زيلينسكي بين فكي الرحى.. ترامب وتراجع الجبهة يدفعانه نحو موسكو
تتزايد الضغوط التي تحاصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لتدفعه للتفاوض مع روسيا لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
ففي مواجهة واقع صعب على الخطوط الأمامية واحتمال عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استعداده للتفاوض مع موسكو.
وذكرت شبكة "سي إن إن" أن زيلينسكي اقترح إرسال موسكو وفدا إلى قمة السلام المقبلة التي يأمل عقدها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في تراجع عن موقفه السابق الذي اتخذه في مؤتمر السلام السابق الذي عقد في سويسرا الشهر الماضي، من أن أي محادثات لا يمكن أن تتم إلا بعد الانسحاب الروسي من أوكرانيا.
وأشار التقرير إلى أن كييف تواجه حاليًا ضربة مزدوجة تتمثل في وضع صعب على خط المواجهة وعدم اليقين السياسي فيما يتعلق بمستوى الدعم المستقبلي من الولايات المتحدة، أقرب حلفاء أوكرانيا.
ورغم تباطؤ التقدم الذي تحرزه القوات الروسية في شرق أوكرانيا بشكل كبير منذ بدء وصول الأسلحة الأمريكية إلى البلاد في مايو/أيار الماضي، إلا أنه لم يتوقف بالكامل ولا تزال روسيا تكسب المزيد من الأراضي، وإن كان بوتيرة أبطأ بكثير.
ومن ناحية أخرى، ثارت شكوك حول مدى استعداد بعض أقرب حلفاء أوكرانيا وأهمهم ــ وأبرزهم الولايات المتحدة وألمانيا ــ لمواصلة ضخ الموارد في الصراع لدعم كييف، خاصة مع تزايد فرص ترامب في العودة إلى البيت الأبيض على حساب الرئيس الحالي جو بايدن، الداعم القوي لكييف.
وتحدث ترامب وزيلينسكي هاتفيا أول أمس الجمعة، وهي المكالمة التي قال عنها ترامب إنها "مكالمة هاتفية جيدة للغاية".
وقال الرئيس الأمريكي السابق إنه "سيحقق السلام في العالم وينهي الحرب التي أودت بحياة الكثير من الأرواح"، بينما قال زيلينسكي إن المكالمة الهاتفية ناقشت "الخطوات التي يمكن أن تجعل السلام عادلاً ودائمًا حقًا".
ونقلت الشبكة عن أوريسيا لوتسيفيتش - خبيرة ومديرة المنتدى الأوكراني في مؤسسة تشاتام هاوس (لندن)، تأكيدها أن الوضع الصعب يجبر فلاديمير زيلينسكي، على التلميح إلى مفاوضات السلام مع موسكو.
وقالت الخبيرة: "هذه إشارة إلى روسيا وإشارة إلى الجنوب العالمي، تفيد بأن أوكرانيا ليست قوة معرقلة من نوع ما، وأنها مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
التحول في موقف زيلينسكي هذا الأسبوع جاء عقب إعلان ترامب اختيار جيه دي فانس كمرشحه لمنصب نائب الرئيس.
وكان فانس قد اقترح في السابق أن تتفاوض أوكرانيا مع روسيا لأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين ليس لديهم القدرة على دعمها.
كما زعم ترامب نفسه أنه "سينهي الحرب في يوم واحد"، وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن ترسل أموالاً إلى أوكرانيا دون شروط.
وفي الوقت نفسه، تبين أن ألمانيا، التي تعد من بين أكبر الداعمين لأوكرانيا، تخطط لخفض مساعداتها العسكرية لأوكرانيا إلى النصف العام المقبل.
وإذا تحقق السيناريو الأسوأ بالنسبة لأوكرانيا - إذا توقفت الولايات المتحدة عن تقديم المساعدات، ولم تكثف أوروبا مساعداتها، ولم تتمكن أوكرانيا من الوصول إلى الأصول الروسية المجمدة - فمن المرجح أن تبدأ روسيا في تحقيق مكاسب أكبر كثيرا.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعلن في اجتماع مع قيادة وزارة الخارجية الروسية، في أواسط شهر يونيو/حزيران الماضي، أن بدء المفاوضات مع كييف يقتضي أن تقوم أوكرانيا بسحب قواتها من كامل أراضي"المناطق الجديدة" في روسيا (جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك، ومقاطعتي خيرسون وزابوريجيا).
وأشار بوتين إلى أن الأعمال القتالية ستتوقف فور موافقة كييف على هذا الشرط؛ مؤكدا أنه يتوجب على كييف أن تخطر موسكو رسميا بتخليها عن خطط الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وتطالب روسيا بأن تكون أوكرانيا بلداً محايداً، وخالياً من الأسلحة النووية، كي يتم التوصل إلى تسوية سلمية.
وكانت موسكو أكدت مرات عديدة أنها مستعدة للمفاوضات، لكن كييف فرضت حظرا تشريعيا عليها، وذلك في الوقت الذي يتجاهل فيه الغرب رفض كييف المستمر للدخول في حوار.