البحث عن المفقودين في أوكرانيا.. من ساحات الحرب للذكاء الاصطناعي

لا تقتصر المعاناة في الحرب الأوكرانية على ساحة المعركة فحسب، بل تمتد إلى آلاف العائلات التي تبحث عن ذويها المفقودين.
ومع مرور السنوات، تزداد صعوبة تحديد أماكن هؤلاء المفقودين، سواء كانوا أسرى حرب أو ضحايا لم يتم العثور على جثثهم بعد، وفقا لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي مواجهة هذا التحدي، تلجأ أوكرانيا إلى تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل الحمض النووي، إلى جانب جهود العائلات التي أصبحت جزءًا لا يتجزأ من عملية البحث.
وسلط تقرير الشبكة على الضوء على قصة "نازار أوشيريتني"، وهو مسعف عسكري أوكراني، أرسل في 30 مارس/آذار 2022، رسالة قصيرة إلى والدته قال فيها: "مرحبًا أمي. كل شيء على ما يرام.. سأكون غير متصل بالإنترنت لفترة طويلة، ربما أسبوع أو شهر.. لا تقلقي".
كانت هذه آخر رسالة أرسلها قبل أن يختفي في مدينة ماريوبول، التي كانت تحت الحصار في واحدة من أكثر فصول الحرب الروسية الأوكرانية دموية. بعد مرور 3 سنوات تقريبًا، لا يزال مصيره مجهولًا.
أعداد المفقودين تتزايد
أُبلغت والدة أوشيريتني رسميًا في 12 أبريل/نيسان 2022 بأنه مفقود أثناء القتال وربما يكون قد أُسر، وعلى الرغم من جهودها المستمرة للبحث عنه، لم يُعرف حتى الآن ما إذا كان حيًا أم ميتًا.
أوشيريتني واحد من حوالي 60000 شخص، بين عسكريين ومدنيين، مسجلين كمفقودين في ظل "ظروف خاصة" في السجل الحكومي الموحد بأوكرانيا.. ومع ذلك، قد يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير.
ووفقًا للمفوض الأوكراني للمفقودين، "أرتور دوبروسيردوف"، فإن الشخص المسجل كمفقود يكون إما أسيرًا لدى روسيا أو قد قُتل. ومع استمرار الحرب، يصبح العثور على المفقودين أو استعادة جثث القتلى أكثر صعوبة.
تحديات استعادة الجثث
مع تغير أساليب القتال منذ عام 2022 واستخدام الطائرات بدون طيار بشكل مكثف من قبل الطرفين، أصبحت استعادة الجثث من خطوط القتال أكثر تعقيدًا. لهذا السبب تقوم روسيا وأوكرانيا بعمليات تبادل منتظمة للجثث.
وقد تمكنت أوكرانيا من استعادة أكثر من 7000 جثة منذ بدء العملية العسكرية الروسية الشاملة في فبراير/شباط 2022.
وخلال آخر عملية تبادل للجثث في 14 فبراير/شباط 2025، استعادت أوكرانيا جثث 757 جنديًا.. لكن بالنسبة لعائلاتهم، لم يكن هذا كافيًا لدفن أحبائهم وفق التقاليد الأوكرانية بسبب صعوبة التعرف على الجثث.
التعرف على الجثث باستخدام الحمض النووي
غالبًا ما تكون الجثث المستعادة مشوهة أو متحللة أو محترقة، مما يجعل عملية التعرف عليها طويلة ومعقدة، ويتم إجراء اختبار الحمض النووي الإجباري لجميع الجثث وأجزائها لتحديد هويتها بدقة قبل تسليمها للعائلات، وفي بعض الحالات، يتم العثور على أجزاء من نفس الجثة خلال عمليات تبادل مختلفة.
وللتسريع في عملية البحث عن المفقودين، لجأت السلطات الأوكرانية إلى تقنيات متقدمة مثل إعادة بناء الوجه ثلاثي الأبعاد باستخدام شكل الجمجمة والمعلومات الجينية، كما تستخدم برامج التعرف على الوجوه المقدمة من شركاء غربيين للبحث عن المفقودين عبر قواعد البيانات ووسائل التواصل الاجتماعي.
في إحدى المنشآت في كييف، يعمل فريق متخصص على تحليل الصور التي تظهر أسرى الحرب الأوكرانيين على قنوات تليجرام الروسية ووسائل الإعلام الأخرى لتحديد هويتهم وإبلاغ عائلاتهم.
جهود العائلات
إلى جانب جهود الحكومة، تشكلت مجموعات من العائلات التي تبحث عن أحبائها عبر الإنترنت ووسائل الإعلام الروسية. وقد حصلت والدة أوشيريتني، فالنتينا أوشيريتنايا، على معلومات تفيد بأن ابنها شوهد في الأسر في مواقع مختلفة داخل روسيا وأوكرانيا المحتلة.
وعلى الرغم من تقديمها لعينات الحمض النووي الخاصة بها للسلطات الأوكرانية ولجنة الصليب الأحمر الدولية، لم يتم العثور على أي تطابق مع قاعدة البيانات.
ومثل آلاف العائلات الأوكرانية الأخرى، تأمل فالنتينا أن يتم إطلاق سراح جميع الأسرى الأوكرانيين كخطوة نحو السلام. تقول: "أنا أدعو الله فقط أن يعيد لي ابني. لا أريد شيئًا آخر سوى عودته".
aXA6IDE4LjE5MS4yMzkuNzEg جزيرة ام اند امز