويمكن في الوقت الحاضر، محاكاة منطق جهاز "القنبلة" باستخدام برامج حاسوبية تقليدية بسهولة، وهذا بفضل الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي ساهم تورينغ نفسه في تأسيسه.
وباستخدام الذكاء الاصطناعي، يمكن معالجة البيانات بسرعة فائقة، مما يجعل فك شفرة إنيغما لا يستغرق أكثر من بضع دقائق، مقارنة بالشهور التي كانت تستغرقها الآلات الميكانيكية في الماضي.
التطورات في حوسبة الذكاء الاصطناعي
ويشير وولدريدج إلى أن تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، التي يمكنها محاكاة العمليات المنطقية لجهاز "القنبلة"، قد تمكّن أي جهاز حاسوب حديث من حل شفرة إنيغما في وقت قصير للغاية، كما يمكن استخدام خوادم سحابية ومراكز بيانات ضخمة لتحليل بيانات الشفرة بسرعة أكبر، مما يؤدي إلى تسريع العملية بشكل هائل.
وفي تجربة سابقة، استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي مدعوما بعدد ضخم من الخوادم الافتراضية لكشف رسالة مشفرة في 13 دقيقة فقط، وهو ما يعكس مدى سهولة فك الشفرة في العصر الحديث مقارنةً بالماضي.
رغم أن فك شفرة إنيغما أصبح أمرا سهلا بفضل التكنولوجيا الحديثة، إلا أن ما حققه تورينغ وفريقه خلال الحرب كان إنجازًا هائلًا في ذلك الوقت.
يقول الدكتور مصطفى مصطفى، محاضر في أمن البرمجيات في جامعة مانشستر: "لقد استغرق الأمر أكثر من عام لفك الشفرة، لكن أن يتمكنوا من فعل ذلك في وقت الحرب كان أمرا ضخما".
ويضيف: "إذا لم نكن قد تمكنا من فك شفرة إنيغما في الوقت المناسب، فإن النتيجة كانت ستكون كارثية".
aXA6IDE4LjIxNi4xNDEuMTkg
جزيرة ام اند امز