عملية "ليدي أناستاسيا".. حرب أوكرانية روسية بميناء إسباني
لم يجد مهندس بحري أوكراني سوى طريق واحد للرد على العملية العسكرية الروسية في بلاده، لكن محاولته كانت بعيدة عن الجبهات الأمامية.
وعلى مدار عشرة أعوام، عمل تاراس أوستابتشوك فيما قد يعتبره كثيرون وظيفة الأحلام، كبير المهندسين بـ"ليدي أناستاسيا"، وهو يخت فاخر طوله 156 قدما يتنقل من ميناء راق إلى آخر عبر مياه البحر الأبيض المتوسط المتلألئة.
لكن في 26 فبراير/شباط، وبينما يرسو اليخت بجزيرة مايوركا الإسبانية، بالبحر المتوسط، تغير كل شيء.
وشاهد أوستابتشوك تقارير إخبارية بشأن ضربة صاروخية روسية على مبنى سكني بمسقط رأسه في كييف. وكان يشبه المبنى الذي عاش فيه مع زوجته، عندما لم يكن على متن السفينة.
وقال: "في تلك المرحلة، أعتقد أن منزلي قد يكون التالي"، وحينها قرر إغراق اليخت، مضيفا: "كانت تلك خطوتي الأولى للرد مع روسيا".
وخلال حوار مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية من أوكرانيا، قال أوستابتشوك إنه ربط الدمار الذي لحق بمدينته مباشرة بالرجل الذي يدعوه مالك "ليدي أناستاسيا": رجل الأعمال الروسي ألكسندر ميخييف.
وهو الرئيس التنفيذي لشركة الأسلحة الروسية "Rosoboronexport"، التي تبيع كل شيء من طائرات هليكوبتر، إلى دبابات، وأنظمة الصواريخ، والغواصات.
وقرر أوستابتشوك أن مهمته هي إغراق "ليدي أناستاسيا"، حيث قال إنه اتجه إلى غرفة المحركات، حيث فتح صماما متصلا بهيكل السفينة. وبينما تدفقت المياه إلى الداخل، شق طريقه إلى حجرات الطاقم، حيث فتح صماما آخر.
وقال: "كان هناك ثلاثة آخرين من أفراد الطاقم بالإضافة لي. أبلغتهم أن القارب يغرق، وأن عليهم المغادرة".
وفقا لمعظم المعايير، تعتبر "ليدي أناستاسيا"، التي يتكون طاقمها من تسعة أفراد، سفينة فاخرة، حيث يوجد بها غرفة رئيسية، وحجرات لعشرة ضيوف، وجاكوزي.
وفرضت وزارة الخارجية الأمريكية عقوبات على ميخييف في 15 مارس/آذار.
وعندما حاولت "سي إن إن" التواصل مع ميخيف بشأن ملكية "ليدي أناستاسيا"، رد متحدث باسم شركة "Rosoboronexport" عبر البريد الإلكتروني، قائلًا إن الشركة "لا تعلق أبدًا بأي معلومات عن الحياة الشخصية للموظفين وممتلكاتهم، باستثناء الحالات التي ينص عليها قانون الاتحاد الروسي".
وبعدما بدأ في إغراق المقصورات، أخبر أوستابتشوك أفراد الطاقم الثلاثة الآخرين بما فعله. وكانوا أوكرانيين أيضًا، بحسب قوله، لكن خوفا من أن الأمر قد يكلفهم وظائفهم، صرخوا عليه قائلين إنه مجنون.
واتصلوا بسلطات الميناء والشرطة. وأحضر عمال الميناء مضخات المياه، ومنعوا غرق اليخت، وألقي القبض على أوستابتشوك.
وقال لـ"سي إن إن": "قلت في إفادتي إلى الشرطة إنني حاولت إغراق القارب كاحتجاج سياسي على العدوان الروسي. عليك الاختيار. إما أن تقف مع أوكرانيا أو لا. يجب عليك الاختيار، إما أوكرانيا، أو الوظيفة... لا أحتاج إلى الوظيفة إن لم تكن هناك أوكرانيا."
وفي بعض الحالات، تواجه تلك الوظائف خطرا على أية حال. ففي 15 مارس/آذار، احتجزت السلطات الإسبانية مؤقتا "ليدي أناستاسيا" أثناء تحديد ما إذا كانت تخضع للعقوبات الأوروبية ويمكن مصادرتها.
وكانت واحدة من بين ثلاثة يخوت على صلة بالأوليغارشيين الروس الذين احتجزوهم هذا الأسبوع. وتمت مصادرة أو احتجاز آخرين في فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وجبل طارق.
وعندما تحدثت "سي إن إن" مع أوستابتشوك من أوكرانيا، الأربعاء، قاطع المكالمة فورا تحذير بهجوم روسي قادم. ولاحقا، وبعد عودة أوستابتشوك من الملجأ، قال إنه بمجرد أن أطلقت السلطات الإسبانية سراحه في 27 فبراير/شباط، عاد إلى أوكرانيا.
وقال: "الآن أخدم بالجيش، وآمل أن تقرب خدمتي من انتصارنا"، لافتا إلى أنه يأمل أن يتأثر الأوليغارك (رجال الأعمال الروس الذين جمعوا ثرواتهم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي) الذين يدعمون الرئيس الروسي بالعقوبات.
وأضاف: "يجب تحميلهم المسؤولية، لأنهم هم بالضبط من أدوا إلى هذا مع سلوكهم وأسلوب حياتهم وجشعهم الجامح... من أجل تشتيت انتباه الناس عن النهب الحقيقي لروسيا من قبل هؤلاء الحكام، الذين يرتبون حروبا تضليلية مع دول أخرى بريئة".