كارت أحمر بوجه "مينوسما" في مالي.. نهاية بعثة أم بداية أزمة؟
الانتقادات الموجهة للبعثة الأممية في مالي ليست مستجدة بل تعتبر سليلة سنوات من الرفض لمحصلة لم تفلح في وأد أزيز رصاص الإرهابيين.
فبعد 10 سنوات من انتشار بعثة الأمم المتحدة في مالي (مينوسما)، تطالب باماكو بانسحابها "من دون تأخير"، في كارت أحمر يضع نقطة النهاية لمهمة حفظ سلام شابتها انتقادات كثيرة.
مالي تطلب "انسحابا من دون تأخير" لبعثة الأمم المتحدة
وفي حال حصوله -وهو المتوقع- سيؤدي انسحاب البعثة الذي طالب به، الجمعة، وزير الخارجية المالي أمام مجلس الأمن الدولي، إلى خروج لاعب أساسي في الأزمة يثير جدلا، خسر 187 عنصرًا من قواته في هجمات.
كما يفاقم مطلب باماكو المخاوف من اشتعال الوضع الأمني خصوصا في الشمال، بما يمنح التنظيمات الإرهابية ثغرة أكبر لاستنساخ سيناريو ما بعد 2012.
انتقادات
تأسست بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) في العام 2013، خلفًا لبعثة الدعم الدولي لمالي بقيادة أفريقية، للمساعدة في إرساء الاستقرار بدولة مهددة بالانهيار تحت وطأة ضغط المجموعات المسلحة في الشمال.
البعثة، التي جدد لها في العام 2022 وينتهي تفويضها في 30 يونيو/ حزيران الجاري، مكلّفة بدعم تطبيق اتفاقية سلام مهمة مع مجموعات مسلحة سابقة غير إرهابية في الشمال.
كما تنص مهامها على مساعدة السلطات المالية في إرساء الاستقرار في وسط البلاد الذي يشهد أيضًا أعمال عنف، فضلًا عن حماية المدنيين والمساهمة في جهود السلام والدفاع عن حقوق الإنسان.
ويسمح لها مجلس الأمن الدولي باستخدام "كل الوسائل الضرورية لإنجاز مهمتها"، بما في ذلك القوة.
لكن مهمة بعثة مينوسما لم تكن تحديدًا محاربة المسلحين والإرهابيين، ما دفع البعض إلى انتقاد ما اعتبروه عجزًا، فيما دعم آخرون عملها.
انتشار وضحايا
حُدّد العدد الأقصى للقوة بأكثر من 13 ألف جندي بقليل و1900 شرطي. وكان عدد الدول المساهمة في هذه القوة العسكرية ومعظمها بلدان أفريقية، يزيد عن الخمسين في نهاية 2022.
وإلى جانب القوات الأجنبية والمالية، تشكل مينوسما هدفًا كبيرا للإرهابيين الذين يستهدفون الوجود الأجنبي ورموز الدولة.
ومنذ العام 2013، قُتل 187 من أعضاء البعثة في هجمات نُفّذ كثير منها بعبوات ناسفة يدوية الصنع وألغام، بينهم اثنان قُتلا في هجوم الأسبوع الماضي.
حصيلة لم تشفع على ما يبدو أمام ما يعتبره البعض عجزا من البعثة في تحقيق الأمن وبسطه في مناطق مختلفة من البلد الأفريقي، وخصوصا الشمال والوسط بدرجة أقل.
وأمس الجمعة، أظهر اجتماع مجددا الانقسامات داخل مجلس الأمن حول كيفية تطوير البعثة الأممية التي أُنشئت في العام 2013، بالإضافة إلى تدهور العلاقات بين البعثة والحكومة المالية منذ استيلاء المجلس العسكري على السلطة في العام 2020.
واعتبر رئيس البعثة الأممية القاسم واين أن عملها من دون موافقة الحكومة سيصبح "شبه مستحيل".
وشدد على أن "حفظ السلام يعتمد على مبدأ موافقة البلد المضيف، وفي غياب هذه الموافقة فإن العمليات شبه مستحيلة"، في إشارة ضمنية إلى أن النظام الحاكم لم يعد يرغب بشكل حاسم بوجود البعثة على أراضيه.
لكن الاستفهامات الذي تظل معلقة في خضم كل ذلك: أي بديل لباماكو لمواجهة الانفلات الأمني في شمالها ووسطها وقطع الطريق على الإرهاب والأهم الاحتفاظ بثقة المجموعات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام؟
تساؤلات ترفع منسوب المخاوف في مرحلة تستعد فيها مالي لإجراء استفتاء دستوري تقاطعه المجموعات المسلحة في الشمال، ما يعني أن أي انسحاب محتمل للجنود الأمميين قد يمنح تلك التنظيمات وغيرها تأشيرة لإعلان التمرد مجددا.
aXA6IDEzLjU4LjQ1LjIzOCA= جزيرة ام اند امز