الحرب تجتاح وجه زيلينسكي.. حزن في عيون كوميدي
بنظرة جادة لكنها مُنهكة ولحية بارزة تختصر يومياته المثقلة، ظهر الرئيس الأوكراني مستبدلا ربطة العنق بقميص عسكري.
تغيير لم يشمل مظهره فقط، وإنما استبدل فولوديمير زيلينسكي ( 44 عاما) أيضا مكتبه في القصر الرئاسي بقبو تحت الأرض.
هكذا ظهر زيلينسكي خلال مؤتمر مع الصحفيين، أمس الخميس، وخلال حديثه يمكن للمشاهد أن يرى علم أوكرانيا في الخلفية، بالإضافة إلى الخطوط العريضة للجغرافيا الموضوعة على الخريطة، في عنصرين يتحدان لتعريف البلد.
دبلوماسية زمن الحرب
ويبدو أن الرئيس الأوكراني أدرك في عام 2022، أن في ممارسة دبلوماسية زمن الحرب من خلال تسجيلات الفيديو ومنشورات التواصل الاجتماعي، تكمن البلاغة في مكان ما بين الشكليات الخاضعة للسيطرة والعاطفة الخارجة عنها.
ففي صبيحة اليوم الثاني لوابل الصواريخ الروسية التي هطلت على العاصمة الأوكرانية كييف، خاطب زيلينسكي الناس بأسلوبه المفضل من خلال مقطع فيديو صوّره بطريقة "السيلفي".
مقطع فيديو نشره حينها على موقع التواصل الاجتماعي أنستقرام، وحصد ثلاثة ملايين مشاهدة في الساعة الأولى، وقال فيه: "صباح الخير يا جميع الأوكرانيين! في الآونة الأخيرة، تم الإبلاغ عن الكثير من المعلومات الكاذبة على الإنترنت التي طلبت من جيشنا إلقاء أسلحته والمغادرة. اسمعني. أنا هنا".
في ذلك البث، ظهر زيلينسكي واقفا تحت شمس الصباح على الجانب الآخر من الطريق أمام مكتبه في كييف، وخلفه معلم "House with Chemeras" الشهير.
رئيس بين مشهدين
20 يوما تبدلت فيها أحوال الممثل الكوميدي السابق، من زوج رومانسي خرج في الخامس من فبراير/شباط الماضي، يمتص قلق الأوكرانيين بالقبلات والورود، إلى قائد أحزنته الحرب.
حينها اختار الرئيس الأوكراني مواجهة تقديرات الغرب بغزو روسي وشيك، بتحريك رمال رومانسية "عيد الحب"، عبر فيديو ضمّنه أكثر من رسالة، في مقدمتها تأكيد وجوده وزوجته في أوكرانيا، وثانيا تجديد دعوته لشعبه بالهدوء وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
وظهر زيلينسكي في المقطع المصور وهو يحتضن زوجته أولينا التي كانت تحمل في يدها باقة من الورد، بمناسبة عيد الحب.
من الشاشة إلى الواقع
في مكالمة هاتفية أجراها عقب ساعات من بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أخبر زيلينسكي زعماء الاتحاد الأوروبي أن هذه قد تكون آخر مرة يرونه فيها على قيد الحياة.
ولاحقا، خلع زيلينسكي لباسه المدني ليرتدي البزة العسكرية ويحمل سلاحه ليشارك جنوده في الدفاع عن بلادهم، في موقف فاجأ العالم بشجاعة رجل قفز لتوه من شاشات التلفزيون وخشبة المسرح إلى السياسة.
ومن سوء حظه أن فترته الرئاسية تزامنت مع أزمة خانقة مع روسيا، حيث وجد نفسه بمواجهة تركة سنوات من التوتر المستمر منذ ضم موسكو شبه جزيرة القرم في 2014.
رجل بلا خلفية سياسية، فهو ممثل كوميدي وجد نفسه فجأة في قصر الرئاسة بكييف، والأسوأ أنه يعيش هذه المرة "كوميديا سوداء" لصيقة بواقع في ذروة التوتر.
ومع ذلك، أظهر زيلنسكي شجاعة لافتة من خلال تمسكه بالبقاء في بلاده، والإصرار على رفع معنويات شعبه وجنوده من خلال مقاطع الفيديو التي ينشرها عبر حساباته بمواقع التواصل. فهل يصمد حتى النهاية؟
aXA6IDE4LjIxOC4yLjE5MSA= جزيرة ام اند امز