واشنطن تخسر زبائنها العسكريين.. أوروبا تُعيد حساباتها الدفاعية

انتكاسة جديدة تعرضت لها مبيعات الأسلحة الأمريكية، في أعقاب قرار البرتغال استبعاد شراء الطائرات المقاتلة من طراز «إف-35» الأمريكية.
وذكر تقرير لمجلة «نيوزويك»، أن مبيعات الأسلحة تأثرت -أيضا- بتزايد شكوك دول أوروبية أخرى حول موثوقية واشنطن كشريك دفاعي، خاصة بعد تعليق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
هذه التطورات تتزامن مع بيانات صادمة صادرة عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تُظهر أن أوروبا كانت الوجهة الرئيسية لـ35 من صادرات الأسلحة الأمريكية بين عامي 2020 و2024، وأن صادرات واشنطن من الأسلحة زادت بنسبة 21% بين عامي 2015 و2019 وبين عامي 2020 و2024.
وفي مقابلة مع صحيفة «بوبليكو» البرتغالية في 13 مارس/آذار، أعلن وزير الدفاع البرتغالي نونو ميلو أن بلاده لن تشتري مقاتلات F-35 من الولايات المتحدة لاستبدال طائراتها القديمة من طراز F-16، وستبحث عن بدائل أوروبية بسبب السياسات غير المستقرة لواشنطن.
وأكد ميلو أن البيئة الجيوسياسية يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند اتخاذ القرار، مضيفًا أن «التوقعات بشأن حلفائنا تمثل أولوية رئيسية».
شكوك أوروبية
لم يكن القرار البرتغالي الوحيد الذي يعكس القلق الأوروبي، فكندا تعتزم إعادة النظر في شراء مقاتلات إف-16 الأمريكية على خلفية التوتر مع إدارة الرئيس دونالد ترامب وتدرس خيارات أخرى.
وذكر متحدث باسم وزير الدفاع الكندي في رسالة بالبريد الإلكتروني أن رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني الذي تولى منصبه الجمعة، يريد "تحديد ما إذا كان عقد شراء إف-35، في شكله الحالي، يمثل أفضل استثمار لكندا وما إذا كانت هناك خيارات أخرى قد تلبي احتياجات كندا بشكل أفضل".
وقعت الحكومة الكندية عقدا مع شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية العملاقة للصناعات العسكرية في عام 2023 لشراء 88 طائرة من طراز إف-35، وتم بالفعل سداد ثمن أول 16 طائرة مقاتلة ومن المتوقع تسليمها مطلع العام المقبل.
وأكد المتحدث أن الاتفاقية لم يتم إلغاؤها لكن "يتعين علينا القيام بواجباتنا في ظل البيئة المتغيرة والتأكد من أن العقد، في شكله الحالي، يصب في مصلحة الكنديين والقوات المسلحة الكندية".
وكان وزير الدفاع المستقيل نونو ميلو قد أكد في مقابلة نشرتها صحيفة بوبليكو اليومية الخميس أن "الموقف الأخير للولايات المتحدة في سياق حلف شمال الأطلسي وعلى المستوى الجيوستراتيجي الدولي، يجب أن يجعلنا نفكر في أفضل الخيارات".
ليس هذا فحسب، بل إن بولندا تساءلت عن موثوقية واشنطن كشريك دفاعي، حيث أشار الصحفي البولندي ستيوارت دويل إلى مخاوف بشأن أنظمة هيمارس التي توفرها الولايات المتحدة، مستشهدًا بقرار البنتاغون تعليق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، مما أثر على عمليات تشغيل هذه الأنظمة.
وأشار إلى المخاوف من أن تقوم أمريكا بتعطيلها عن بعد، لكن نائب وزير الدفاع سزاري تومتشيك يقول إن عقود الأسلحة البولندية تحمي من ذلك. وتراجعت فعالية قاذفات هيمارس الأوكرانية بعد قرار الرئيس ترامب بوقف تبادل المعلومات الاستخباراتية الأسبوع الماضي.
وفي المملكة المتحدة، أبدت الحكومة قلقها بشأن مدى التزام الولايات المتحدة بدعم نظام تريدنت النووي البريطاني، وفقًا لما ذكرته صحيفة «الغارديان».
وقال وزير الخارجية البريطاني السابق السير مالكولم ريفكيند للصحيفة: «من الضروري حقًا أن تعمل بريطانيا وفرنسا معًا بشكل أوثق لأنه إذا كانت موثوقية أمريكا موضع شك في أي وقت، فقد تكون أوروبا عاجزة في مواجهة روسيا. يجب أن تكون مساهمة أمريكا الآن موضع شك إلى حد ما، ليس اليوم أو غدًا، ولكن على مدى السنوات القليلة المقبلة وبالتأكيد طالما أن ترامب وأمثاله يسيطرون في واشنطن».
وفي ظل حالة عدم اليقين هذه، اقترحت المفوضية الأوروبية أن تتعاون دول الاتحاد الأوروبي في شراء الأسلحة بشكل جماعي بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة، وفقًا لصحيفة فايننشيال تايمز.
من جهته، أكد الضابط المتقاعد في الخدمة الخارجية الأمريكية، بوب هولي، عبر منشور في «إكس»، أنّ «الولايات المتحدة مورد غير موثوق للأسلحة»، محذّراً من أن «معداتها غير موثوق بها، في الحالات المهمة. وهناك بدائل جيدة متاحة في أوروبا. احموا أنفسكم».
aXA6IDMuMTQ3LjQyLjMg جزيرة ام اند امز